تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القـــرش الأبيــض وثقـــافة الادخـــار

اقتصاد الأسرة
الثلاثاء 12-11-2013
لينا ديوب

ينتشر في حياتنا الاقتصادية اليومية مثل شعبي يقول « خبئ قرشك الأبيض ليومك الأسود » لكن هل ننفذ تلك النصيحة التي تعني الادخار من دخلنا اليومي أو الشهري،

تحسباً ليوم قد لا نجني فيه ما يكفينا، أو نتعرض لأزمة أو عندما يكبر الأبناء وتزداد مصاريفهم وغيرها لكثير من الأسباب.‏

ربما لا يوجد واحد منا الا و قد ادخر في حياته، بدءاً من استخدام حصالة النقود، أو شراء الذهب، وصولاً إلى الودائع المصرفية. و السؤال هل ثقافة الادخار حاضرة في أسرتنا، وخاصة أنّ هذه الثقافة زادت أهميتها بعد الأزمة التي نمر بها بسبب الحرب على بلدنا، فالادخار يساعد على تخطّي الأزمات والأوقات العصيبة، إذ إنّه يعني السيولة، ويشكِّل خطّ الدفاع الأوّل عند الطوارئ للأفراد، و للدولة يعزِّز تشكيل الثروات، ما يساعد الاقتصاد على تقديم المزيد من رأس المال للاستثمارات.‏

و الاجابة على سؤالنا تفتح علينا أسئلة أخرى ؟ هل ندخر، لمن ندخر، ومتى ندخر؟ وهل دخلنا يسمح بتحقيق التوازن المالي الذي لا يجعل توفير بعض المال أمراً ليس صعباً، تقول السيدة الهام وهي أم لثلاثة أبناء وزوجة لمهندس:إنّ الادخار هو سياسة حياتية تبدأ مع بداية الحياة الزوجية، فيقوم الزوجان بتقسيم راتبهما وتحديد الأولويات، وادخار ما يتبقى من الراتب، مستنكرة أن يقال إنّ الوضع المادي للفرد عائق بينه وبين الادخار فهي ترى أنّ الفرد نفسه، هو مَن يحدِّد طريقة حياته تبعاً للمثل القائل: «على قدّ بساطك مد رجليك». لهذا، فحين يقسم الزوجان دخلهما بشكل بعيد عن التبذير، يصبح من السهل أن يدخراللمستقبل.‏

ربما ما تقوله السيدة الهام صحيحا يضاف اليه حسن الإدارة، و الصرف و التخطيط، حيث لا ينجح ادخار دون تخطيط، ولا يأتي تخطيط دون حسن إدارة، هذا الموضوع الذي يشكل موضوع ثناء للنساء اللواتي يتقنه، لأنّ الشخصية المبذرة لا يمكنها أن تكون شخصية المدخر، و العكس صحيح، مع تذكر الفوائد التي يعود بها الادخار على العائلة، فهو يشكل منطقة آمنة للعائلة، ويحميها من المفاجآت السلبية، بالإضافة الى الراحة النفسية التي يزرعها في نفوس الآباء لأن الخوف على الأبناء من الناحية المادية، يعكر صفو الحياة الزوجية، ويسمح للقلق أن يحتل مساحة من أجواء البيت.‏

لكن هل نستطيع أن نوفر جزءاً من مالنا لمجرد نيتنا وعزمنا القيام بذلك؟ و الاجابة بالطبع لا ليس بسبب قلة الامكانات فقط، و انما لمتطلبات الحياة الاستهلاكية التي لا تسمح للفرد بالادخار و إلى العجز عن التحكم في دفة الصرف في ظل وجود أسرة وأبناء واحتياجات لا توصف إلا بالطبيعية، هذا ما يقوله السيد محمود الأب لشابين في مقتبل العمر، ويضيف ان متطلبات الأبناء المتزايدة تجعل تنفيذ أفكارنا عن الادخار صعبة، حيث يتوزع الراتب على مصروف البيت، وأقساط المدارس أو الجامعات.‏

مهما يكن من ضعف الدخل الشهري، أو من شخصية الفرد، وطباعه من حرص أو تبذير، فهي ليست وحدها التي تلعب دوراً في دفعه إلى التوفير والادخار، فالادخار طريقة تفكير، وخطة حياتية يتفق عليها الزوجان منذ بداية حياتهما الزوجية. لهذا، يقومان بترتيب الأولويات التي تبدأ ربما بتعليم الأبناء ، فلا يوجد أسهل من صرف المال، ولكن إدخاره لا يدخل في خانة الصعب أو المستحيل، لو عرف الزوجان كيف يتعاملان معه وفق أجندة من الأولويات والمعطيات. لهذا، على الزوجين أن يتبنيا السياسة نفسها، وأن ينتميا إلى الثقافة نفسها، بغية تعزيز أرضية مالية صلبة تقف عليها الأسرة لاحقاً، مع عدم نكران أن الأزمات المالية قد تفقد القدرة على التحكم بالدخل ولن تبقي القرش الأبيض على بياضه.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية