تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


صهيل الجياد المقتولة

الملحق الثقافي
25-6-2013م
محمود عبد اللطيف: أول الليل

تتعثر بالصمت.. وعويل الجهات‏

كعمرٍ من عشب يابس‏

تركته الغزالة بلا نداها‏

فانفطرَ في سماوات القصيدة.. قمرْ‏

تلاوة من ذكر الهمس‏

حين الأصابع.. في جمع تكسيرهن.. ذبلن‏

كحقل ورد أخرت غواية القيظ نداه‏

عن موعد العزف‏

لتصهل خيول النار..‏

راكضة على صراط الهوى‏

نحو المقابر‏

مخذولة بالمدّ في جزره‏

فلا جنوب شمال المقبرة‏

ولا قيثارة تعزف ما تبقى من لطم النثار‏

على صدر الجهات‏

ولا بياض يكفي لكل هذه المواسم‏

في رحيل عازف الأماني‏

في شغف الموت‏

وخيول النار..‏

تضرب بحوافرها.. أرض الحزن‏

تهتز العتمة‏

تصطخب الأرض‏

أفرد جناحيّ المرهقين كليل مثخن العيون‏

وكنبي يتضور فرحاً‏

أقتلع عينيّ‏

لأحيل الضوء فيهما قرطين من صدف‏

لأنثى تشعلني‏

ثم.. ترجمني بالماء‏

فأحترق‏

وخيول النار.. تصهل.. ترتيلاً‏

لآخر النبض على شاهدة لقبر ما.‏

••‏

منتصف الحلم.. ليل‏

ينتصف الكأس‏

وامرأة الوهج تلتحف الصمت‏

في سدرة التمني‏

وحدها‏

خيول الماء تعرف معنى السكر‏

فترقص فوق اتقاد الزجاج‏

في رؤى الليل‏

مقتولة بعبث الريح بجديلة الحلم‏

تتأرجح عظام الأبجدية‏

سكراً بمفردات اللازورد‏

حين انتظار الزهر على سفح الأنوثة‏

وجع الخيول في نزف الظهر من سياط الوقت‏

حين ارتجاف يد الحوذي‏

فيرفّ طير بوم على غصن قلب‏

يبشرُ بالمصيبة‏

حين السماء.. في لحظة شوق‏

تسقط في قعر الكأس..‏

دون ملائكة أو شياطين‏

و ليْ..‏

كل السرمدي في عرف الخواء..‏

والاشتهاء‏

فكنتُ بلاي‏

وكنت الرغبة في أوج سعير النار‏

في عيون الموسيقا‏

وكنتُ الشهوة في هديل الحمام‏

المهتوك التمني حين السراب‏

وهم دفء في انتهاء البرّ..‏

وكنتُ صوفية اللغة في التصاق الشفاه..‏

واختزال الزمن في صدف الأغاني‏

حين الحريق.. نصٌ مقتول‏

وكنت الكلام.. كلام العيون‏

حين الغبار أثر الرحيل‏

والتركْ على قارعة الهوى‏

منذ نبض لما يزل في الصدى.. صداه‏

وكنتُ صهيل الخيول..‏

حين تعبرني كأرض مهجورة الورد‏

حين المطر.. قدسُ الصلاة‏

في معراج البحر نحو الغرق‏

وكنتُ الموت.. في موته‏

بأصابع تعيدني لأول رشفة من كأس النثار‏

في منتصف الحلم ْ‏

••‏

فجر أخير‏

يتسلل الضوء من صمت عيونها بصمتْ‏

وتقتلني نداءات البرية في شبق الأقحوان‏

حين ضجيج العطر‏

ككاهن البخور في صدر ناي‏

يحاول ترتيب النفس في ارتحال اللغة نحو أفق‏

لمجاز‏

فيعانق أزرق البحر.. سماء التمني‏

يقبلها..‏

يمارس ارتواءه بتفتح الحجر في موسم العشب..‏

فتغرق في هياج البحر‏

أحمل صليبي وأصعد سلم موسيقاها‏

حين المخاض لتنجبني‏

فأراني‏

طفلاً يحاول أن يعتلي صهوة الريح‏

ليلحق بالخيول الراكضات نحو الغيم‏

حين العود‏

يرتل آذان الفجر في صلاة أخيرة‏

قبيل رحيل اللون نحو الرمادي من العمر‏

فأخلع مسامير الزمن القبيح من عيني‏

علّي أرى.. فلا أرى‏

وحدها الخيول تدركني فترتكب الأيمان‏

بضلعي المخلوع من جنة النور‏

لأسمع صراخ آدم في وجه الويل‏

وحدها الخيول من صهلت‏

مقتولة بكل هذا الغياب النامي كطحلب على قلبي‏

وحدها..‏

صهلت مقتولة بالعناكب‏

حين بنين بيوتهن على الشفاه‏

وحدها..‏

صهلت مقتولة بالخناجر‏

في عيون الفراتْ في كرنفاله الأخير‏

وحدها.. صهلت مقتولة بالصدى‏

لحكاية لا تبدأ.‏

••‏

بعد الشمس‏

وحيداً.. أسأل:‏

ما تراني أقول للخيول إن تأخرتِ أكثرْ؟‏

يجيبني صدى الصهيل:‏

الخيول ماتت‏

---‏

هامش في نعوة الصهيل: لن تموت الخيول وإن فقدت فعل التنفس‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية