|
ثقافة لا يمكن أن أعود بالذاكرة وأعرف متى بدأت تعلم الكتابة هروباً، كل ما أدركه الآن وأتذكره تلك الجرأة على كتابة كل ما أريده أن يتحقق ولم أحققه أثناء مرحلة المراهقة ولا أدعي أنها بدايات مبكرة بالرغم من نشرها على صفحات الدوريات في ذلك الحين ولو لم أتجرأ على نشرها في ذلك العمر المبكر لأمضيت عمري وأنا خجلة وخائفة من الفضيحة، لهذا عندما وعيت معنى ما أكتبه من نصوص شعرية توقفت حتى بعد صدور ديوان شعري واحد فقد وجدت نفسي هناك ولا أحد معي بينما تمكنت من عبور جسور نحو الآخرين. في القصة القصيرة استعرت أحزانهم وتقمصت شخصياتهم تحدثت بلسانهم وأعطيتهم بعضاً مني ولم أخف من ظهوري بينهم وعلى مسرحهم، هؤلاء كانوا أبطالي الذين دفعوني لأكون أكثر حرية في الكتابة والنشر، كنت أكتب القصة وعيني على فضاء الرواية، الرواية لم تأت إلى بسهولة، ذهبت نحو بابها الموارب، دفعته بقوة تسلحت بالمعرفة التي كانت مفاتيح متنوعة معلقة بسلسلة دائرية وصرت أجرب فتح أبوابها علناً وخلسة، عالم الرواية مخيف، فهذا زمنها إلا أن زمن الخوف عليه أن يرحل منذ الآن، هكذا قررت الكتابة مرة ثانية حتى لو رأى البعض أن جزءاً يسيراً مني تجسد في عملي الأول واتهمت بالسيرة فيها. الكتابة هي تحد كبير لخوفي الذي أستمتع به كلما تغلبت عليه بكتابة نص جديد، مع الكتابة التي علمتني كيف أتحدى مخاوفي الكبيرة كيف أصبح فوقها تماماً وأتجاوزها، يصبح فعل الكتابة أكثر جرأة وأكثر صدقاً وملزماً للتحدي من جديد، فهو الذي يتغلب على جبن الخوف من صفحة بيضاء تتحدانا. وفي نهاية الأمر نعثر على أشياء مختلفة كانت مختبئة داخلنا بعد صفحات كثيرة قمنا بكتابتها ولم نكن نجرؤ على قولها شفاهة، لهذا تعلمت أن ما نقوله ونتحدث به لن نكتبه أبداً. هذا هو سر البياض المخيف، إنه يواجه صمتنا الرهيب ونحن نرشق حبرنا عليه. |
|