تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قمة واشنطن..نتائج هزيلة لمقدمات صاخبة!!

شؤون سياسية
الأحد 18-4-2010م
د. ابراهيم زعير

فشل الرئيس الأميركي باراك أوباما في تجييش العالم ضد إيران، كما فشل في التوافق على نزع السلاح النووي من ترسانة الدول،

كما كان يأمل من قمة واشنطن النووية التي دعا إليها، في رغبة منه لرؤية أميركا في وضع قادرة فيه على فرض إرادتها على من تريد دون أن يكون لدى الآخرين إمكانية الردع أو رفض الطموح الأميركي الدائم في التفرد بمصير الآخرين.‏

ووضع العالم تحت رحمة التفوق الأميركي العسكري دون منازع، فبعد النجاح الذي حققه أوباما في جر روسيا إلى التوقيع على اتفاقية «ستارت2» غير المتكافئة في الجوهر، وذلك بتقديم روسيا تنازلات غير مبررة لمصلحة الولايات المتحدة، لقاء وعد أميركي بأنه ليست لديها النية بتوجيه ضربة نووية استباقية ضد روسيا، وهذا النجاح ألهب مخيلته في سهولة النجاح في ما تريده وتطمح إليه بلاده، لمجرد إبداء النوايا الحسنة، ولكن كما يقول بسمارك النوايا غير مهمة في عالم السياسة بل القدرات هي التي تحتسب، ولم يأخذ بهذا القول إلا عدد محدود من القادة السياسيين الرؤساء المشاركين في قمة واشنطن، وقد أصاب الرئيس الفرنسي ساركوزي في رؤيته السياسية وتقديراته الواقعية للقدرات التي يجب أن تحتسب، فرفض دعوة أميركا أن تتخلى الدول عن سلاحها النووي، والذي حسب ساركوزي سيمنح الولايات الأميركية التفوق النوعي في السلاح التقليدي المتطور، والذي يسمح لها بالهيمنة على العالم، في حال انعدام عوامل الردع الضرورية، لقد قال ساركوزي بصوت عال وواضح: لا استطيع أن أتخلى يوماً عن هذا السلاح، إلا إذا تأكدت أن العالم بات مستقراً وآمناً، وبطبيعة الحال ليس ثمة ضرورة للعناء في إدراك أن العالم بعيد جداً عن مثل هذا الاستقرار والأمن الذي يتحدث عنه ساركوزي، وأكد أوباما مجدداً في قمة واشنطن ونتائجها قلق العالم من عدم وجود الاستقرار والأمن، لأن من يريد أن يكون العالم أكثر أمناً وبعداً عن التهديد النووي، الذي أرهق أوباما نفسه في تكراره أثناء انعقاد المؤتمر في لقاءاته الثنائية مع زعماء الدول المشاركة، عليه قبل كل شيء أن يتمتع بشيء من الموضوعية والمصداقية فيما يقول، وليس أن يكون انتقائياً، في مسألة خطيرة كامتلاك السلاح النووي والتهديد باستخدامه في اللحظات الحرجة كما فعلت إسرائيل غير مرة، وسلاحها هو الوحيد من بين الدول الأخرى خارج إطار النقاش والمعالجة، بإرادة وضغط أميركي ومما لا يقل خطورة أن أوباما نفسه، أظهر بأن سلاحه النووي هو الأكثر تهديداً للعالم وللسلام العالمي، بإطلاقه حزمة تهديدات نووية رعناء، ضد الدول التي يصفها أوباما، كما أسلافه بالدول «المارقة» أو دول محور الشر أو الحاضنة للإرهاب وهي ايران وكوريا الديمقراطية وغيرها ممن ليس لديها نية في الانطواء تحت أجنحة السياسة الأميركية ولو كان الرئيس الأميركي صادقاً فعلاً في نواياه السلمية، وإبعاد شبح التهديد النووي عن رقاب الدول التي لا تروق لواشنطن، لما لجأ لسياسة التهديد والابتزاز النووي ضد إيران!! وعن أي سلام وأمن للشعوب يتحدث أوباما، في وقت تنتهك بلاده جميع المحرمات والقوانين والأعراف الدولية في العراق وافغانستان المحتلتين من قبل قواتها العسكرية، ولما قبل أوباما بأن يقطع على نفسه عهداً لنتنياهو بأنه لن يسمح بطرح موضوع السلاح النووي الإسرائيلي على جدول أعمال قمة واشنطن وهو الذي يعرف جيداً أن إسرائيل هي الوحيدة المالكة لهذا السلاح في الشرق الأوسط, وهي الرافضة للانضمام لمعاهدة الحد من انتشار السلاح النووي ورفضت المشاركة في قمة واشنطن فقط لتتجنب المساءلة عن مخزونها العسكري النووي, بينما يستمر أوباما في تحريض العالم لفرض عقوبات قاسية ضد إيران فقط لشكوك بنواياها بامتلاك السلاح النووي، وهو الأمر الذي لا يملك أوباما ولا الوكالة الدولية للطاقة الذرية أي دليل على هذه الاتهامات الباطلة، وبات من الواضح أن أميركا وإسرائيل تحضران لهجوم عسكري على ايران حسب معلومات الجيش الروسي دون أن يكون هناك أي مبرر لذلك من وجهة نظر الاتهامات المزيفة لها, وتأسيساً على هذه التوجهات الخطرة لدى الإدارة الأميركية وإسرائيل بحق إيران من الطبيعي أن تصف طهران قمة واشنطن بأنها مسرحية هزلية خالية من أي مضمون جدي تعكس العناوين البراقة للشعارات التي عقدت تحت يافطتها القمة، ولهذا فقد فشلت القمة بكل المعايير!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية