|
شؤون سياسية وتشير توقعات الاقتصاد العالمي التي من المقرر أن ينشرها صندوق النقد الدولي في تقريره السنوي يوم 21 نيسان الجاري إلى أن نسبة النمو الصيني ستبلغ 10 في المئة. وقد اهتزت علاقات الصين مع الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة الماضية نتيجة سلسلة من الخلافات بين البلدين، منها صفقة الأسلحة الأمريكية لتايوان،واللقاء بين أوباما والدالاي لاما زعيم البوذيين التيبتيين و «العدو اللدود» لبكين، والضغوط الأمريكية من أجل رفع قيمة «اليوان»، وامتناع الصين عن فرض عقوبات دولية على إيران، ووقف مجموعة «غوغل» نشاطاتها عملياً في الصين. ومنذ انفجار الأزمة المالية والاقتصادية العالمية في خريف سنة 2008، والولايات المتحدة الأمريكية تطالب الصين برفع قيمة عملتها الرنمينبي «اليوان»، حيث تجمد سعره حول 83،6 لكل دولار منذ صيف 2008. إنه الوضع الذي يسمح للصين بوصفها «مصنع العالم»، بالتصدير على نطاق واسع لمنتوجاتها التنافسية جداً، ولكنه يعاقب في الوقت عينه واردات الخيرات الأمريكية المتجهة نحو السوق الصينية. ويرى الشركاء التجاريون الغربيون للصين، أن سعر صرف «اليوان» هو أدنى بكثير من قيمته الفعلية، وهو ما يعزز الصادرات الصينية بخفض أسعارها على نحو مفتعل، وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما مؤخراً : إن «إحدى الصعوبات التي تترتب علينا معالجتها على الصعيد الدولي، تتمثل في سعر صرف العملات». وفي المقابل قال نائب وزير التجارة الصيني تشونغ شان، الذي زار واشنطن في نهاية شهر آذار الماضي وسط أجواء من التوتر السياسي والتجاري بين البلدين: إن تغيير سعر الصرف ليس علاجاً للعجز الضخم في الميزان التجاري بين البلدين، وأنه قد يؤدي إلى اضطراب الاقتصاد العالمي . وحذر تشونغ قادة الأعمال الأمريكيين من أن ارتفاع «اليوان» قد لا يكون الحل للمشكلات الاقتصادية الأمريكية، واعتبر «انخفاض قيمة الدولار سيكون له بلا شك عواقب وخيمة على النظام المالي والاقتصاد العالميين.. الأسلوب السليم لتحقيق توازن تجاري بين الصين والولايات المتحدة ينبغي أن يكون من خلال زيادة الصادرات الأمريكية إلى الصين وليس بالحد من الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة». ومنذ نشوب الأزمة الاقتصادية العالمية التي أدت إلى تراجع صادرتها، تبرز الصين أهمية الحفاظ على «يوان مستقر»، سواء بالنسبة إلى اقتصادها أم بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي، مؤكدة تالياً دورها في إنعاش الاقتصاد العالمي . لكن المحللين يتوقعون رفع سعر «اليوان» على نحو تدريجي ومضبوط خلال 2010، وعلى رغم تراجعه بنسبة 34٪ خلال سنة، وصل الفائض التجاري الصيني العام الماضي إلى 196 مليار دولار، الأمر الذي يثير استياء شركاء الصين الذين يحتجون أيضاً على عدم فتح الصين بعض أسواقها للأجانب، مثل أسواق المال والخدمات . وتريد الولايات المتحدة مجدداً ممارسة الضغوط على الصين من أجل تعويم عملتها الوطنية «اليوان»، التي تعتبر بخسة القيمة بالقياس للدولار، بيد أن اللحظة التاريخية لم تكن مناسبة، فالصين تمول قسماً كبيراً من الديون الأمريكية، بما أنها اشترت بما قيمته 800 مليار دولار من السندات الأمريكية . لقد غيرت الأزمة الاقتصادية العالمية المعطيات في العلاقات الأمريكية- الصينية، فالصين التي تركت عملتها الوطنية «اليوان» تربح ما قيمته 15٪ أمام الدولار، من سنة 2005 ولغاية 2008 من خلال توسيع هوامش التقلبات المسموحة في المعدل الثابت الذي يربطها بالدولار، عادت في صيف سنة 2008 إلى نظام أكثر صرامة في سبيل المحافظة على قدرتها التنافسية. بيد أن هذه الهدنة بين الدولار واليوان، هي عبارة عن معاهدة تلتزم الولايات المتحدة بموجبها ببذل جهد كبير في سبيل تخفيض عجزها في الميزان التجاري، وتجنب دائني الولايات المتحدة، ولاسيما الصين التي تمتلك القسم الأكبر في العالم من الاحتياطيات الدولارية، التخلي عن الدولار ومنع انهياره في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها الولايات المتحدة. ورغم أن الصين تقدمت منذ ربيع عام 2009 باقتراحات جادة لاتخاذ عملة للاحتياطي تكون منافسة للدولار، فإنه لا يمكنها مع ذلك أن تطرح عملتها «اليوان» كبديل عن الدولار في الوقت الراهن. لأن العملة الصينية غير قابلة للتحويل أولاً ولأن أكبر احتياطي للصين موجود بالدولار( 2400 مليار دولار أو ما يعادل 1800 مليار يورو) والحال هذه، فإن أي تغيير سيتسبب في هزة اقتصادية وسياسية عنيفة، إذا اهتز عرش الدولار ثانية. كاتب تونسي |
|