تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


العلامة الفارقة والوعي العالمي الجديد

شؤون سياسية
الخميس 17-6-2010م
في زيارة التعزية، وتأكيد الموقف المشترك بين سوريةوتركيا أوضح السيد الرئيس بشار الأسد عن العلامة الفارقة في التاريخ الجديد للقضية الفلسطينية من ناحية، ولطبيعة الصراع العربي- الصهيوني

من ناحية ثانية، وكان حرصه على ضرورة أن تقترن الأقوال بالأفعال في تعامل المجتمع الدولي مع إسرائيل في جريمتها البشعة ضد أسطول الحرية واضحاً، وفيه من الإرادة السياسية والحزم مايشير صراحة إلى أن سورية لن تتوانى في تنفيذ كل ماتراه تركيا البلد الصديق الذي امتزجت دماء مواطنيه مع دماء شعبنا العربي في غزة لتصبح مياه غزة، وشواطئها نافذة العبور إلى الفضاء الإنساني الأكمل في عصرنا الحاضر، بعد أن شوهت أميركا ومن معها في دعم إسرائيل- في حقبة ما مضى- كل معنى نبيل لهذا الفضاء المطلوب دوماً.‏

وإذا كانت زيارات السيد الرئيس- والدبلوماسية السورية - تمنح بلدنا دوماً قوة الموقف الإقليمي، والدولي، وتعرّي صورة الغطرسة الصهيونية عند قادة الكيان الصهيوني فتنكشف الأبعاد الحقيقية لأحلام التلموديين التي لم تقم سوى على القتل، والمزيد منه، وعلى النازية والمزيد منها، وعلى الحرب الدائمة على الُعزّل والضعفاء والمزيد منها، وكأنّ المجتمع الدولي يعيش في فراغ سكوني تحدد إسرائيل شكل خارطته، ومرامي اتجاهاته، وتظن أنها ستبقى على طول الوقت ممسكة به، ومسيطرة عليه.‏

إن معظم أحاديث القادة المعنيين بالحدث- أي الجريمة البشعة التي ارتكبت ضد الإنسانية في القرصنة التي وقعت على أسطول الحرية وقتل المتضامنين الذين كانت أغلبيتهم من الأتراك- قد أشارت إلى تاريخ مختلف دخلته سيرورة الصراع العربي- الصهيوني، وهذا التاريخ في أبسط قراءة تحليلية له نتوصل إلى أن «إسرائيل» لم تعد تملك أي حجة- بعد هذا الحدث- على إقناع العالم بأي كذبة مما كانت قادرة عليه في زمن مضى، وها هي أقوال السيد أردوغان صريحة في أن إسرائيل تمثل (معملاً) من الكذب وتزييف الحقائق، فهي قد كذبت على المجتمع الدولي، وصدقها بعض الوقت، لكنها لن تستطيع الكذب عليه كل الوقت.‏

ومن الطبيعي- كما قال الرئيس التركي غل- ألاتعود المياه إلى مجاريها وينسى الذي نزفت دماؤه حتى بعد أن يتم الوصول إلى تسوية بخصوص هذا الموضوع اللا إنساني المدان كجريمة حرب ضد الإنسانية، وقد شهدنا دعوة إلى تحقيق دولي حيادي مطابق للمعايير الدولية بالهجوم على أسطول الحرية من السادة: كوشنير، وفراتيني وموراتينوس وزراء خارجية فرنسا، وإيطاليا، وإسبانيا وذلك عبر مقال مشترك للمعنيين نشرته صحيفتا (لوفيغارو، وهيرالدتريبيون) الدوليتين، وورد في المقال: «إن العملية العسكرية الإسرائيلية في المياه الدولية ضد قافلة أسطول الحرية قد تسببت في إحكام العزلة على إسرائيل» كما ورد في المقال المشار إليه وهو تحت عنوان (أسطول غزة بعد المأساة) أن العالم أجمع قد صعق بالنتائج المأساوية التي أسفرت عنها هذه العملية، وقد أدانها مباشرة، وقد أكد الوزراء أن بلدانهم قد أدانت فوراً هذا العنف ضد الأسطول ودعوا إلى إجراء تحقيق دولي حيادي وشفاف ينسجم مع إعلان مجلس الأمن الدولي الذي صدر في 1/6/2010 ومع أن الرئيس أوباما وإدارته قد أبديا قلقاً إزاء الهجوم على أسطول الحرية، لكنه قد أيّد إجراء «إسرائيل» بأن تقوم هذه الأخيرة بتحقيق منفرد بجريمة قرصنتها، ومن العجيب أن تبقى عقلية حماية إسرائيل من جرائمها عند أميركا، وإدارة أوباما التي توحي بسياستها الجديدة بأنه باتت تفضل الحوار على صور الحرب والعدوان بالوقت الذي تتصاعد فيه حدة الرفض الداخلي لجرائم «حكام إسرائيل» من قبل صحافتهم، وأصحاب الرأي عندهم.‏

وفي هذا الخصوص كتب الصحفي الصهيوني في جريدة (هآرتس) يوئيل ماركوس مقالاً بعنوان: (أثرنا أعصاب العالم) أكد فيه على شدة ردود الأفعال الدولية على قرار إسرائيل- وقف الأسطول البحري- وقد أثارت أعصاب الأصدقاء، والأعداء (على حد قوله)، ويتابع ماركوس: (بعد أن سمعنا التحليلات، إلى حد الإرهاق، ورأينا المشاهد المحرجة، فإن ماينبغي أن يقلقنا هو حملة نزع الشرعية عن إسرائيل» ويقول الكاتب: «إسرائيل بحاجة ملحة إلى تغيير الاتجاه» ويسأل نفسه كيف؟ و يجيب بأن تكفّ عن أن تكون محتلة، ويصارح الكاتب قراءة أن صورتهم كمحتلين قد أدخلت الفلسطينيين بنجاح إلى الوعي العالمي، وإسرائيل بحصار غزة تؤكد صورتها السلبية».‏

ويعترف الكاتب أن سياسة «إسرائيل» القائمة على أنّ مالايُحل بالقوة يُحل بمزيد من القوة أصبحت غير مقبولة من قبل أميركا، والاتحاد الأوروبي ويقدم الكاتب نصيحته لحكام كيانه بأنه بعد الاستيلاء على السفينة- مرمرة- تبين أنه يمكن الاستخفاف ببعض العالم لبعض من الوقت، لكن لايمكن الاستخفاف بكل العالم طوال الوقت، وقد علق على هذا الموضوع عضو الكنيست الصهيوني نجمان شاي قائلاً: «شيء ماهزل في العقل اليهودي، ففي كل فشل لنا توجد بداية لفشل جديد».‏

نعم- أيها الغاصب المحتل في كل فشل لكم بداية جديدة لفشل جديد، هكذا كانت سنة الحياة مع القوى الغاشمة والمحتلة فهي دوماً تفرز بذور فنائها من ذاتها، وأنتم الآن تغرزون بذور فنائكم طالما بقيتم محتلين.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية