تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ماذا وراء القرار الإسرائيلي 1650؟

شؤون سياسية
الأحد 18-4-2010م
بقلم: نواف أبو الهيجاء

يستند قرار الحاكم العسكري في الضفة الغربية المحتلة ذو الرقم 1650 إلى قرارين سبق أن أصدرهما المحتلون الصهاينة في عامي 1969و 1970.

وهنا ينبري التساؤل المشروع: لماذا العمل على تفعيل القرار المذكور في هذا الظرف بالذات؟ هل لذلك علاقة بتوقع (فتور ردود الأفعال العربية)؟ أم أنه ممارسة ضغط مكثف ومشدد لتكريس الانقسام الفلسطيني بين سلطة رام الله والقطاع؟ أم هو نتاج طبيعي لزواج العنصريين العلني ممثلين برئيس عنصري للوزراء هو نتنياهو، ووزير أشد عنصرية للخارجية هو أفيغدور ليبرمان؟‏

الحقيقة إن التوقيت يأتي لتحقيق جملة من الأهداف، ففي العمل (العسكري) الهجومي تتم متابعة (المهزومين) من قبل المهاجمين حتى لا يستطيعوا إعادة تجميع قواتهم أو التقاط أنفاسهم.‏

لقد تم التوقيت في خضم انهماك عربي- ما بعد قمة سرت- في قراءة الحدث وانتظار نتائج الفعل العربي والدولي حيال السعي المكثف للمحتلين لتهويد مدينة القدس والضغط لتوجيه الأنظار بعيداً عن الخطر النووي الذي يمثله الكيان الصهيوني بامتلاكه ترسانة من الرؤوس النووية يتعدى رقمها المئتين.‏

هي فرصة ليتم تنفيذ المخطط الصهيوني العريق والمرسوم -ليس فقط بتهويد القدس بل بتهويد كامل أرض فلسطين (كونها أرض الميعاد على وفق الخرافة المؤسسية للدولة الصهيونية) بدءاً بالضفة والقدس وانتهاءً بخطوة لاحقة تنال من قطاع غزة، وهي فرصة لكي يقول المحتلون للواهمين من بعضنا الفلسطيني -وبعضنا العربي- بأن يغسلوا أيديهم من (حل الدولتين) وبأن ينفضوا أيديهم من غبار معارك (أوسلو وشرم الشيخ وأنابوليس والرباعية الدولية) وبالتالي نسيان مااصطلح على تسميته بـ (السلطة الفلسطينية).‏

ليس ثمة سلطة في عموم فلسطين المحتلة في عامي 1948 و1967 إلا سلطة الاحتلال الصهيوني -وأما غزة فهي ضمن (المدى المجدي للسلاح الصهيوني) أي تحت المطرقة ومطوقة ومغلولة ويمكن خنقها من بعيد ضمن منظومة متكاملة ومنسجمة مع نوع من التواطؤ الدولي ضدها وبما يجعل أكثر من مليون ونصف المليون من أهلها رهائن لدى المحتلين في خضم حصار غير مسبوق.‏

إن الأهداف لا تتوقف عند هذا بل إن المقصود أيضاً العمل على تهجير الفلسطينيين من أرضهم ومن قدسهم المقصود بالقرار اصطياد نحو سبعين ألفاً وأكثر من أبناء القدس والضفة ليتم إبعادهم في ترانسفير جديد مشابه لما وقع في عام 1948 لنحو ثمانمئة ألف فلسطيني.‏

إنها فرصة تنفيذ عملية التطهير العرقي المغروسة في العقلية الصهيونية المدمرة والمعادية للإنسانية والتي تماثل بل تنبذ عنصرية العنصريين البيض في جنوب أفريقيا قبل أن يقهرهم الشعب والمجتمع الدولي، هناك إذاً كان ثمة ما هو مطلوب فعله فليس ما يوجب أن يتوقف العرب عند قرارات يمكن أن تصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة -قرارات من غير أنياب- وليس أمام العرب سوى الفعل الجماعي ومن موقع الدفاع المشروع عن النفس.‏

إن الكيان الصهيوني يمثل خطراً مصيرياً يهدد كل العرب في أقطارهم جميعاً وبالتالي فالمطلوب تحرك عربي بمستوى الخطر ومن موقع المشروعية والحق، وإلا فإن القادم من الأيام والأسابيع والأشهر سيحمل ما هو أدهى وأمر.‏

يجب على الفلسطينيين أيضاً أن يفهموا أن العدو دخل من ثغرة الانقسام وأنه يتغذى من الحالتين معاً الانقسام الفلسطيني والوهن العربي، ويجب على السلطة في رام الله أن تدرك أن الاحتلال استخدمها فقط من أجل غاياته وأهدافه الخبيثة وفي المقدم منها القيام -نيابة عنه- بتصفية المقاومة ومنع الانتفاضة الشعبية وفرض (أجواء الهدوء) لكي يتفرغ المحتل إلى إنقاذ خططه في التهويد الشامل والسيطرة الكاملة على فلسطين وطرد أهلنا من قراهم ومدنهم وبيوتهم وتجريدهم من إنسانيتهم وكامل حقوقهم في الوطن.‏

هل سمع التاريخ بما يحدث اليوم (جريمة) تسلل المواطن من وطنه إلى وطنه؟‏

الإدانة والشجب والاستنكار والحديث عن مشروعات المحتلين التوسعية العدوانية وترك الحبل على غاربه من دون الالتفاف إلى مواقع ومواطن وأوراق القوة العربية سيشجع المحتلين على اقتراف المزيد من الجرائم ومنها الإبادة والآبارتيد تايد مع الاستهانة بالقوانين والأعراف والقرارات الدولية كونه (فوق القانون وخارج العقاب ومحمياً) من القوى الدولية المتحكمة بسلطة (القرار الدولي).‏

المواطن العربي يريد أن يشهد كيف ومتى (يتحرك العرب بعيون حمر وأفعال مناسبة) ليوقفوا استهانة العدو بهم وبحقوقهم المشروعة.‏

nawafabulhaija@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية