تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نافذة .. إسرائيل وتحديات الواقع الجديد ..!

آراء
الخميس 17-6-2010م
سليم عبود

العالم اليوم هو غير العالم بالأمس،.

والصمت الذي فرض على غزة على مدى سنوات، انفجر كعاصفة، لقد شكلت الرصاصات التي أطلقها الجنود الصهاينة على سفن قافلة الحرية بداية لغضب معلن بفضح الجلاد الإسرائيلي ويكشف عن وجهه الحقيقي.‏‏

يقول رجل غزاوي لبرلماني عربي زار غزة مؤخراً:‏‏

«صحيح أن الحصار لم ينته، لكن صمته الثقيل الموجع انتهى»‏‏

وبعد سكون نفر في عينيه كالدمع يتابع: «أنا على يقين أننا أمام مرحلة جديدة»‏‏

بالتأكيد .. غزة أمام واقع جديد‏‏

إسرائيل.. اليوم في وضع آخر غير الماضي، فلم يعد العالم يقتنع بمسوغات كانت تعلنها قبل أو بعد كل جريمة من جرائمها.‏‏

يصف الكاتب الإسرائيلي بوئيل ماركس «ما يقلقنا هو حملة نزع الشرعية عن إسرائيل، لقد حقق هذا الحدث الفاشل لنا مشكلة».‏‏

العالم الذي كان يدعم إسرائيل لم يعد يرى في أعمال إسرائيل الإرهابية، وتهديداتها لدول المنطقة أعمالاً مبررة، لقد فقدت هذه الأعمال الإجرامية شرعيتها وبدت على حقيقتها أعمالاً إرهابية وإجرامية، وأنها لا تستهدف الفلسطينيين وحدهم وإنما تستهدف أمن وسلام العالم كله، وحادثة الاعتداء على سفن أسطول الحرية الذي يحمل أحراراً من أكثر من أربعين دولة، الدليل القاطع على أن إسرائيل دولة فاشية وعدوانية ومعادية للحرية والسلام.‏‏

يقول كاتب بريطاني: «الأعمال الإسرائيلية الإجرامية راحت تثير الملل في الغرب وتثير الغضب في العالمين العربي والإسلامي، الأنظمة المعتدلة في أي بلد عربي وإسلامي لم تعد قادرة على كبح جماح هذا الغضب الذي يشبه الطوفان في شوارع المدن العربية والإسلامية، ماتفعله إسرائيل وصل إلى مرحلة المقارعة المباشرة، مع دول كثيرة، وجهات كثيرة في هذا العالم، وهذه الرؤية التي كانت تنظر فيها إسرائيل إلى الأحداث كانت إلى مرحلة قريبة غائمة أم غائبة لدى كثيرين في العالمين العربي والإسلامي، ربما لأن الغرب أراد ذلك، لكن هذا الغرب لا يستطيع تحمل عبء هذا التبرير، ما يحدث الآن يجعل إسرائيل في موضع صعب هل يتفهم الإسرائيليون ذلك؟! بالتأكيد إن غرور نتنياهو يمنعه من رؤية الحقيقة.‏‏

إسرائيل إلى وقت قريب كانت تقابل بتعاطف الغرب، بات قادتها الحاليون يثيرون سأم هذا الغرب، لأن سياستهم التي تقوم على الغرور والقوة لم تعد محتملة، في الإعلام الغربي نقرأ هذا السأم اليوم. وتصريحات برلمانيين وسياسيين غربيين تحمل كثيراً من الاستهجان لتصرفات إسرائيل، اعتداء إسرائيل على قافلة أسطول الحرية كشف وجه إسرائيل الوحشي واللاأخلاقي.‏‏

الكاتب الإسرائيلي عاموس عوز كتب في هآراتس: «يبدو لنا مرة بعد أخرى أن كل مشكلة تواجهنا قد تحل بالقوة، ها نحن نحصد ثمار هذه السياسة البلهاء».‏‏

الكاتب الإسرائيلي نحميا شتر سلر يكتب في هآراتس مقالاً بعنوان «دولة تنتحر»‏‏

يرى فيه أن إسرائيل تتجه نحو نهاياتها بسبب سياساتها الرعناء المتهورة، ويطلق على نتنياهو اسم سانشو بانشا إشارة إلى بطل رواية «طواحين الهواء» للكاتب الإسباني سرفانتس، ويرى أن القيادة الإسرائيلية تراهن على المدى البعيد، وأن العالم في رأي هذه القيادة سيتفهم على المدى البعيد الموقف الإسرائيلي من أسطول الحرية، ومن السفينة «مرمرة» ويتابع الكاتب الإسرائيلي «قبل سبعين سنة سبق أن قال الاقتصادي الشهير جون كيتر إنه لا ينبغي الحرص الكثير على المدى البعيد، وذلك لأننا على المدى البعيد سنكون كلنا أمواتا».‏‏

كتاب إسرائيليون آخرون يرون أن إسرائيل تمر في أزمة سياسية وأخلاقية ووجود، وأنها تتقزم في كل شيء، في قوتها العسكرية والإعلامية، فالعالم الذي كان يدافع عن إسرائيل ويرى فيها الدولة النموذج للقوة والسيطرة والدعاية، راح يكتشف أن إسرائيل تهبط في كل شيء إلى الدرك الأسفل، وأن استمرار حصار غزة راح ينقلب إلى وصمة عار، فالعالم لن يقبل على الدوام استمرار سجن مليون ونصف المليون بذريعة الإرهاب ووصول السلاح، وأن دول الاعتدال التي راهنت أميركا على صمتها في الماضي هي اليوم في وضع صعب، ولا تستطيع الصمت طويلاً، لأنها لا تقوى على مواجهة شعوبها الغاضبة.‏‏

يقول كاتب إسرائيلي: «وحتى الأصدقاء الطيبون من يوم أمس يرون فينا عبئاً، ليس فقط طيب رجب أردوغان رئيس وزراء تركيا، الذي وصف العملية على قافلة الحرية بأنها إرهاب دولة، بل، وأيضاً، ممثلو البرازيل والنمسا والمكسيك الذين طالبوا إسرائيل برفع الحصار عن غزة، ووزير الاتحاد الأوروبي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والرئيس الفرنسي ساركوزي الذي شجب الهجوم عديم التوازن, كما أن هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية لم توفر أقوالها الانتقادية وكذلك -أيضاً- الرئيس باراك أوباما الذي أوصى بإجراء تحقيق دولي مصداق وشفاف، إذ هو لا يثق بنتنياهو.‏‏

وضع الكيان الصهيوني اليوم في وضع صعب، منذ حرب عام 2006 على لبنان والكيان الصهيوني في أزمات متعددة. أزمة على صعيد الداخل الإسرائيلي، وأزمات في المؤسستين العسكرية والسياسية، وأزمة مع العالم، وهذا الوضع يزداد اليوم تعقيداً، لأن إسرائيل راحت تفقد هذا التعاطف الذي برر كل أعمالها الإجرامية لدى الرأي العام العالمي، وفي المحافل الدولية.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية