|
لوفيغارو ففي عالم يسوده العنف, ستبذل دول من حلف الناتو ما بوسعها لإنجاح الاتحاد في مؤتمر ريغا Riga بنهاية تشرين الثاني الحالي, ولابد أن يغتنم رؤساء الدول والحكومات فرصة هذا اللقاء لوضع معيار عمليات يلتزم فيه حلف الناتو وبشكل خاص في أفغانستان وكوسوفو, فالوضع هناك صعب ومصداقية هذا الحلف مرتبطة بهاتين المهمتين. إذاً لابد أن يمنح مؤتمر ريغا الدفع اللازم لإنجاح هذه المهمات, تعتبر قوات ردع الناتو السريع NRF رمزاً لتأقلم الحلف مع متطلبات الأمن الجديدة. ومن الضروري أن تتمتع عملياتها بالثبات والمساهمة الواسعة في فعالية الحلف العسكري بين أوروبا وأميركا الشمالية بهدف الحفاظ على المصالح والقيم المشتركة لكلا الطرفين. مع ذلك نجد اليوم أن البعض يتساءل حول حلول الفرصة المناسبة لتوسيع مهام الناتو في اتجاهين: الاتجاه الأول جغرافي, وذلك بتطوير الشراكة مع دول جديدة, والاتجاه الآخر العمل في المجال المدني, لاسيما في بناء الدول الخارجة من أزمة ما. على الصعيد الجغرافي, من المناسب جداً الاعتراف بالمساهمة التي تقدمها دول ليست أعضاء في الحلف لإتمام مهمات عسكرية معينة, كما هو حال مشاركة استراليا واليابان في أفغانستان. تقول كاتبة المقال ميشيل أليوت ماري: (أتمنى تحسين الأساليب الفعالة في تنفيذ تلك العمليات, دون أن يؤثر ذلك على الطبيعة الأساسية لحلف الناتو الذي ينبغي أن يظل حلفاً عسكرياً أوروبياً - أطلسياً). في الواقع يخشى أن يؤدي اتساع (الشراكة الإجمالية) لإضعاف التضامن الطبيعي بين الأوروبيين وأميركيي الشمال عموماً من جهة, ومن جهة ثانية أن يقدم رسالة سياسية سيئة: حملة بمبادرة من الدول الغربية ضد هؤلاء الذين لا يتشاطرون مفاهيمهم مع الآخرين. أي حجة نقدمها لأنصار قضية صراع الحضارات, قد يكون هذا الأمر متناقضاً تماماً مع رؤيتنا لعالم متعدد الأقطاب يرتكز على الحوار واحترام الآخر. أضف إلى هذا, من الضروري وجود ترابط بين المهمة العسكرية ومهمة المساعفة وإعادة البناء, ضمن إطار استراتيجية إجمالية, كما هو الحال في أفغانستان, حيث إنه لا يعتبر أمراً وافياً وجود التقارب العسكري. في بعض الحالات, يعتقد البعض أن استخدام القوة في ساحة الحدث هي الأسلوب الوحيد للعمل, لهذا ينبغي على مهام إعادة البناء إنهاض المنظمات التي تتمتع بالكفاءات اللازمة - بشكل خاص الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي, فتحويل حلف الناتو إلى منظمة مهمتها إعادة بناء الاقتصاد في الوقت الذي لا ترتبط الديمقراطية بشرعيته ولا بأساليبه, فلابد من الانتباه إلى عدم إضعاف الحلف في مهمات ضبابية حيث يفقد فيها روحه وفعاليته, شكا الناتو سابقاً عدم توافر الوسائل اللازمة التي تساعده على إنجاز مهماته العسكرية, وسيعتبر أمراً غير مسؤول توريطه في مهمات تتجاوز قدراته. ولابد أن تؤسس التكاملية على مبدأ العلاقة بين الدفاع الأوروبي والناتو, فعلى سبيل المثال يقود الاتحاد الأوروبي عملية إيفور في جمهورية الكونغو الديمقراطية للمساعدة في توطيد أمن الدولة ولتتمكن البلاد من خوض الانتخابات, في هذه البلاد التي طالما أنهكتها الحرب, فألمانيا توجه الحملة بينما فرنسا تقود المجموعات العسكرية بدءاً من كنشاسا. في الواقع, غالباً تكون الموارد العسكرية وطنية المنشأ, وأي من دول الناتو الأوروبية لا تستطيع السماح لنفسها بإضعاف قدراتها, والجواب على هذا القلق ليس بقصد تقوية التعاون بين الاتحاد الأوروبي والناتو, إنما أكثر بقصد تحقيق ليونة في طرق استخدام الوسائل العسكرية, لتتمكن من استخدامها على أكمل وجه. إذاً تحتاج أوروبا للمزيد من التحالف الأطلسي بقدر حاجتها للدفاع الأوروبي وهذا لتتمكن من مواجهة مختلف الأزمات, وبذلك تصبح الموارد العسكرية حاجة ملحة لجميع الدول المشاركة من أجل تقوية جهودها الدفاعية, فازدياد القدرات الأوروبية ضرورية لتقوية الدعامة الأوروبية في التحالف, التي تعتبر شرطاً لازماً بحد ذاته لشراكة متوازنة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي, ومن أجل توزيع جديد منصف لمسؤوليات الأمن, فوجود شريك أوروبي متمكن يضمن استمرار الرابط لما وراء الأطلسي, وهذا ينطلق من مصلحة الأوروبيين والأميركيين على حد سواء. وهكذا فالمساهمة الكاملة من جانب الاتحاد الأوروبي ستمكنه من تحقيق التضامن عبر الأطلسي الذي يعتبر أحد العناصر الأساسية للأمن الأوروبي. إذاً البحث عن إلزام حلف الناتو في مهمات غير عسكرية في شراكات على الخريطة وفي مغامرات تكنولوجية وضمن توسع غير مهيأ جيداً لن يؤدي سوى إلى تشويه دعوته وفي النهاية إلى إضعاف فعاليته. |
|