تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أين مبررات منع زراعة الأشجار المثمرة في الرقة?

مراسلون
الأربعاء 2/1/2008
عبد الكريم البليخ

قد يشكل استغرابنا منع زراعة التشجير المثمر في الرقة التي أخذت وبشكل لافت خلال السنوات العشر الماضية جانباً

مهماً من الاهتمام الخاص بإنتاجها, وهذا ما حدا بالكثيرين من ملاك الأراضي سواء الخاصة (مروية, بعلية) أو غيرهم ممن يتعدون على أراضي أملاك الدولة بزراعتها والفوز بإنتاجها الغزير والمربح, ولاسيما وأنها ساهمت إلى حد بعيد في تشجيع الاستثمار الزراعي بعيداً عن المحاصيل الاستراتيجية الأخرى, التي طالما تعتمد عليها الحكومة من جهة, والفلاح, والمنتج من جهة أخرى لأهميتها في حياتنا.‏

وهناك تصور يمكن الوقوف عنده..‏

أولاً: إن استصدار قرارات المنع حيال زراعة الاشجار المثمرة كان فيه الكثير من الغرابة, ما دمنا نبحث عن آفاق مستقبلية لها مدلولها بالنسبة للفلاح, ابن المنطقة, من جهة تحسين دخله, والمساهمة في تنمية المنطقة الشرقية, والتي يمكن الاعتماد عليها من خلال ترغيبه باستثمار الأراضي على مختلف تنوعها, والاستفادة من خيراتها, باعتبار أن الكسب يصب في الصالح العام.‏

وثانياً: إن زراعة الاشجار المثمرة مرهونة بالحكومة, التي يجب عليها العمل على تشجيعها, وترغيب الفلاح في هذا الإطار الذي يكد ويجهد طوال عام, وأخيراً نجد أن إنتاجه من وارد المحاصيل الاستراتيجية, التي نتغنى بها, وطالما نحرص عليها, وكما ذكر لنا العديد من الفلاحين والمنتجين الذين التقينا بهم وأكدوا لنا أنه لا يغطي في الواقع, ما يصرف على الأرض من مستلزمات زراعية, وأجور عمال, ومحروقات بالنسبة للأراضي التي تعتمد على الآبار الارتوازية نتيجة ابتعادها عن أقنية الري..وهذا, لوحده في حال تم الإقبال على زراعة الاشجار المثمرة, وبأنواعها بدلاً من الاقتصار على المحاصيل الرئيسية, فإنه يشكل عائداً مبهجاً!‏

أحد المنتجين الذين التقيناهم ذكر, بأنه يملك حوالى 25 دونماً من الأراضي البعلية, وكانت حصيلة مردوده خلال عام كامل بعد انتظار عائد محصول القطن, وبحسب كمية الهطولات المطرية, لم يتجاوز عشرات الآلاف من الليرات..‏

وآخر يملك ما مساحته 20 دونماً مزروعة بالقمح, وبعض الخضروات, لم يتجاوز مردوده من الأرض ال 100 ألف ليرة, وغيره يملك مساحة 30 دونماً مروية على الراحة, ودخله من محصول القطن لم يتجاوز ال 75 ألف ليرة.. وغيرها الكثير من صور مماثلة!‏

هذا بالطبع بعد دفع ما يترتب عليه من مصاريف, ناهيك عن هدر الوقت, والآمال التي كانت مرسومة في ذهنه, والاحباط الشديد الذي يعانيه حيال إجراءات تسليم المحاصيل المنتجة, والتعقيدات التي طالما يعانيها من أجل الحصول على بطاقات المنشأة, وتسعير قيمة الأقطان,والقمح والتباين الصارخ غير المستقر بين عام وآخر! وما دام صراخنا -ومن المؤكد- لن يستجيب له أحد: ما مبرر وقوف المئات من المراجعين, أمام مكتب التشغيل للبحث عن فرص عمل, ما دامت الأرض قادرة على تأمين متطلباتهم المعيشية اليوم?!!‏

فأيهما نصدق?‏

هل نصدق الأرض? أم واردها الذي لا يسد الرمق?!‏

وبدلاً من تشجيع الفلاح, والاهتمام به, والأخذ بيده..نحاول تهميشه, إن لم يتعرض للاهانة والذل في أحايين كثيرة!‏

وما احتضان الرقة لعيد الشجرة السادس والخمسين, وايلاء وزارة الزراعة كل هذا الاهتمام, إلا إنه في المقابل, نجد أن قرار منع التشجير الذي حال دون إقدام المواطن على زراعة الاشجار المثمرة في الفترة الأخيرة, رافقته ردود أفعال متباينة.‏

وهذا ما يؤخذ على الوزارة المعنية التي كان من المفروض والواجب عليها العمل على تشجيع زراعة الاشجار المثمرة التي باتت تفاخر الرقة اليوم باحتضان حوالى 8 ملايين شجرة من الزيتون المثمر!‏

والمفرح أن عطاء الدونم الواحد منها أفضل من ثلاثين دونماً مزروعة بالمحاصيل الاستراتيجية التي ننادي بها!‏

وما دام الممنوع مرغوباً, ويشكل دخلاً لافتاً, فنأمل من وزارة الزراعة العودة عن قرارها المجحف بحق الفلاح, وإدراج دراسة هذه المعضلة, التي يكونالخاسر فيها الفلاح والوطن على السواء, في خططها المستقبلية, وإفساح المجال للراغبين بزراعة الاشجار المثمرة, وعلى مختلف أنواعها, ما يعني تحرير الفلاح من عقد كثيرة طالما تقف حجر عثرة في طريقه, والنتيجة الفوز بإنتاج وفير!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية