|
الملحق الثقافي حباها الله ببنوّته ورعايته.. وعلَّمها.. فعلَّمت.. وجرَّبها.. فكانت وكوَّنت.. وألهمها العمر والحبَّ والصبر والسلوان والبأس تحزن لكي يفرح أبناؤها.. وتبكي لكي يبتسموا.. وتجوع ليأكلوا.. ودائماً تنهمر.. لتسقي.. فيعانق الخير السماء هي الخصب.. في الموت والحياة.. والقهر والنصر في الانكسار.. والانحناء.. والشموخ في المرح والغضب والأرجوان.. في القدود والعتابا.. وأناشيد القداسة في رحمة الهلال.. وتسامح الصليب في العلماء والبسطاء.. والشهداء.. والمدافع.. والياسمين
إنَّها سوريا كلّ قمر يدل عليها.. وكلّ زغرودة.. وكل نحيب ما من غيمة إلا تلوذ بروحها حتى لو نثرت ماءها في أقاصي الكون تهزُّ إباءها.. فيأتيها الغزاة.. ويرحلون مجلّلين بالعار.. ومهزومين بالندم وتهزُّ بعضاً من حيائها.. فيهطل الأحبّة ويندلع الزنبق والقمح.. والنعناع.. والرحيق فكلّ زهرةٍ تسورنتْ وكلّ حبّة حنطةٍ حذت حذوها هي مطارح الأبجدية والياسمين التي طالما تُركت وحيدة في مواجهة الظلام.. والجهل.. والتجهيل وحيدة في “جميعها” في كينونتها وتعقيد بساطتها.. وغموض وضوحها .... شرق أوسط؟ إنّه أوسط الشرق.. قلبه وأطرافه كنائسه.. وجوامعه.. وتاريخه.. الوحيد في عديد وسيول تجلياته.. في نكباته وانتصاراته في الحبّ والحرب.. والعطش والفيضان في أميّة الموت.. وأممية الحياة أيّ شرق أوسط هذا؟! في البلاد التي اخترعت الشرق والغرب.. والشمال والجنوب ..وياما حباها الله تعالى فانهمرت الرسالات.. وجاء الأنبياء وتنفس الصوت في كتيم الصمم نعم.. كان المجد للأنوثة.. للأم الكبرى عشتار ساحبة تمّوز في كل ربيع من سحيق الظلام إلى يفاعة الحكي والأبجدية وأوغاريت الموسيقى والأرجوان وأقلام الكيمياء والفيزياء ودفاتر المرحبا و”اقرأ” الجريحة في قرآنها الحزين ورحلة الشتاء والصيف وقيامة السيد المسيح “إنّما آتيكم أحمل سوطاً وسيفاً.. يا من جعلتم بيت أبي مغارة لصوص” .... عندما يتم الفتك بالإيمان باسم الدين وعندما يتم هدر دم العقل والحكمة باسم “الواقعيّة” وتجميل الخنوع وعندما يتم “التبرّع” بأشلاء الوطن وتمزيق يخضورها ومستقبل أبنائها باسم “الحريّة” وعندما يتم تكفير مقاومة العدو الغاصب المحتل وجهاً لوجه و”تقديس” عمليات ذبح الأهل وهذيان الدم الطائفي البغيض وعندما.. وعندما لا بدّ من تعريف منطق هذا الذل المستقوي بكل إمكانات البؤس في الداخل والخارج لا بدّ من الاستعانة بالله تعالى.. بعدما نصّبوا من أنفسهم ليس فقط أوصياء باسمه على العباد بل تجاوزوا في رسالاته وكتبه كلّها وقوّلوا أنبياءه بما لم يقولوه وأنطقوا آياته بما تهتز له عروش السّماوات لبغضه وقحطه ودمويّته “هل حقاً استوطن الذئاب والخونة والجبناء.. والعاطلون عن المحبّة.. وطننا؟” أم هو المخاض العسير الجميل.. السّاحق؟!! لا بدَّ هنا من صرخة غضب.. لا احتجاج علّنا نؤلّف الماضي ونتذكّر المستقبل إنّنا مدعوون معاً إلى دواخلنا وأحلامنا وخيالاتنا “الأصدق” من الواقع! لنوثّق لهفتنا وهلعنا.. وطمأنينتنا خصوصاً.. بعدما “فات الأوان” ولم يبقَ إلا نحن السوريون أهل الأبجدية.. والحضارة.. والمحبّة وأيضاً القوّة.. ووقفة العز دائماً تحيا سوريا للسوريين .... فضاء... هل ببعض من حنين: وانقضت ثلاثُ ساعاتٍ كاملاتٍ بلا شهداء يا بلادي التي زغردتني وما علّمتني يوماً.. وما تعلّمت مرَّ البكاء واكتظّ الشارع الحلو الّلذيذ بالأشلاء والشهداء وبالوحوش الذين بإسم «الدين» يمتصّون رحيق الدّماء ويقتلون عمر الهواء.. وعمر الماء ويغتالون.. بالأسماء.. والأنبياء ويفتكون.. بربّ السماء .... لا بأس يا سوريا فكلُّنا شهداء وكلُّنا يا سوريا.. أحياء.. |
|