|
سورية زووم وحفظ ما أمكن منها(مثلجاً أو مجففاً) لشتاء بارد يضمحل خير الأرض فيه, وتقل الحركة لتنكمش حول نار المدفأة. وعلى مدار فصل الصيف بالإضافة إلى شهري أيلول وتشرين ينشغل السوريون في أحيائهم بعدد كبير من عمليات التحضير والتجهيز لمونة الشتاء, والتي غالباً ما تختلف بين المدينة والريف وتميز حياً عن حي آخر في كل منهما, على نحو بات لكل منها أنواع محددة من الأغذية تخزّنها, قد لا يكترث بها الآخر, وصار لكل منهم طريقته في التخزين على نحو ترسخت مع الأيام مجموعة من التقاليد أضحت جزءاً من الذاكرة الشعبية للسكان, وأسلوباً لحياة العائلة الشتوية تتوارثه جيلاً بعد جيل. وبعد جيل..(صارت المونة وتصوّرت), وقد بدأت تفرض شروطها المادية أولاً وأخيراً, وتفرز شكلين اثنين لها لكل شكل منهما ناسه, وللناس في شكل مونتهم الشتوية مذاهب...وللمونة في ناسها شؤون, تأخذ عند الفقير شكل الحاجة إذا ما جاء الشتاء وغاب الخضار وارتفعت الأسعار. وتأخذ عند الغني شكل الهوس واستجابة (لشهوة نفس بني آدم), في حاجة الأول جري طوال أيلول لتدبير المخزون قبل الشتاء, و لشهوة الثاني أسواق بالجملة تنتظره لتلبي رغبته قبل أن تكويه بالأسعار)..والسعر لا يعني شيئاً ما دام البال مرتاح. في بلادنا اليوم...المونة وطن للفقير يغرّبه, وهي شقة مفروشة للأغنياء..بعقد إيجار سياحي. manmaher@hotmail.com |
|