تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هويةٌ من غيرِ ظل

الملحق الثقافي
25-6-2013م
سمر مهنّا:في جزيرة بعيدة عن البصَرِ والسمع

وخلف أمواجٍ غاضبة‏

ترتجفُ بجوارها رواب زرقاء‏

هناك‏

حيث لا يوجد رسلٌ ولا أنبياء‏

لا جيوشٌ‏

لا حكومات‏

لا دول‏

هناك أقمتُ مملكتي..‏

••‏

في صحراءٍ مجهولة الرمال‏

ركبتُ زورق حريتي‏

حتى نُزلي‏

تركتُه‏

من غير أعمدةٍ ولا جدران‏

••‏

كلُّ البرِّيةِ آنستني‏

ومشتْ في ركابي‏

من قال:‏

إن قفارَ الأشواكِ‏

وقطعانَ الذئابِ‏

موحشةٌ‏

من قال:‏

إن صقيعَ الليالي السود‏

والزواحف‏

وبنات آوى‏

وسفارات الجن موحشةٌ‏

ما دمتُ هاربةً من جلدي‏

••‏

وراءَ هذا الفضاء‏

عند حدودٍ ممسوحةِ الخرائط‏

عكفتُ على قراءة كتبي‏

ظلتْ ذاكرتي تدورُ وتدور‏

حروبٌ تراءت صليلاً‏

قرقعةً‏

صهيلاً‏

شلالاتُ الدماء زفرتْ صراخاً‏

عويلاً‏

فأذنتُ لمركبتي بالسفر‏

إلى أبعد من ذاك البعيد‏

••‏

بعد وأدي القديم وقفتُ واهنةً‏

لا أملك منازلَ‏

ولا مضاربَ‏

أو حتى خياماً‏

هناك‏

تركتُهم يئدونَ محبرتي‏

حتى دميتي‏

التي كانت تبتسمُ‏

سألتني‏

كم هو سهلٌ الموت بالرصاص؟‏

••‏

ملايين الفوَّهات رجمتني‏

أبالسةٌ‏

شياطين‏

أطواقٌ من النار حاصرتني‏

وبقيتُ أرسمُ لأطفالي‏

صورةَ صبيٍّ يلعبُ مع الكرة‏

••‏

قطّعتُ منديلي الأسود‏

مسحتُ بأشلائه زجاجَ نافذتي‏

دموعُ الندى بللتْ خريفَ الأشجار‏

وراحتْ تمطِرُ فوق أجسادِ العصافير‏

••‏

ضلّتْ روحي طريقَها‏

حارتْ بين طبقاتِ السَّحاب‏

الفضاءُ فضاء‏

وحدودُ السدرةِ الأخيرة‏

جسدٌ بلا كفن‏

رميتُ صُحفي‏

ورفعتُ قبضتي متحدية‏

••‏

أيها الكاهن‏

الرابضُ فوق صدر المعبد‏

هلا أقمتَ صلاةَ الفجيعة؟‏

تلك التي تلغي كل الطُّقوس‏

تلك التي‏

تحتفي بقيامةِ الأموات‏

علهم يرفعون ادعاء أمام الله‏

••‏

ذابتْ أختامُ ألف محكمةٍ ومحكمة‏

اصفرّتْ أوراقٌ‏

تصدّأتْ‏

ولم يمتْ يهوذا‏

لم يمتْ‏

مازال يأكلُ الخبزَ المسروق‏

ويشربُ النبيذَ‏

بجوارِ مقامات الأبرياء‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية