تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


غرق السفينة الكورية الجنوبية وتداعيات الملف الكوري

شؤون سياسية
الخميس 17-6-2010م
د. محمد البطل -باحث في الشؤون الدولية

يسود التوتر العلاقات بين شطري شبه الجزيرة الكورية وجوارها، ويعكس نفسه أيضاً على الدول المهمومة بالملف الكوري وخاصة أعضاء اللجنة السداسية المعنية بهذا الملف،

وإذ تتواصل فيه الاتهامات المتبادلة بين الكوريتين حول حادث إغراق السفينة- البارجة الكورية الجنوبية في 26 آذار الماضي، تتفاعل فيه تبعات هذه الحادثة كورياً وإقليمياً ودولياً أيضاً.‏‏

ففي الوقت الذي تؤكد فيه التحقيقات الكورية الجنوبية- الأميركية والقريبة عموماً أن البارجة العسكرية الكورية الجنوبية- قد أغرقت بواسطة طوربيد كوري ديمقراطي، أطلق من غواصة صغيرة الحجم كانت تراقب المناورات الكورية الجنوبية- الأميركية المشتركة، تنفي كوريا الديمقراطية مسؤوليتها عن الحادث وتشير إلى أنه مفتعل ويهدف إلى «توريط» بيونغ يانغ، وصولاً إلى إضافة عنصر توتير جديد في الملف الكوري عموماً، وتؤكد في الوقت نفسه أنه لايمكن عسكرياً لغواصة صغيرة الحجم أن تطلق طوربيداً قادراً على تدمير بارجة تزن 1200 طن، وأن الكتابة التي وجدت على بقايا هذا الطوربيد باللغة الكورية لم تحفر بآلة خلافاً للتقاليد العسكرية الكورية والعالمية أيضاً.‏‏

ورداً على التهديدات التي أطلقتها كوريا الجنوبية ضد جارتها الشمالية، أعلنت كوريا الديمقراطية تجميد علاقاتها مع جارتها الجنوبية وأقفلت الحدود الجنوبية المشتركة بينهما، كذلك وضعت جيشها في حالة تأهب قصوى.‏‏

وهنا ينظر باهتمام وقلق شديدين إلى مواقف أعضاء اللجنة السداسية: (الصين، روسيا، أميركا، اليابان، الكوريتان) فقد دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خلال جولتها الآسيوية التي ضمت الصين، اليابان، كوريا الجنوبية، إلى فرض عقوبات جديدة على بيونغ يانغ، واستغلت حادثة البارجة مؤكدة أن إغراقها تم بفعل كوري ديمقراطي ودعت «حلفاءها» في اللجنة السداسية إلى اتخاذ مواقف جديدة ضد كوريا الديمقراطية، ووسعت دعوتها هذه بمطالبة أعضاء اللجنة السداسية كافة والعالم إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات العقابية ضد كوريا الديمقراطية.‏‏

هذا في الوقت الذي سعت فيه ولاتزال الصين مضيفة اللجنة السداسية ومقر اجتماعاتها الدائمة منذ بدء «معالجة» الملف الكوري إلى احتواء الموقف والتعاطي السياسي والدبلوماسي معه، وعدم توتير الأجواء بين الكوريتين والمنطقة عموماً، إذ تصنف الصين الشعبية بأنها الحليف الاستراتيجي لكوريا الديمقراطية من جهة، وبأنها الشريك التجاري المهم لكوريا الجنوبية من جهة ثانية، هذا في الوقت الذي التزمت فيه روسيا الاتحادية (عضو اللجنة السداسية) عدم التعليق السياسي على الحادثة، وأشارت إلى ضرورة معالجتها، وتبعاتها في إطار اللجنة السداسية.‏‏

كما دعت الصين الشعبية، خلال اللقاء الثلاثي، الذي ضمها إلى جانب اليابان وكوريا الجنوبية، الذي عقد مؤخراً في جزيرة جيجو الكورية الجنوبية إلى ضرورة الحل الدبلوماسي السياسي وتخفيف حدة التوتر، رافضة بذلك الدعوات الأميركية الهادفة إلى فرض عقوبات جديدة على كوريا الديمقراطية، بل طالبت موسكو اعتماد لغة الحل السياسي- الدبلوماسي للأزمة، وأشارتا معاً إلى مخاطر التصعيد في الملف الكوري وتبعاته على اللجنة السداسية والمنطقة عموماً.‏‏

هذا في الوقت الذي أعلنت فيه كوريا الديمقراطية رفضها للاتهامات الكورية الجنوبية والتحريض الأميركي، وأعلنت أنها على أهبة الاستعداد للدفاع عن سيادتها وربط أي محادثات جديدة في إطار اللجنة السداسية المتوقفة منذ شهور طويلة بوقف أجواء التحريض الكوري الجنوبي- الأميركي ضدها.‏‏

عنصر توتير جديد يضاف إلى تعقيدات الملف الكوري العديدة ويؤشر بدوره إلى صعوبات الحالة في شبه الجزيرة الكورية، وإلى أهمية التباينات القائمة في إطار اللجنة السداسية التي تتزامن مع تصعيد أميركي ضد البرنامج النووي الكوري الديمقراطي وتالياً سبل حله استناداً إلى اتفاقية اللجنة السداسية الأخير القاضي بوقف هذا البرنامج مقابل تعويضات تقدمها أطراف اللجنة السداسية وبضمنها تزويد المفاعلات الكورية الديمقراطية بالماء الخفيف لتشغيل هذه المفاعلات ومساعدات اقتصادية تعوض بيونغ يانغ عن حاجاتها في قطاع الطاقة، وهذا مايطرح مرة أخرى ضرورات التزام أطراف اللجنة السداسية بالاتفاق «المعطل» الذي التزمت به كوريا الديمقراطية ثم جمدت العمل به إثر تراجع أطراف عديدة من السداسية عن الالتزام به وهذا هو الأساس، أما حادثة البارجة وغرقها فقد قدمت بيونغ يانغ اقتراحاً ينص على تشكيل لجنة تحقيق دولية تشارك فيها كوريا الديمقراطية في تأكيد منها على التزامها بالتحقيق المتوازن ونتائجه، وتبعاته أيضاً.‏‏

batal-m@scs.net.org‏

‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية