تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الأمم المتحدة والإرهاب ومبدأ حماية المدنيين !!

شؤون سياسية
السبت 2-6-2012
محمد عبدالكريم مصطفى

عندما عجزت القوى الاستعمارية الكبرى عن تحقيق أهدافها وأطماعها في السيطرة على بلدان العالم النامي عن طريق الوصاية الالزامية بالاحتلال المباشر و سلب إرادة تلك الدول ،

نتيجة الثورات المحلية المقاومة للاحتلال وتحقيق أغلب دول العالم الثالث استقلالها الشكلي على الأقل وبشكلٍ متباين ، ذهبت الدول الاستعمارية الكبرى لطرق أخرى لتحقيق نفس الأهداف وذات الغاية تحت يافطة تقديم بعض الفتات لسد الرمق عن طريق ما يُسمى المساعدات الإنسانية والعلمية لقاء التبعية الكاملة للدولة التي تقدم تلك المساعدات.‏

كما لجأت هذه الدول الاستعمارية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى على استثمار الأمم المتحدة وتحويلها إلى ممر وجسر عبور لتأديب الأنظمة الخارجة عن الطاعة تحت مسميات في ظاهرها إنسانية وفي باطنها يكمن الشر على قاعدة « كلام حق يُراد به باطل » ، وآخر ما أتحفتنا به المنظمة الدولية مبدأ حماية المدنيين ، دون تحديد الأسس والعوامل الرئيسية التي يُمكن تطبيق هذا البند بموجبها، وهل ينطبق هذا البند على الدول التي تُكافح الإرهاب الذي يتعرض له شعبها من عصابات مجرمة ؟ أم إن خلط الأوراق ما بين الإرهاب ومبدأ حق حماية المدنيين هو حاجة أمريكية وأوروبية وثغرة للاستمرار في إتباع سياسة الكيل بمكيالين في الأمم المتحدة لتحقيق غايات محددة ضد دول محددة ؟‏

في الواقع ما يحدث في سورية ليس صراعاً على السلطة ، وليست حرباً طائفية أو مناطقية ، بل هي حرب معلنة ومواجهة بين الدولة السورية بمؤسساتها ومكوناتها الدينية والرسمية والشعبية من جهة ، وبين مجموعات من الإرهابيين والخارجين على القانون وقطاع الطرق تدعمهم قوى محددة خارجية من جهة أخرى ، وإذ نستحضر الحديث عن مبدأ الحماية الدولية للمدنيين ، في مرحلة هامة وخطيرة من حياة وطننا الغالي لأنه تنتابنا مخاوف حقيقية مما يجري في كواليس السياسة الدولية وانعكاس ذلك على الأرض من قبل الإرهابيين بارتفاع مستوى الإجرام بشكل مُخالف لكل الوعود التي قطعها المبعوث الأممي وحددها البروتوكول الموقع بينه وبين الحكومة السورية، و كذلك الأمر في ظل الدور الضبابي للمراقبين الدوليين ، حيث ترافق ذلك مع ارتفاع منسوب التحريض الخارجي الذي يُساهم في استمرار نزيف الدم السوري .‏

من المؤكد أننا في حالة حرب كبرى تشنها على سورية قوى عالمية كبرى ويُشارك بها أعداء غير تقليديين ، مدعومين من قبل هذه الدول التي تمدهم بأحدث أنواع السلاح والأجهزة التقنية ، وتوفر لهم الرجعية العربية في السعودية وقطر الغطاء المالي والسياسي ، وهنا سؤال جوهري يفرض نفسه : إلى متى يستطيع الشعب السوري تحمل حالة التضييق والخناق التي تُمارس ضده من دون وجه حق ؟ خاصة مع ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية من حصار لا أخلاقي على السلك الدبلوماسي السوري في الأمم المتحدة ، أين موقف المنظمة الدولية من تلك الإجراءات الظالمة ؟‏

في سورية تُمارس سياسة الحكمة في مواجهة الإرهاب الذي ينشط تحت غطاء المعارضة السياسية ، في الوقت الذي يغيب فيه رأي المعارضة العلني بما يجري من إجرام على الأرض ، ما هو السبب هذا سؤال برسم المعارضة التي تدّعي الوطنية ؟ لكن المؤكد من قبل الحكومة السورية وقيادتها السياسية أن مبدأ الإصلاح في البلاد والعباد هو الشعار المرفوع ، ليس خوفاً من المنظمة الدولية ، ولا من مبدأ حماية المدنيين وغيره ، بينما انطلاقاً من قناعة أساسية على ضرورة تضميد الجراح ، والعض على الألم من أجل إعادة بناء سورية الوطن القوي المصان بإرادة شعبه وحكمة قيادته ، لأن مبدأ إصلاح النفوس يعلو على قوة السلاح ، وصناع المجازر لن يظفروا بالنيل من رباطة جأش سورية شعباً وحكومة وحرصها على حماية كل أبنائها لأن عقلية الانتقام لا تبني أوطاناً ، ولا تصنع سلاماً بين أفراد الوطن ، وإن دعم الجهود الشعبية التي ظهرت في حمص وغيرها من المدن السورية لتحقيق مبدأ المصالحة الوطنية ودعمها بكل الوسائل اللازمة ابتداءً من ضرورة الحوار واللقاء لانتقاء الأفضل لسورية ، ولدينا الآن مجلس شعب جديد عليه أن يقوم بمهامه كاملة لتنفيذ أجندة الإصلاح من جوانبها كافة!!‏

m.a.mustafa@mail.sy

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية