|
حديث الناس لخريجي الجامعات, وبعض المعاهد المتوسطة- مثلما أعلن السيد وزير التربية منذ أيام في مجلس الشعب- هي مسألة إيجابية دون شك, تساهم في سد ذلك النقص الحاصل في بعض المدارس, وتساهم من جانب آخر في الإجابة عن تساؤلات بعض السادة أعضاء مجلس الشعب, حول النقص الحاصل في عدد المدرسين في بعض المناطق, وضرورة إيجاد مزايا للتعليم العام. ولكن... وعلى الرغم من ذلك, فإن الصورة الحقيقية, لا تزال غائبة عن وزارة التربية, فالنقص الحاصل في مكان, قد لا يكون نقصا حقيقيا, كما أن الفائض في عدد المدرسين في مكان آخر قد لا يكون فائضا حقيقيا أيضا..!. وهذه المسألة-بالنهاية-تعود إلى حالة تنبىء عن سوء إدارة في العملية التربوية, جراء عدم النزول إلى الميدان, وإلى أرض الواقع, وعدم الإصغاء إلى آراء المتضررين, والذين يتحملون أعباء القرارات العشوائية, والمزاجيات, التي يصعب التعاطي معها, لافتقاد أي مرجعية يمكن اللجوء إليها عندما تطفح المكاييل, والاكتفاء-ربما- بمعلومات منتقاة, تصل جاهزة إلى ما وراء المكاتب, تحمل شيئا من الحقيقة, ولكنها تحمل الشيء الكثير من التضليل, وإشاحة الطرف عن وقائع مهمة, لعدم اعتبارها, وعدم الإحساس بصعوبة الواقع الذي يعانيه بعض المدرسين, وبالتالي عدم الاعتراف بأهمية النظر إلى رفاه بعض المدرسين على حساب التعب والجهد المضني لمدرسين آخرين..!. كيف..?!.. المدرسون المساعدون الذين تخرجوا من معاهد التعليم الإعدادي, باختصاصات مختلفة, ليعلموا مادة الاختصاص, فيما كان يسمى بالمدارس الإعدادية سابقا, تم تحويلهم لتعليم مواد اختصاصاتهم في المدارس الابتدائية, ولكن..كأن هناك حالة سوء فهم لطبيعة مهمة هؤلاء المدرسين والمدرسات-إن لم نقل حالة استشفاء أو ظلم.. أو ربما غيره-حيث تم اعتبارهم وكأنهم آلات ميكانيكية لا تتعب, أو حالة أتمتة حصلت كي يقدموا جهودهم المجانية والمضنية ليرتاح معلمو الصف على حسابهم, حيث يعطى لهم نصاب الساعات كاملا 24 حصة في الأسبوع, فيما تقلص النصاب عن معلمي ومعلمات الصف إلى ساعات قليلة..!. وإن حاول المدرسون المساعدون, الطلب من الإدارات إجراء عملية توفيقية بنصاب عادل بينهم وبين معلمي ومعلمات الصف, كان الجواب الوحيد الغريب: إنكم تعاملون معاملة معلمي الصف..!!. ولا يفيد التنويه من قبل المدرسين المساعدين بأن هذا لا يحصل وحبذا لو أن المعاملة متكافئة فعلا..ولكن..لا حياة لمن تنادي..!. إن كان لمعلمي الصف ظروف اجتماعية تحتاج إلى مراعاة, فإن للمدرسين المساعدين ظروفهم الاجتماعية الخاصة, غير أن الإرهاق الذي يتعرضون له, ضرب عرض الحائط بمختلف الظروف.. وبأشياء كثيرة. هذا الواقع يجعل من صورة احتياجات العملية التربوية مشوهة للمدرسين فعلا, ولا تعود الوزارة قادرة على التفريق بين الاحتياج الحقيقي والاحتياج الوهمي, ولا سيما أن العديد من معلمي الصف يحضرون لدقائق فقط إلى المدارس على أساس أنهم ( احتياط) يسدون فراغ أي معلم أو مدرس يغيب, ولكن هذا الاحتياط لا يطبق كما يجب أيضا. المسألة تحتاج- حقيقة- إلى تشخيص ميداني أدق, من قبل إدارة التربية, حتى تكتمل الصورة عندها, ما يساعدها على اتخاذ القرار الأنسب والأصح.. وما يجعلها قادرة على تقويض أي ظلم للمدرسين. ˆ |
|