تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ندوة العروبة والمستقبل.. الإحياء العروبي (أفكار في الموضوع)..

آراء
الخميس 17-6-2010م
يوسف مصطفى

ينعقد في دمشق بدءاً من 15/5/2010، مؤتمر بحثي، أو ندوة فكرية بعنوان: «العروبة والمستقبل».

وقد سبق أن عقدت ندوة «تجديد الفكر القومي» عام 2008 ، ان مثل هذه الندوات تملك مشروعيتها وسط مشهد عربي رمادي لا يحمل « الحد الأدنى » المطلوب في مواجهة ما آل اليه الوضع العربي.‏‏

ولولا صمود سورية، والمقاومتان اللبنانية، وتجلياتها في حرب تموز 2006م، والفلسطينية ، وصمودها في غزة، وبعض الموقف العربي من قطر وغيرها. لكان ظلام «كامب ديفيد» يخيم كاملاً على المنطقة العربية.‏‏

لقد غاب الهم القومي عن الغالب العربي، وكل يبحث عن خلاصه الشخصي، والكل يعرف ان الخلاص القطري لن يثمر قوة اقتصادية، وعسكرية ، وبشرية. .بل يؤدي الى مزيد من التبعية، والضعف في عصر «عولمي كبير » لامكانة فيه لضعيف.‏‏

هذا التقديم هو مدخل أردته لأؤكد الضرورة الملحة لكل حراك قومي «احيائي» سواء على المستوى الرسمي، ان توفر ، وإلا فالخيار الاحيائي العروبي هو خيار «شعبي» تحمله القوى الحية في الأمة: أحزابها، منظماتها، نقاباتها، مثقفوها، جمعياتها الأهلية، صحافتها، تأليفها، ندواتها، إعلامها الخ... وكل الممكن في اطار التجديد القومي، والاحياء العروبي، الرسمي والشعبي.‏‏

هذه الاحيائية العروبية أراها بداية، وضرورة لإمكانية امتلاك زمننا العربي أو بعضه. فالمقاومة وصمودها في الظاهرة المقاومة اللبنانية «نمظ احيائي» في حياة الأمة، وامتلاك لقوة الردع، والرد على العدو من موقع يحمل الكثير من «الندية» ومعادلة الردع، وإنتاج ثقافة مقاومة جديدة خلاصتها: إن المعركة مع العدو ممكنة، وان المقاومة الشعبية ضده، وبتجلياته المختلفة هي بؤرة تأسيس قومي، وعروبي، لوجود الأمة، وكيانها ، وقواها المناضلة، والمقاومة، واحيائية للزمن العروبي.. لذلك أرى ان «المفهوم المقاوم» اليوم وتجليه على الساحات الثلاث.. اللبنانية، والفلسطينية، والسورية هو ظاهرة تجديد، واحياء عروبي ، وقومي. وفعل يملك زمنه ، وتأثيره ، وتأسيسه المستقبلي.‏‏

إنه العنوان «المقاوم» وهو أحد تجليات النهوض في حياة الأمة.‏‏

إن المشهد المقاوم في العراق، وما دفعته امريكا من خسائر بسبب احتلالها للعراق، هو نمط عروبي مقاوم، أيا كانت ظروفه، وتداعياته، وهكذا كل فعل «مقاوم» وصامد.‏‏

الحديث عن «عروبة احيائية» جديدة لا يعني إلغاء افكار عرفتها الاحيائية القومية في القرن التاسع عشر، والقرن العشرين حتى نكسة 1967م، وكامب ديفيد وتداعياتهما حيث التآكل في العمل القومي.‏‏

بل تجديد العزم، والارادة، والحركة، والاضافة المعرفية، واكتشاف السبل والوسائل لدفع العمل القومي وهي المكملة، والمبلورة، والمضيفة لأفكار التأسيس القومي، العروبة في الأساس هي التجسيد العملي، والحركي لمفهوم الوعي القومي، والهوية القومية.‏‏

جاء في بعض الأدبيات القومية: «العرب أمة واحدة لها الحق في ان تحيا في دولة واحدة، وان تكون حرة في توجيه مقدراتها».. والرؤية هنا لمفهوم الكيان القومي ، مقترنا «بالمقدرات الاقتصادية».‏‏

إذاً الرؤية القومية العربية ليست حلماً رومانسياً بل هي كينونة معاشة، أحد أركانها «الفعل الاقتصادي» ، لذلك في الاشتغال على «الاحيائية العروبية» .. يجب ان تكون الرؤية الاقتصادية للممكن في العمل الاقتصادي العربي، وبرامجه التنفيذية في الأساس الاحيائي القومي العروبي.‏‏

المرتكز الثاني في الاحياء العروبي هي: إن العروبة «فكرة جامعة» ولكل أبناء الأمة، وتياراتها. انها مفهوم «شعبي» جامع، يرتقي فوق الخلافات السياسية، او السلطوية.‏‏

المرتكز الثالث: مسألة التراث، والمعاصرة.. فالعروبة تربط التراث بالمعاصرة، والحداثة، ربطا تحليلياً اجتماعياً، وواقعياً. ليس فيه تناقض بين الأصيل في فكرنا، وتراثنا وحاجة حداثتنا اليوم، أو بين اسلامنا، وعروبتنا، ومعاصرتنا، والاسلام ، والمسيحية مرتكزان عروبيان أصيلان في وعينا، وتاريخنا، وحضارتنا. والرؤية العروبية رؤية انفتاحية، ومتسعة الألوان، وتحترم الخصوصيات، وتعتبر «التمايز» غنى حضاريا، وتنوعاً ابداعياً.‏‏

العروبة «جامع استراتيجي» للجماعات ، والتيارات، والروحيات، والحوارات العقلانية الواعية، والمسؤولة، كونها احساساً داخلياً، وإرادياً فاعلاً يحتاج وعيه الحركي.‏‏

إن مقولة التضامن العربي والمصالحة العربية هما خيار آخر لابد منه ، لأن البديل هو القطيعة ، والتحدي والانقسام ، فالجميع مستهدفون ، و لا سلامة لجهة إلا بالحد المطلوب من العمل التضامني ، والتضامن الذي نعنيه لا يلغي التباين ، لكنه يحسن إدارة الخلاف واستثمار الهامش الإيجابي بحثاً عن هامش أوسع في العمل الاحيائي القومي.‏‏

العروبة الاحيائية هي دعوة عقلانية واعية ، باحثة عن آليات ، واشكال في العمل والبناء ، هذه الآليات تحمل واقعيتها وتدرجها وامكانية مقاربتها او تنفيذها، في العمل العروبي التنفيذي لابد من تفعيل مؤسسات العمل العربي المشترك بدءاًَ من جامعة الدول العربية إلى مؤتمرات القمة، إلى الاتفاقيات الاقتصادية ومفرداتها ، إلى مسألة الأمن المائي، والاقتصادي، والغذائي العربي وكلها حاجات شعبية وجماهيرية.‏‏

لابد من توسيع الهامش الديمقراطي على مستوى الاقطار ، وعلى المستوى القومي ، وتمتين الوحدات الوطنية الداخلية ، كونها الأساس في البناء القومي الاحيائي المشترك، فالوحدات الوطنية القوية أساس في البناء القومي.‏‏

في الاحياء العروبي يحدد التناقض الرئيسي والثانوي ويشتغل على الرئيسي وعلى محاور المصالح العليا للأمة بعيداً عن الانشغالات الجانبية ، وغير الاساسية ، الإحيائية العروبية وصياغة لغتها وخطابها لابد من /الثقافة/ بكل فروعها وميادينها الأدبية والفنية والاجتماعية والبحثية والعلمية وهنا لابد من تطوير البحوث والدراسات والجامعات والتطبيقات التقنية.‏‏

في العمل العروبي لابدمن برامج وخطط وزمن ومحاور وتفصيلات ومهام وهذه كلها تحتاج مفكريها ونخبها ومن ثم حاملها الاجتماعي والتقني وارادته الواعية.‏‏

في العمل العروبي لابد من الاستفادة من ظاهرة الاغتراب وتوظيفها التوظيف المهني والعروبي الحضاري في حمل قضايا الامة والعروبة وتوضيحها ،والدفاع عنها.‏‏

إن /الشباب/ هم نسغ الامة المتجدد والاهتمام بالجيل وتربيته عروبياً و قوميا ولقاء الشباب العربي في الجامعات والمعسكرات والندوات والزيارات وكل أشكال لقاء الشباب العربي ، وحواره هو عمل عروبي وقومي.‏‏

/الأحياء القومي العروبي /حاجة حياة للأمة وجماهيرها وهو عمل وواجب وطني وقومي لكل القوى الحية ، والعقلانية ، والعروبية ، والإسلامية والمسيحية وغيرها فهو خيار مستقبل ووجود.‏‏

وإذا كانت هذه الندوات وعناوينها الكبيرة هي محطات ، فتفاصيل العمل العروبي ،ومفرداته تحتاج الكثير وتحتاج الفعل والمبادرة والعقل والمتابعة والاهم امتلاك ما نسميه ارادة العمل القومي العروبي.‏‏

والفعل الانساني بكل أشكاله فعل إرادي‏‏

 كاتب وباحث‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية