تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المخرج فهد ميري: حكاية خريف صورة من المجتمع

ثقافة
الأربعاء 2/3/ 2005 م
حوار محمد قاسم خليل

يبدو ان جانبا من الانتاج الدرامي التلفزيوني الجديد اكثر جرأة من قبل في تناول القضايا الراهنة.

ومن المسلسلات الجديدة التي عرضها التلفزيون السوري مسلسل حكاية الخريف الذي اخرجه فهد ميري عن نص كتبه حسن سامي يوسف ونجيب نصير.‏

وقد عرف الكاتبان بدخولهما في قضايا المجتمع المعاصر بعمق وشفافية وسبق ان شاهدنا لهما (نساء صغيرات ) ( اسرار المدينة) (ايامنا الحلوة).‏

اما المخرج فقد برز من خلال اعمال اجتماعية يكتنفها الدف ء والحنان بعد عدة سهرات تلفزيونية ثم سباعية ( قلب دافئ) ومسلسل ( قبل الغروب) و ( حروف يكتبها المطر ).‏

وقد التقينا المخرج فهد ميري في حوار حول مسلسل حكاية خريف واعماله بشكل عام :‏

>سبق ان رأينا لك اعمالا غير مرتبطة بحدث بينما تتعامل في حكاية الخريف مع احداث راهنة هل يعني هذا تحولا في اختياراتك ?‏

>>العمل الذي انجزناه بعنوان حكاية خريف عمل اجتماعي معاصر بل هو وليد العصر الراهن يتحدث عن شرائح مختلفة من المجتمع ويمكن ان تدور الاحداث في اي مدينة سورية او عربية اخرى. يتناول المسلسل هموماً ومشاكل اجتماعية وطموحات وانتصارات واحلام الناس في مواقع واعمال مختلفة.‏

العمل بني على خلفية احداث الحادي عشر من ايلول وكما نعرف تأثر بها كل العالم وتأثر بها حتى من ليس له علاقة بالاحداث ووصل التأثير لشخصياتنا الدرامية التي يتناولها العمل واحدث تغييرا بتفكيرهم وحياتهم وافعالهم .‏

> هل اصبحت احداث ايلول هاجسا وبالتالي تصاعد تركيز الدراما عليها ?‏

>>حتى نصحح الفكرة السائدة عن المسلسل احداث ايلول جاءت خلفية للدراما نحن لا نتدخل في الحدث السياسي وانما جعلناه خلفية لشخصيات عالجنا مشاكلها وقضاياها وحياتها .‏

مثلا هناك دليل سياسي خطب ويريد ان يبني اسرة جاءت الاحداث فقلبت كل شيء رأسا على عقب وهناك دكتور يدرس في اميركا وطرد منها لان ملامحه شرق اوسطية وعاد دون ان ينهي اختصاصه وبالتالي انعكس هذا الامر على تفكيره .‏

هنا عندنا مجموعة من الامور لم تتدخل الاحداث السياسية وانما انعكاساتها على شخصياتنا طبعا كانت انعكاسات سلبية ولم تأت بشيء ايجابي.‏

>طرحتم افكارا كثيرة ماذا اردتم من ذلك ?‏

>>توجد فيه افكار كثيرة ربما ليست كلها جديدة ومن الافكار الرئيسية هناك فكرة الوصولية او التسلق بلا قيد او شرط وبلا رادع اخلاقي او انساني وهذه من اخطر انماط التفكير والسلوك التي وصل اليها المجتمع العربي .‏

ونحن نتناول هذه المسألة التي وصل اليها المجتمع بشكل منطقي وواقعي الى الحد الذي اجازته الرقابة لأنه يحتوي على جرأة مهمة وواقعية ومنطقية في حياتنا اليومية .‏

>ماذا يميز طرح المسلسل لظاهرة التسلق?‏

>>يمكن ان اعقب على المسألة بطريقة اخرى .. منذ عشرين سنة كان يمكن ان توجه الادانة لشخص غير سوي متسلق وانتهازي او ما يطلق عليه في اللهجة الدارجة ( ماسح جوخ).‏

الآن ظاهرة مسح الجوخ او التسلق اصبحت ظاهرة طبيعية ومنتشرة وغير مستهجنة بل على العكس مطلوبة.‏

ولكن الاخطر فيها مقولة انا ومن بعدي الطوفان بحيث تعشش الانانية في نفوس الناس ويحاولون تحقيق اهدافهم بغض النظر عن انعكاساتها على الآخرين ويتم اعتماد هذه المقولة وتبنيها والترحيب بها .‏

في مرحلة ( انا ومن بعدي الطوفان) نجد ان العلاقات السليمة تكاد ان تختفي ,هذه النقطة خطيرة جدا في حياتنا كأفراد وكمجتمع وهذه ظاهرة لها آثار سلبية بشعة جدا علينا جميعا .‏

ونحن نحاول أن نسلط الضوء على مثل هذه الافكار ونؤكد من خلال معطيات الاحدث التي تمر بها شخصياتنا التأكيد على ان هذه الظاهرة غير انسانية وتعود بالأذى على الجميع ولا يسلم منها احد حتى الشخص الوصولي الذي يقول انا ومن بعدي الطوفان .‏

>عملت ثلاثة اعمال بأسلوب ناعم هادئ لماذا الاستمرار بذات الاسلوب في مسلسل فيه احداث دراماتيكية?‏

>> في تلك الاعمال شيء مختلف مثلا في ( حروف يكتبها المطر ) يوجد شيء رومانسي على الصعيد الشخصي وهنا في ( حكاية الخريف) ربما دراماتيكي لكن رومانسي عندما نرى ان انسانا غيّر حدث مجرى حياته كلها نعدّه رومانسيا بالمعنى الدرامي وربما هو اعمق حرجاً .‏

>سرت مؤخرا موجة استعراض قدرات المخرجين في اللعب بالصورة لماذا لا تسير ضمن هذه الموجة?‏

>>ما دمنا نصور واقعا ما الداعي للفذلكة في التصوير هناك مقولة اكاديمية هي لا تدع الخلفيات تسرق لك الاحداث الاساسية وانا عندي خلفيات الاحداث تسرق الحدث الاساسي انني اتحدث عن انسان وتفاصيل حياة ولا اريد ان تضيع في فذلكة الكاميرا ومن يفعل ذلك يرتكب ,خطأ اخراجيا.‏

> تتعامل هنا بكاميرا واحدة الى اي حد استفدت من دراسة السينما في التصوير التلفزيوني?‏

>>كاميرا السينما تختلف قليلا عن الكاميرا التلفزيونية المحمولة وهي تعمل على نفس مبدأ كاميرا السينما لكن في السينما شيئاً من الاختزال بل السينما اختزال واصعب عمل في الفن ان تختزل وبنفس الوقت ان تعطي الفكر وليس من الاختزال ان لا توصل اي فكرة.‏

التلفزيون فيه اطالة, الحياة فيه ابسط واكثر ارتياحاً والاختلاف بين السينما والتلفزيون في المعطيات وبالتأكيد من يدرس سينما يصبح عنده خبرة في رسم المشهد والتعامل مع الممثلين وايصال الفكرة في الدراما يجب تحقيق متعة وعنصر جمال وجذب للمشاهد كي تتقدم اليه الأفكار التي تريد طرحها من خلال عملك.‏

> اكثر الممثلين من الوجوه الجديدة لماذا لا تأخذ ممثلا جاهزا?‏

>> وجود عدد كبير من الممثلين الشباب يعود لطبيعة النص في هذا المسلسل هناك جيلان مختلفان جيل الشباب العشرينات وجيل الخمسينات وعندما تريد اسناد شخصية الى ممثل تبحث عن الشخص الملائم لها ولا تسندها الى ممثل جاهز.‏

وطبعا عندما تأخذ ممثلا عنده خبرة يكون الاختيار سهلا لمخرج ولكن قد لا تعطيك النتائج التي تريدها ولذلك يجب البحث عن الشخصية الملائمة.‏

هنا شخصيات الشباب كثيرة وقد اسندتها الى ممثلين متمكنين من ادواتهم ولهم تجاربهم وان لم يكونوا قد قاموا ببطولات كاملة في المسلسلات السابقة.‏

>تعود لتقديم تجربة مع القطاع العام بعد تجربة مع القطاع الخاص , اين وجدت المناخ الافضل للعمل ?‏

>>مشكلة القطاع العام الخاص عرض وطلب هناك شركات مقتنعة بي وشركات غير مقتنعة وحرية الاختيار تعود للشركة والمنتج اخرجت ( حروف يكتبها المطر ) لشركة فراس ابراهيم هذا الفنان اقتنع بي وكان النتائج طيبة.‏

هناك أمر اساسي وهو النص أولاً وأخيراً سواء وجدناه في القطاع العام أو الخاص ثم تأتي الخيارات الأخرى اختيار النص هو بداية الاخراج.‏

> الا ترى ان اكتشافك كمخرج له بصمته الخاصة جاء متأخر بعد ثماني عشرة سنة من عملك في التلفزيون?‏

>>الاكتشاف المتأخر في التلفزيون يعود الى هيكلية ادارية لا نضع اللوم على الشخص فالظلم لحق كثيرا من المخرجين الشباب يبدو ان الادارات السابقة كانت غير مقتنعة بالمخرجين الشباب وهذا رأي الادارة وربما حقها.‏

وبالنسبة لي شخصياً احمل جزءاً من تأخر اكتشافي ولي اسباب خاصة فقد عملت في الخليج اربع سنوات لان الدراما السورية لا تطعم خبزاً وانا في الثلاثينيات احتاج الى بيت وتأمين اسرة فسافرت لفترة وعندما شعرت انني اكتفيت ذاتياً واستطعت شراء منزل عدة الى عملي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية