تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


يوميات فنان...سهيل عرفة : التقط النغمات من الأناشيد الرمضانية

رمضانيات
الأربعاء 27 /9/2006م
م ق خ

تمتد السيرة الإبداعية للموسيقار سهيل عرفة على مدى سنوات طوال تقترب من نصف قرن, وله إسهامات عديدة

في الغناء الوطني والعاطفي والانتقادي الهادف, كما وضع الموسيقا التصويرية لعشرات الأفلام العربية والمسلسلات التلفزيونية.‏

و سهيل عرفة من أبناء حي الشاغور الدمشقي العريق ولد سنة 1935 وكان والده يصطحبه إلى المساجد القريبة من منزل الأسرة في شهر رمضان وكان يذهب مع والده إلى الجامع الأموي ويبقى حتى فترة السحور في المسجد كان يستمع للإنشاد الديني ويلتقط النغمات التي يؤديها المنشدون.‏

واعتمد عرفة مطربا في الإذاعة عندما نجح في غناء أغنية لفريد الأطرش و في عام 1958 وضع لحنه الأول يا بطل الأحرار ولحن لعدد من المطربين, كما وضع الموسيقا التصويرية لعدد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية, وفاز لحنه يا أطفال العالم بالجائزة الأولى في المهرجان العالمي لأغاني الطفولة.‏

يتحدث الفنان عن يومياته الرمضانية فيذكر, انه اعتاد على طقوس رمضان منذ طفولته, وعلمونا وقتها كيف نصوم بالتدريج ( درجات المئذنة ), وعلمونا إذا شربنا أو أكلنا في حالة النسيان فإن الله يضيفنا, وببراءة الطفولة كنا نشرب إذا عطشنا ولا سيما في الصيف وندعي النسيان, ويستعيد ذكريات الطفولة في رمضان بمتعة, ويقول : كنا نشعر أن رمضان يؤنس حياتنا, من الاستيقاظ للسحور, والتواجد عند الزوايا ( المساجد الصغيرة ), كنا نأنس بصوت بابور الكاز وصوت المسحر أبو طبلة.‏

وأهم الطقوس الرمضانية لم شمل الأسرة على مائدة الإفطار, وقد لا يتاح للأسرة الاجتماع على المائدة في بقية أشهر السنة.‏

وينقلنا رمضان من الحياة المادية إلى روحانية جميلة وهي لا تعني العبادات فقط من صلاة وصيام بل تشمل الحياة الاجتماعية حيث تزداد صلة الرحم, ويتصافى الناس وتصفو القلوب ويسامحون بعضهم إذا كانت هناك خلافات قد حدثت من قبل, ويقولون لا يجوز أن يقاطع الصديق صديقه في الشهر الفضيل ويشعر الغني بألم الفقير, وهو يجمع كل الناس فقيرهم وغنيهم وكبيرهم وصغيرهم على المائدة في زمن واحد.‏

ومن الطقوس التي جعلت رمضان محببا إلى الأطفال واليافعين قديما عروض الكركوزاتي, حيث كان يعرض خيالات الظل في شهر رمضان فقط, وكان يقدم عروضه في قهوة السروجي التي كانت قائمة عند مصلبة الشاغور, وكانت يوضع أمام المقهى صندوق الدنيا ويقف العارض ليقول : ( تعا تفرج ياولد على عنتر وعبلة والزير سالم وأبو زيد الهلالي ), وكنا نفرح بالعيد ونشتري الثياب الجديدة ونضعها في فراشنا عندما ننام فرحا بها.‏

ويتابع الفنان عرفة: رمضان فعلا أبو الخيرات, فأصناف الطعام المتعددة التي توجد على المائدة الرمضانية لا توجد أيضا على موائد الأشهر الأخرى, ويستدرك الفنان عرفة هنا أنه لا يحب تناول الكثير من الطعام, إذ إن ذلك يخالف الهدف من الصوم.‏

فالصوم يعني تناول وجبتين في وقتين معلومين السحور والفطور, ويعني هذا التنظيم تنظيم الجهاز الهضمي وتخليصه من الأضرار التي لحقت به طوال العام بسبب تراكم الغذاء فيه نظرا لتناوله بشكل عشوائي في أوقات غير منتظمة, ويرى أن رمضان يقوم بعملية صيانة للمعدة.‏

ويؤكد الفنان عرفة أنه يحب تناول طعامه خلال رمضان في بيته, فلا يدعو أحدا, ولا يذهب لدعوة احد, ويحب خلال هذا الشهر أن ينفرد بنفسه ومحاسبة ذاته لأنه شهر وقفة مع الذات, كما تناول الفطور أو السحور خارج البيت يعني التخلي عن طقس رمضاني مميز.‏

ويأسف لأن كثيرا من الطقوس الرمضانية انتهت, و مع احترامه للنقلات الحضارية والاختراعات الحديثة يؤكد إحياء الطقوس الرمضانية لأنها من التراث الشعبي, والتراث يعني الثقافة الأصيلة المميزة للشعوب, وهناك شعوب ليس لها تراث تسرق تراث الآخرين لتدعي أنها ذات ثقافة وتراث أصيل.‏

ومن السلبيات التي استفحلت أن أغلب الناس ينهون أعمالهم قبيل الغروب ثم يحاولون التواجد في بيوتهم بسرعة عند الغروب تماما, ما يؤدي إلى ازدحام السير ووقوع حوادث قد تكون قاتلة.‏

ويقول لهؤلاء: إذا كنتم تحرصون على التواجد في ذلك الوقت لماذا لا تنهون أعمالكم بوقت مبكر وتذهبون بهدوء, ويقول للمضطرين إلى التأخر : لماذا لا تذهبون بهدوء أيضا ? وماذا يضيركم إذا تأخرتم ربع ساعة أو حتى نصف ساعة بعد صيام 14 ساعة.‏

وحول الدراما الرمضانية السورية يرى الفنان سهيل عرفة أن الحابل اختلط بالنابل, هناك عملان او ثلاثة أعمال جديدة وبضعة أعمال مقبولة, أما أكثر أعمالنا فهي هابطة فنيا وفكريا, وفي وقت ازداد في الإنتاج هناك تراجع في مستوى الدراما السورية, وهذا يعني أننا نسرع إلى الوراء, ويجب على الجهات ذات العلاقة بموضوع الدراما أن تنتبه إلى خطورة وضع الدراما السورية.‏

ويؤكد الفنان عرفة أن نجاح الدراما السورية ليس مقتصرا على عصر الفضائيات, فالنجاح يعود إلى زمن المبدعين الأوائل الذين أسسوا للدراما السورية منذ عصر الراديو أمثال حكمت محسن الذي دخل إلى البيوت العربية من خلال مختلف الإذاعات الناطقة بالعربية التي كانت تطلب أعماله.‏

ويضيف العالم الآن تحول إلى قرية صغيرة وبكبسة زر ينتقل المشاهد من محطة تلفزيونية إلى أخرى, ولم تعد الناس محاصرة بدراما مفروضة وحيدة.‏

ويعرج عرفة على واقع الأغنية ويرى أن الأغنية العربية الأصيلة باتت شبه غائبة, ويذكر أن الأغنية السورية كانت منتشرة في جميع الأقطار العربية حتى مع وجود مطربين عرب, وكثير من المطربين العرب كانوا يطلبون ألحانا من الموسيقيين السوريين, وقد قدمت ألحانا لكبار المطربين أمثال وديع الصافي ومحمد عبد المطلب وشادية.‏

ويأسف لعدم وجود اهتمام من الإذاعة والتلفزيون بالأغنية السورية, وما يقدم منها نادر ولأسباب لا علاقة لها بتقدير الأغنية كأن تقدم ضمن برنامج ألغاز وأحاج, وفضلا عن ذلك تبث الإذاعة والتلفزيون أغنيات لأنصاف الموهوبين الذين يستطيعون الوصول إلى المسؤولين عن البرمجة والتنسيق بطرق التفافية, ويؤكد أخيرا ضرورة وجود صحوة إذا كنا نريد حقا استعادة مجد الأغنية السورية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية