تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في قفار أفغانستان

الافتتاحية
الخميس 17-6-2010م
بقلم رئيس التحرير أسعد عبود

وجوه عديدة بدت مشدوهة وهي تطالع ما نُقل عن علماء جيولوجيين أميركيين، من أن هذه الدولة الفقيرة المعذبة منذ ابتليت بمحاولات الاحتلال وما تبعها وذيولها وتشعباتها، تختزن في صخورها ما قيمته تريليون دولار من المعادن الاستراتيجية كما وصفها الخبر.

للذي لا يعلم نقول:‏

التريليون يساوي ألف مليار.. وهذا المخزون من المعادن الموجود لدى أفغانستان، والذي صرح به الجيولوجيون الأمريكيون، يجعلها بمستوى دولة نفطية متوسطة الامكانيات.‏

ويرشح ذلك أفغانستان لتكون دولة صناعات تعدينية ومعدنية متميزة بالتأكيد بما يرفع كثيراً من قيمة معادنها المختزنة.‏

تصوروا لو أنفقت تلك الأموال التي وظفوها لاحتلال أفغانستان وإذلال شعبها على صناعة استخراجية تعدينية!!‏

لا يمكن للرأسمالية أن تنظر إلا بعين الاحتكار والسيطرة والاستغلال.. سمّت ذلك منافسة أم سمّته محاربة إرهاب.‏

غالباً يُطالب أي كاتب أو تاريخي أو محلل أو عارض لشأن ما أن يبتعد عن «نظرية المؤامرة».. وإذا كان من الصحيح فعلاً أن كثيرين أسرفوا في استخدام هذه النظرية إلى درجة مضحكة أحياناً.. فقد استغل أصحاب المؤامرات الرأسمالية سذاجة المسرفين بادعاء المؤامرة، ليبعدوا أي عقل عن التفكير وجمع المعلومات ومقاطعتها للوصول إلى حقائق جديدة هي غير ما يتلى علينا من بيانات، وبالتالي:‏

نرى أن المؤامرات حقيقة قائمة دائماً وعبر التاريخ واليوم أكثر، وضعنا نظرية للمؤامرة أم لم نضع.‏

أفغانستان دولة بسيطة فقيرة شبه منسية في القفار الآسيوية.. فجأة يتعاقب عليها الغزاة.. وتصبح هدفاً لمحاربين وقوى عالمية عظمى تصل إلى حد تدخل أكبر حلف عسكري إستراتيجي في التاريخ بحجة إخضاع عدة آلاف من المقاتلين فيها..!!‏

والمذهل فعلاً وحقاً، وبغض النظر عن أي موقف سياسي، أنهم لم يتمكنوا من إخضاعهم.. بل إن هزائم الناتو أمام طالبان الأفغان في تزايد.. إلى درجة جعلت شخصية بارزة في الحلف تصرح علناً أن غزو الناتو لأفغانستان كان خطأ قاتلاً.‏

سواء كان ما قاله علماء الجيولوجيا الأميركيون اكتشاف اليوم أم هو أصل الدافع لغزو أفغانستان منذ بدء هذا الغزو.. فإن الأمر سيزيد من الكوارث اللامقبولة واللاإنسانية التي تصيب هذا الشعب المقاتل الفقير.‏

إن تسليم العالم للولايات المتحدة والناتو أنهم في أفغانستان إنما هم يحاربون الإرهاب.. يعني ترك جرح فاغر ينزف دماء وقيحاً.. ستنتقل عدواه إلى مواقع أخرى وقد انتقلت..‏

وإلا ما هذا الذي يجري في باكستان؟..‏

هناك أيضاً في باكستان نيات سيئة خلفها الاحتكارات والرأسمالية وشهوة الطغيان والتسلط.. لا تترك لهذا البلد الكبير المهم أن يستريح.‏

بل حتى الهند نفسها ستتأثر كثيراً بالجحيم الذي أقيم للشعب الأفغاني منذ عشرات السنين وما زال هناك من يدفع بالوقود لأتونه الملتهب.‏

ألا يستحق الأمر أن يصرخ أحد في العالم:‏

ثم ماذا..؟! وإلى متى..؟!‏

صرخة مسلمين مثلاً.. أو أحرار.. أو إنسانيين.. هل صحيح أن كل هذا الذي مُورسَ في أفغانستان وباكستان وغيرهما.. هو مقتضيات مكافحة الإرهاب..؟!‏

أم هناك جواب آخر؟!‏

كل ما أستطيع قوله: إن العراق دُمّر ولم يكن من أسلحة دمار شامل..!!‏

a-abboud@scs-net.org

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية