تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ماذا في مفكرة الكهرباء الصيفية ؟!

تقارير
الخميس 17-6-2010م
أمل السبط

في مطلع كل صيف تتكرر الحكاية.. تبدأ عمليات التقنين في دمشق وريفها وتصل في بعض المناطق إلى أربع ساعات انقطاع في اليوم.

الصيف الذي بدأ لا يختلف عما سبقه إلا بتراكم أجندة وزارة الكهرباء بالملفات الصعبة، من ملف العجز والنقص في الاستطاعة إلى الطلب المتزايد الذي يزداد تعقيداً مع كل صيف إلى ملف برميل النفط الذي يتجه إلى مزيد من الارتفاع وباستثناء جرعات التفاؤل الإضافية يمكن القول: إن المنظومة الكهربائية بمأزق في مواجهة العجز ونقص الاستطاعة، فماذا في مفكرة الكهرباء الصيفية؟‏

تستند وزارة الكهرباء هذا الصيف في تلبية الطلب اليومي على الطاقة الكهربائية الذي تدل المؤشرات على أنه مستمر بالتزايد ويرتبط بدرجة الحرارة وإمكانية انتاج الكهرباء على رفد المنظومة الكهربائية باستطاعات توليدية جديدة تغطي الطلب وتقادم مجموعات التوليد العاملة في المنظومة وتوفير احتياطي كاف لا يقل عن 20٪ من ذروة الاستطاعة، فضلاً عن أعمال الصيانة الدورية والوقائية التي تؤمن استمرار التغذية الكهربائية خلال أشهر الصيف، إضافة إلى زيادة كميات الغاز المتاحة لإنتاج الكهرباء.‏

لكن موضوع الكهرباء هذا الصيف يتوزع على أكثر من سبب وأكثر من مشكلة والمشكلة الأهم تتعلق بعجز مؤسسات توليد وانتاج الطاقة عن تأمين أثمان المحروقات لتغطية استهلاك المحطات من مادتي المازوت والفيول وخاصة مع توقعات ارتفاع سعر برميل النفط، إذ يرجح المحللون أن يكون الانعكاس الأكبر لعودة ارتفاع سعر البرميل على عجز الكهرباء.‏

بيد أن مصادر وزارة الكهرباء تؤكد تراجع العجز هذا الصيف مع إضافة 500 ميغاواط إلى المنظومة الكهربائية في محطة دير علي بداية العام.‏

وفي الإحصاءات ارتفع الطلب الداخلي على الطاقة الكهربائية منذ مطلع أيار الماضي بنسبة 10٪ عن الطلب خلال الفترة ذاتها العام الماضي، مع العلم أن الطلب على الكهرباء ارتفع منذ عام 2005 إلى عام 2008 من 25 مليار كيلو وات ساعي إلى 40،8 مليار كيلو وات ساعي، أي بنسبة 160٪ تقريباً، أما الطلب على الاستطاعة الكهربائية، فقد ازداد من 4128 ميغاوات ليصل إلى 6839 ميغاوات في العام ذاته، بنسبة زيادة 165٪ بينما لم يطرأ تغير ملحوظ على الاستطاعة المركبة في محطات التوليد منذ عام 2000 سوى تنسيق مجموعات توليد محطة قطينة والتي تبلغ استطاعتها 154 ميغاوات وانعكس ذلك على مجمل الاستطاعة المركبة من المنظومة بحيث تتم تغطية الطلب على الطاقة.‏

ومشكلة ارتفاع الطلب التي تزداد تعقيداً مع كل صيف تضاف إلى مشكلات أخرى، أبرزها ارتفاع درجات الحرارة ، ما يؤدي إلى انخفاض إمكانية تحميل المجموعات الحرارية وبالأخص المجموعات العاملة على التبريد الجاف والمجموعات الغازية وانخفاض الواردات المائية، ما ينعكس سلباً على انتاج وتحميل المجموعات المائية.‏

ويتخوّف الكثيرون اليوم من تكرار سيناريوهات الصيف الماضية مع جرعة تفاؤل إضافية من أن تتمكن مجموعات التوليد الجديدة من تلافي النقص الحاصل في الاستطاعة المتاحة.‏

ويتفق البعض أن الانقطاعات في التيار الكهربائي ليست سوى قمة لجبل جليدي، ولاسيما إذا تحركت المشاريع الصناعية والسياحية التي يتم الحديث عنها هذا العام، الأمر الذي من شأنه أن يسرّع تنفيذ القرار المتعلق بتحرير الطاقة الكهربائية.‏

وعلى الرغم من أن وزارة الكهرباء باشرت بالإجراءات المتعلقة بمشاركة القطاع الخاص، غير أن المراقبين يرون أن القطاع الخاص لن يقدم حلولاً سحرية، في إشارة إلى ضرورة فصل قطاع توليد الطاقة عن قطاع نقل الطاقة أولاً وإعداد التشريعات اللازمة وإصدار مجموعة من القوانين الجديدة، كقانون الكهرباء وفق ما سيؤول إليه قطاع الكهرباء وإعداد ما يسمى قانون الشبكة الكهربائية ملاءمته مع التطورات المتوقعة وإصدار الأنظمة التي تنظم عملية إنتاج الطاقة من قبل المستثمرين وشراؤها من قبل الدولة.‏

وإلى حين تعديل واستقرار وضع المنظومة الكهربائية فإن قضية الكهرباء باتت تحتاج إلى جدية أكبر في المعالجة ولاسيما أن أمام السيناريوهات المطروحة أحد الخيارين، فإما اعتماد تقنين مبرمج لتتمكن مؤسسة التوليد من برمجة إنتاجها وفقاً للمخزون النفطي، وإما أن يقدم على تعديل حتمي في سعر التعرفة ليتلاءم مع أسعار النفط العالمية المتجهة إلى الارتفاع ولكن عبر سياسة شاملة ومتكاملة لا تتعلق بأسعار الطاقة الكهربائية فقط بل بأسعار الطاقة على مختلف أشكالها وحواملها بحيث تستطيع تلبية شروط التنمية المستدامة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية