تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هل وصلت العولمة إلى نهاياتها?

لوموند
شؤون سياسية
الأربعاء 27 /9/2006م
ترجمة: سراب الأسمر

انتهت أول موجة عولمة اقتصادية قادتها الامبراطورية البريطانية في القرن التاسع عشر يوم أحد في عام 1914 حين قتل غافريلو برينسيب (الأرشيدوق النمساوي فرانز فيرديناند) وزوجته.

والفترة التي تلت كانت شهادة عن مجزرة بان أوروبية Paneuropeen والبلبلة السياسية لسنته ,1920مع ظهور الفاشية وانتهت مع مقتل الملايين في الحرب العالمية الثانية.‏

هل نستطيع القول إن العولمة الحالية وصلت الى نهاية المطاف إذا كان الحال هكذا ليس بالضرورة أن تكون نهايتها موصومة بنفس مذابح القرن الماضي,لكن بتراجع اقتصادي يجر خلفه جموداً ويؤدي الى إفقار مليارات الأشخاص.‏

طرح عدة مرشحين لإبراز دور المعادين للعولمة. راقب أحدهم الاقتصاد العالمي بتكتم ورأى أن المقصود بذلك توجه النمو الى الحد من الانتقال الحر للأشخاص,(وتسوير) عالم الأغنياء.وقد ظهر هذا التهديد مؤخراً وينظر إليه على أنه غير مؤذ وقد نتمكن من التعايش معه.‏

ترادف كلمة العولمة الحركة الحرة لرؤوس الأموال,البضائع,التكنولوجيا,الأفكار ولاسيما الأشخاص وينحصر شكل العولمة بثلاث أو أربع حريات من أصل خمس (الأخيرة غير كاملة ومؤقتة).‏

فما أن يعجز الأشخاص عن الانتقال من مكان لآخر, يصبح بالإمكان إيقاف الحكومة عن الحد من الحركة الحرة للبضائع ولعوامل الإنتاج الأخرى.لأنه حين يرتفع عدد السكان تكثر البطالة وهنا يأتي دور تقوية الحدود الجمركية للحد من حركة التنقل لحماية الوظائف.‏

لكن ماذا عن العاطلين عن العمل المنغلقين في مجتمعهم لقد كشفت (الحرب ضد الارهاب) المخاطر التي تحدث نتيجة الحرمان الاجتماعي الناجم عن هذا الانغلاق.مع ذلك نجد أن بناء الأسوار حول العالم الفني يزداد بوتيرة متنامية,فقد تبني الولايات المتحدة (جداراً مكسيكياً) حقيقياً,لمنع فقراء المكسيك دخول تكساس و كاليفورنيا, وكذلك يموت آلاف الأفارقة كل سنة في محاولة منهم وصول الشواطئ الأوروبية ...‏

وتكشف الجهود المبذولة لاحتواء انتقال الأشخاص النقاب عن نقطة الضعف في العولمة,فالحفرة تزداد عمقاً في متوسط الدخل بين مختلف الدول. فبدلاً من رؤية الدول الفقيرة تتقدم أسرع من الدول الغنية- كما تراها النظرية الاقتصادية - إلا أننا نشهد أنها تتوجه نحو النقيض تماماً.‏

بين عامي 1980-2002 وصل متوسط ارتفاع الدخل السنوي في الدول المتطورة الى 2% بينما وصل الى 0,1% فقط في الدول ال42 الأقل تطوراً. فمتوسط الدخل في أميركا اللاتينية بالكاد ارتفع الآن عن عام .1980‏

هذا التفاوت يشجع الهجرة لاسيما وأن الناس في هذه الأيام يرون جيداً الفرق في شروط الحياة في الدول الأخرى. فإذا اجتازوا الحدود هذا يعني أن دخلهم سيتضاعف ولهذا فهم سيجربون حظهم.‏

لهذا نرى أن الحدود الأكثر هيجاناًِ هي الحدود التي تفصل بين الدول التي يتفاوت فيها جداً الدخل. هناك أربع نقاط ساخنة في الوقت الحالي: الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك ,اسبانيا و المغرب,اليونان وجنوب البلقان,اندونيسيا وسنغافورة.‏

عام 1980 كان فارق الأجور بين الولايات المتحدة والمكسيك أكثر بثلاث مرات ,وأكثر ب5,3 مرات بين سنغافورة واندونيسيا,وأكثر ب3,5 مرات بين اسبانيا والمغرب.‏

فالهوة ازدادت عمقاً بين هذه الدول خلال ربع قرن لهذا السبب ليس مستغرباً أن نرى ارتفاع الهجرة غير النظامية والتجارة بالناس في هذه المناطق.‏

فإذا رفعت العولمة من الفارق في الدخل سنرى أن موجات الهجرة ستتعاظم,وسيضع العالم الثري حواجز أصلب للحد من هذا المد البشري باتجاهها.‏

وإذا استمرت العولمة التي أغنت الدول الغنية بسباقها فما على الحكومات سوى زيادة الدخل بشكل أكثر انصافاً,فغير ذلك يخشى أن تزداد الحواجز التي ترفعها الدول الغنية أمام حرية حركة الخيرات ورؤوس الأموال وكذلك التقلقل السياسي الذي يؤكد الارهاب.‏

فينبغي عدم اعتبار التوزيع العادل للثروات العالمية من قبل الدول الغنية على أنها أعمال خيرية,فهي لمجرد حماية مصالح واضحة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية