|
معاً على الطريق حتى عندما تطرق كل باب.. بل تقتحم عوالم البشر من الصغار إلى الكبار.. ومن مختلف الأعمار فما الذي ينتظره القرن الحالي الحادي والعشرون.. أم إن البشر ماضون بأقدامهم إلى ما لا يعلمون أكثر مما يعلمون؟ أما الكلمة (الرياضة) فكان المقصود بها لغوياً على الأقل ترييض العقل.. أو شحذه.. أو النبوغ فيه بالحساب والهندسة والأرقام.. حتى إنهم كانوا يفرقون في التعبير بين الرياضة الذهنية هذه وبين الرياضة البدنية التي أصبحت رياضات فوقها رياضات وبدأت تأكل مساحات الحس والشعور.. وتصرف الأوقات قبل اهتمامها بما تتركه هذه الرياضة أو تلك من حوافز للتنافس وتنشيط الأبدان.. والعمل على اكتساب مهارات معينة هي عون للإنسان في حياته حرباً وسلماً.. أو تقدماً وعلماً. وقالوا فيما قالوه في أهداف الرياضة إنها بانية الحضارة للشعوب.. وإنها بديل للحروب.. وإنها تحقق ما لا تحققه السياسة أو الاقتصاد.. وكأنها هي المفترج من كل ضيق للبلاد والعباد. وها هي الرياضات تنمو وتتكاثر بشكل مخيف إذ تخطت الإنسان إلى الحيوان كالخيول والكلاب والديوك وحتى الأسماك.. فأصبح لكل فرع منها أو فن من الفنون ما لا يصدقه العقل بل هو أقرب إلى الجنون.. وذلك أن أرقاماً فلكية من المال تصرف على الأندية الرياضية.. إضافة إلى الجوائز.. وما يقتضيه الفوز للفوائز.. وها هي السلع والمنتوجات تكرس للرياضة.. وها هي الشعوب تتعارك وتتطاحن لتبلغ الأرقام العالمية على أرضها.. ومن خلال أبنائها أو المتنافسين في ساحاتها حتى الدول التي لا تجد رغيف الخبز.. وجرعة الماء أو حبة الدواء.. تندفع هي الأخرى مسحورة وغير مشكورة نحو الاهتمام بالرياضة إلى حد التقديس.. وإقامة شعائر أين منها شعائر القبائل في عصورها الأولى.. ودون أن يسمح لأحد بالاختراق أو التدنيس. ومن الذي يصدق أن الرياضة التي أرادوا تنشيطها في العصر الصناعي.. والآخر التنويري قد يمكن أن تصل إلى الحد الذي هي فيه الآن؟.. من كان يصدق أن تفرد هذه المساحات من الملاعب الفسيحة والمجهزة بكل ما يمكن من خدمات لمثل هذه المناسبات بينما البشر يسكنون في الملاجئ والعشوائيات.. وينتثرون على قارعة الطرقات مثل الطيور التي لا تعثر على أعشاش لها؟ من كان يصدق أن النوادي الرياضية تمتص من الأموال والجهود أكثر مما تفعله الجامعات أو مراكز البحث أو حتى للمدارس والمشافي والخدمات الاجتماعية لمن لا يملكون الأهلية للعلم والعمل معاً؟ ونظرة عابرة إلى الحشود الهائلة في كثير من الرياضات لتقصي النتائج تعطي المثال للعطالة والبطالة.. والذين يتفرجون ولا يعملون. أما كرة القدم.. الساحرة.. الباهرة.. والتي تخطف الناس لا من بيوتهم فحسب بل من بلدانهم وأعمالهم فتدفعهم إلى المغامرة بالمال رغم سوء الأحوال من أجل صرخة لبطل من الأبطال.. وسبحان من يسير الأحوال.. هذا عدا عن الخصومات والمنازعات التي لم تعد لهواً ومزاحاً بين الأقرباء والأصدقاء بل أصبحت موقفاً مقترباً من أهداف ربما طالت بلداً ما.. وفرقت.. أو ربما هي قربت.. وقد تلامس السياسة والعلاقات الرسمية بين الشعوب. وهكذا فإن أنهاراً كثيرة من الجنون في الرياضة والعلوم وسائر الفنون ترتمي في بحر الزمان.. ويعودون فيقولون: كان يا ما كان. |
|