|
مجتمع لذلك من الطبيعي أن نرغب نحن الأهل في حماية أطفالنا من المعاناة التي يسبّبها الفشل. لكن عندما نقوم بذلك نؤذي أبناءنا، لأننا نضعف قدرتهم على مواجهة الفشل وتحقيق النجاح في المستقبل، بسبب حرمانهم في اختبار الفشل، أي نحرمهم من التجربة. من المؤكد أن الطالب سيشعر بالألم والحزن إذا لم تكن درجاته في الامتحان كاملة أو جيدة، لكن يمكنه بالمقابل أن يتجاوز ذلك بأن يدرس في المرات اللاحقة بطريقة أفضل أو يكتشف كيف خسر علاماته فيتعلم من تجربته، إذ نادراً ما يستطيع أي شخص تحقيق النجاح، من دون أن يمرّ بتجربة فشل في حياته. لذلك لابد أن نربي أولادنا ونحن مدركون أنّ تَعلُّم التكيُّف مع خيبة الأمل والغضب والإحباط والحزن، هو جزء من متطلبات صَقْل شخصية الإنسان، سواءٌ أكان طفلاً أو بالغاً، حتى يُصبح مسؤولاً عن تصرفاته وأفعاله وخياراته. إنّ فشل أطفالنا في أمور مثل عدم النجاح في امتحان، أو إيجاد رفاق جدد أو في تشكيل فريق لعب في إنجاز أي عمل يطلب منه، هو بمثابة درس مُفيد يتعلمون منه التكيُّف مع خيبة الأمل والضعف والارتباك. لأنّ تجاوب الطفل مع مشاعر الغضب والإحباط والحزن والارتباك وقلّة احترامه ذاته واعتزازه بنفسه، تعتمد إلى حد بعيد على سنّه ونضجه. ففي الإمكان تعليم الطفل مهارات التكيُّف الإيجابي، التي تُساعده على تجاوز أحداث غير مريحة. وإذا كنا نعرف أن الصغار يتمثلون سلوك أهلهم أو الأشخاص المحيطين فلا عجب أن ينشأ الطفل مثل أهله إذا كانوا لا يتقبلون نتائج أعمالهم، سيتعلم الطفل الدرس نفسه وسيصبح مثلهم. أما إذا تنبه الأهل وعملوا على تشجيع أبنائهم بتجاوز حالة الفشل التي مرّوا فيها بتحفيزهم وأن الفشل في ناحية مُعيّنة، يفتح الباب أمام نجاحات في نواحٍ عديدة أخرى. فمدح الطفل على الإنجازات التي يستطيع تنفيذها وتشجيعه على الاستمرار في محاولاته، يساعدانه كثيراً في حال فشله في نواحٍ أخرى ويُعلمانه التكيّف مع الفشل. إنّ الفشل في أول محاولة، أو ثاني محاولة أو حتى بعد محاولات عديدة، يحفز الطفل إلى بذل المزيد من الجهد في التدريب والدراسة، ومحاولة إيجاد وسائل أخرى تُساعده على تحقيق الهدف الذي يسعى إليه. إذ يستطيع الطفل تعلُّم المزيد عن كيفية التوصُّل إلى حل مشكلة ما من خلال الفشل. ولا يقف الأمر عند الفشل فقط وإنما إذا مرّ الطفل بصدمة نفسية صعبة نتيجة حادث ما، لذا على الأهل عموما أو الأم لقربها من الأبناء مساعدة طفلها على تخمين أسباب فشله والتوصّل إلى كيفيّة تجنّبه مرة أخرى، أو تجاوز آثاره السلبية. فمن خلال المحاولة والفشل ثمّ المحاولة ثانية والنجاح، يتعلم الطفل الصبر، والمثابرة، والشعور بالفخر بالإنجازات التي يحققها. إنّ الفشل ليس نقيضاً للنجاح. فالطفل يتعلم الوقوف والزحف والمشي وتناول الطعام بالملعقة لوحده، بعد محاولات عديدة فاشلة. فهو يتعلم من التجربة والخطأ قبل أن يتمكن من إتقان عمل ما يُسند إليه. إذ لم يحصل أن توقف الطفل عن أن يجرب ثانية عند فشله، في حال لم يجد مَن يشجعه ويدفعه إلى المحاولة ثانية. إنّ نجاح الابن في مدرسته هو إحدى الوسائل لتحقيق هدف كبير، قد يُؤلمنا نحن الأهل أن نرى أحد أبنائنا وهو يحاول التكيُّف مع تجربة مُؤلمة أو غير سارة. كفقدان صديق، أو فشله في امتحان ما، ولكن يجب ألا يغيب عن بالنا، أنّه لابدّ لكل طفل أن يمر بتجربة مؤلمة، لكن علينا أن نشجعهم على المحاولة ثانية بدلاً من أن نشعرهم بألمنا، فيخاف الابن من إعادة المحاولة. ومع الظروف الخاصة التي نمر بها وتغيير الكثير من الأطفال لمدارسهم وفقدان الكثير من رفاقهم، يبرز دور المرشدة النفسية والاجتماعية إلى جانب الأهل في مساعدة الطفل على تحديد عواطفه وإحساسه والتعبير عنها بطريقة مقبولة، و إعطاء الطفل فرصة ليتحدث عن أسباب عدم سير الأمور كما كان يرغب أو يتوقع، في اعتقاده، ففي استطاعة حتى الأطفال الصغار، التعبير عن مشاعرهم، وما على الأهل أو الكبار المحيطين بهم سوى الإصغاء إليهم. إذ يُمكن أن يكون الطفل قادراً على تقديم تفسير لما حصل، لم يكن يخطر على بال الأم. وعلينا نحن الأهل والمعلمين تعليمه التكيّف والتعامُل معها بتوجيهه وتقديم الدعم وكل الحب له. |
|