|
ثقافة
تنطلق هذه القراءة من رؤية تأسيسية مفادها أن المكان هو الصورة المرجعية الجغرافية، أما الفضاء، فهو الصور المُتخيلة أو المُضمرة التي تضفي على المكان أبعاداً جمالية وشعرية وفلسفية وثقافية، تجعله غير متطابق مع الواقع، أو تجعله فضاء آخر لا يتعالق مع الوجود. وبذلك فإن مقاربة المضمرات هي قراءة للسمات التي تمنح هذا السرد نكهة خالصة، ومقاربة راصدة للأبعاد الثقافية والدلالية لهذه الثيمة المكانية (الجسر) باعتبارها فضاءً دالاً في فعل الكتابة. من هنا تحاول فك هذه الرموز الثقافية والدلالية والرمزية والإيديولوجية التي تتداخل وتتشابك بنيوياً في تشكيل السرد. وتأسيساً على ماسبق فقد قُسمت هذه القراءة إلى تمهيد تأسيسي وخمسة فصول, ففي التمهيد توقف المؤلف عند مصطلحي الفضاء والمكان وما يكتنفهما من غموض واختلاف, أما الاستراتيجية التي حكمت الفصول الخمسة فقد انطلقت من مرجعية نقدية فرضتها النصوص المدروسة, فلما جاءت ثيمة الجسر عنواناً لبعض الروايات ومحرّضاً أساسياً على السرد وسبباً في فعل الكتابة, كان لابد من التوقف عند دلالات ذلك ومضمراته فكانت الفصول الأربعة التي حملت الدلالات والعناوين الآتية: الجسر المنتهك والهوية المهمشة - الجسر التراجيدي فضاء الهزيمة وانكسار الأحلام - جسر الهاوية والجسر الدرامي - لعبة الجسور والغامرة السردية. في الفصل الأول اتخذ من رواية (جسر بنات يعقوب) للروائي حسن حميد نموذجاً لها, فهو يرى أن المكان شكل أهمية كبيرة في الرواية العربية, لاسيما في الأدب الفلسطيني نظراً لخصوصية هذا المكان وطبيعة الظروف التي حكمته, والرواية حسب الطالب جاءت مضمرة في إشارتها إلى قضيتي: الانتهاك المكاني الذي يشير إلى فلسطين العربية المحتلة, ورمزية الهوية المهمَّشة في التعبير عن الإنسان الفلسطيني المنفي في الأرض, ووفق هذا البعد الترميزي المُضمر الذي كشف عن مخبوئه الدكتور الطالب جاء الفصل الأول مُحمَّلاً بتلك الدلالة التي انفردت بها رواية (جسر بنات يعقوب)، وهي تروي قصة رحلة يعقوب الذي أعلن توصيفه الخارجي عن مكنونه الداخلي, فهو رجل رثّ الهيئة, بائس وهو أب لثلاث بنات, وتكشف أحداث الرواية عن أطماع يعقوب بحبّ التملّك والسيطرة مُستخدماً من أنوثة بناته جسراً للوصول إلى تحقيق مآربه.. ويرى أن الناحية التي ميزت الرواية أنها تحتفي بالمكان فبطلها هو الجسر ومايحيط به. وتحت عنوان الجسر التراجيدي فضاء الهزيمة وانكسار الأحلام يتحدث د.الطالب حول رواية عبد الرحمن منيف (حين تركنا الجسر) التي كانت تمثل تكنيكاً جديداً على صعيد الكتابة الروائية والتي تعتمد الرمز والتشفير وسيلة في الكتابة, وقد تكون الرواية الأسبق التي جعلت من الحيز الجزئي (الجسر) فضاء مطلقاً للحدث. فالرواية تقوم على شخصية منفردة في الفعل والقول هي شخصية: زكي نداوي الذي يقوم برحلة الصيد برفقة كلبه وردان والرواية تجسد مأساة زكي بطل الرواية, وشخصها الوحيد الذي يصاب بخيبة الأمل بالظفر، ذلك هو المضمون الظاهري للرواية, لكن السارد يضمر خلفه دلالات ثقافية متنوعة ومتعددة, وهنا يحاول الناقد الطالب أن يستخرج المضمرات الدلالية في هذه الرواية التي يغوص فيما هو تحت الجسر ؛ لينقلنا إلى مضمون الرواية التي يجدها تكشف عن المضمرات الثقافية والدلالية والتي تشير إلى أن الجسر هو دلالة إلى المستقبل المأمول في تحقيق النصر. أما الأنموذج الثاني فقد سلَّط الضوء على رواية: (ذاكرة الجسد) للروائية أحلام مستغانمي, وجاءت قراءة الدكتور الطالب تحت عنوان الجسر الدرامي في ضوء ثنائية الحضور والغياب التي وجد فيها أن النص الروائي هنا ينقل المادة المكانية الخام, أي كما هي في الواقع إلى آفاق جديدة من الانزياح والرؤية, ويرى الطالب أن الجسور تحصر في ثلاثة أنماط هي: النمط المفهوم, النمط الفني, النمط الحقيقي. يذكر أن الدكتور هايل الطالب هو ناقد وشاعر له العديد من الكتب أهمها: 1ــ قراءة النص الشعري لغة وتشكيلا. 2 قصيدة الومضة. 3 جماليات الغواية الشعرية. 4 تحولات الدلالة في النص ammaralnameh@hotmail.com ">الشعري.. ammaralnameh@hotmail.com |
|