|
ثقافة ثمة من يقول إن هوليود لم تكن لتحظى بمثل هذه الشهرة لو لم تكن سلاحاً يوجه لغسل وسلب العقول. هذه الحال ليست هي الوجه الذي علينا أن نقبله فثمة وجوه أخرى مطموسة بفعل هذا العدوان ولكنها شقت طريقاً إلينا مثل أرنست همنغواي
ونعوم تشومسكي وآخرين هم أيضاً في قائمة الذين ناهضوا العدوان الاميركي على العالم ولعلنا هنا نشير إلى بعض هذه المواقف لكتاب وشعراء اميركيين عاشوا مآسي الحرب وويلاتها وكتبوا عنها ونقدم في هذه العجالة شاعرين اميركيين كانت الحرب علامة في أدبهما. سورة القصف الجوي هذا العنوان هو أشهر قصائد الشاعر الأميركي ريتشارد أبرهارت الذي ولد في ولاية منسوتا عام 1904، ودرس في جامعتي كيمبردج وهارفرد وحسب ما يقدمه توفيق صايغ في كتابه خمسين قصيدة من الشعر الاميركي المعاصر، وابرهارت شاعر ذهني فكري، كثيراً ما يكتب عن الأفكار وتاريخ الأفكار خاصة في شعره المبكر أوفي شعره وتر صوفي يقربه من امرسون واميلي ديكنسون. ويقول أ.الفاريز قصائده الأولى من حيث اسلوبها وهدفها تجعله وليم بليك حديثاً: فهي قصائد تستهدف العنف الذي في الاحساس المباشر والتعرض للتجربة ببراءة والموضوع الرئيسي فيها هو الموت. الموت لا كفكرة مجردة بل كحقيقة ملموسة نحسها بجسدنا ولحمنا وعظامنا وأعصابنا، ثم تتطور فكرة الموت هذه وتتسع فتشمل أيضاً موت البراءة الذي كان قد كتب عنه كثيراً. فالطفل يموت ويخلفه الرجل الناضج والألم الجسدي يتحول إلى ألم المسؤولية الأخلاقية وبمجيء الحرب الثانية وصل ابرهارت قمة نضجه الشعري، حتى اسلوبه وألفاظه اكتسبت قوة وصلابة في قصائده الحربية رأفة لكن من غير سنتمنتالية وبعضها مثل سورة القصف الجوي من خيرة القصائد التي انتجتها الحرب يقول فيها: يتراءى لك ربما ان سورة القصف الجوي ستحمل الله على أن يلين الفضاءات اللامتناهية ما تزال صامتة يتطلع إلى الوجوه أذهلتها الصدمات حتى التاريخ لا يعرف المقصد قد تشعر انه بعد قرون عديدة سيجعل الله الإنسان يندم لكنه ما زال يستطيع أن يقتل كما قايين استطاع لكن بإرادة جماعية ولم يتقدم عما كان عليه في سوراته في القديم أجعل الإنسان غبياً كيمايرى غباءه؟ هل الله بطبيعته لا مبال، بعيد عن متناولنا جميعاً؟ هل الحقيقة الأزلية نفس الإنسان المقاتلة حيث يتجول الوحش في جشعه؟ عن فان وترنغ أتحدث وايفريل اسمين في قائمة لا أتذكر وجهيهما لكنهما قد مضيا لموت مبكر وفي أواخر دراستهما
تعلما كيف يميزان بين أنواع السلاح. أما الشاعر كارل شابيرو فهو كما يقدمه أيضاً توفيق صايغ إذ يقول إنه من مواليد عام 1913 درس في جامعتي فيرجينيا وجونز هوبكنز، درس الأدب الانكليزي في أكثر من جامعة له دراسات نقدية عديدة إحداهما «مقال في الشعر» قصيدة طويلة بشكل كتاب تعرض للشعر الحديث كله قالباً ومضموناً ومعتقداً وأخرى كتاب ما بعد النقد» هجوم عنيف على مدرستين للشعر الحديث يراهما ضرراً: هما «الشعراء الاسطوريون والشعراء التاريخيون» فأولئلك يستخدمون الشعر كبديل للدين، وهؤلاء يستعملونه للدعاية الاجتماعية، ويقترح بدلاً منها الشعر الإنساني الذي هو التعبير الأكمل عن الشخصية، حرر عدداً من المجلات الأدبية في طليعتها مجلة «شعر» الذي تصدر بشيكاغو يقول كونراد ايكين «شابيرو شاعر يفكر بشعوره ويفكر بخياله فينتج بالتالي تحليلاً شعرياً ملذاً وغريباً للموضوع الذي يكتب فيه أو نقداً له. مرثاة جندي في هذه القصيدة يقدم شابيرو عالماً نفسياً مضطرباً بجنود يقودون حرباً قد يخرجون منها أحياءً أو جرحىأو لا يخرجون إنه عالم مملوء بالأحزان والآلام يقول: على الباب الخلفي لسيارة شحن اتخذوا شرشفاً أبيض مذبحاً يتفتف شمعدانان صغيران على كلا جانبي الصليب تحيطه أزهار أنصع من الدم حمراء حمرة رؤيانا خاطمية يقطفها الجندي الزاحف ليشكلها في بندقيته أو قبعته وزهرات شب النهار الزرقاء الكبيرة شاحبة كشفاه لن تتذوق بعد أو تقبل أو تسب وتبدأ الريح بتسبيحة منخفضة ويتحدى القسيس وتهز أشجار النخيل شعرها وتنتظم الطوابير في الوحول نحن أيضاً رماد إذ نرقب ونستمع للمزمور والحزن والثناء البسيط لإمرىء كانت أفكاره الموعودة بأيام أخر كأفكارنا نحن لكنها أبيدت الآن بتمامها وامحى سجل خدمة شبابه وبددت حلمه الرصاصة وكان عليه أن يضمحل بماذا نستطيع أن نشعر غير العجب لخسارة لايبدو أنها تشير إلاّ إلى الشك الذي يقذف بشعورنا بالحظ عرض الحائط؟ ياالذي يقرأبولس ويصلي قرب هذي الحفرة أنصدق عيوننا أن الأساطير المفعمة بالمجد والولادة من جديد فيما وراء الفضاء هذا بعض ممّا قدمه شعراء أميركيون رأوا أهوال الحرب ومآسيها ولكن الغريب أن الذي يقدم إلينا هو وجه أميركا العنيف لأنها لاتريد أن تقدم الوجه الإنساني بل تهيمن عليها قوة غاشمة لاتعرف إلاّ الظلم Yomn.abbas@gmail.com ">والطغيان. Yomn.abbas@gmail.com |
|