تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قرارات رائدة باتجاه توزيع الدعم تحتاج لإعادة النظر

اقتصاديات
الأربعاء 2/1/2008
عبد اللطيف عباس شعبان*

لغاية ترشيد الاستهلاك والحد من الهدر, ولمقتضيات المصلحة العامة, صدرت عن السلطات الرسمية ثلاثة قرارت هامة جداً, وتشكل بحق خطوة رائدة وأساساً في ميدان إعادة توزيع الدعم, وتضمنت هذه القرارات ما يلي:

1- تطبيق تعرفة جديدة لبيع الطاقة الكهربائية للمستهلك, اعتباراً من 1/9/2007 وذلك خلال دورة شهرين.‏

2- تطبيق تعرفة جديدة لبيع المتر المكعب من مياه الشرب للمستهلك اعتباراً من 1/11/2007 وذلك خلال كل شهر من أشهر الدورة.‏

وتم من خلال ذلك تثبيت حالة الدعم القائمة عبر استمرارية اعتماد سعر مخفض للكيلو وات الساعي من الكهرباء أو للمتر المكعب من المياه لكل شريحة من شرائح الاستهلاك الأدنى وبشكل تصاعدي للشرائح الأعلى, وقد توفر بذلك سعراً أدنى للأسر الأقل استهلاكاً, والذين هم على الأغلب من فئة ذوي الدخل الأقل.‏

3- سحب السيارات الحكومية من يد عدد غير قليل من الذين كانوا يستخدمونها, واعتماد ضوابط تنظم الاستهلاك والإنفاق على العدد المحدود المتبقي في الاستخدام, أكان ذلك للسيارات المحددة للخدمة أم للسيارات المخصصة لذوي المهام والمناصب وذلك اعتباراً من 1/10/.2007‏

من المؤكد أن الدولة تتحمل أعباء كبيرة لقاء تأمين الطاقة الكهربائية ومياه الشرب للمستهلك, وتأمين خدمة الانتقال بالسيارات الحكومية للعاملين في الإدارات, وكانت توجد الكثير من حالات التبذير والهدر في الإنفاق والاستهلاك الأسري من المياه والكهرباء, نتيجة شمول القيمة المخفضة التي كان معمولاً بها لهاتين السلعتين لجميع الأسر, وأيضاً كان هناك تبذير واستهلاك في الإنفاق والاستهلاك الحكومي نتيجة ضعف تنظيم استخدام السيارات الحكومية وتوسع هذا الاستخدام, أكان ذلك ناتجاً عن عدم الحاجة العملية للاستهلاك أم الاستخدام, أو عدم الأحقية القانونية فيه, وبالتالي اقتضت المصلحة العامة اتخاذ قرارات موضوعية بهذا الشأن, ما يجعل من المفترض بل والمتوجب أن تلقى القرارات التي صدرت قبول المواطن وارتياحه بكافة شرائحه.‏

وحيث إن قيادتنا الحكيمة تكرمت أكثر من مرة بإعادة النظر في العديد من قراراتها, إثر اقتراحات موضوعية تقدم بها بعض من يعنيهم الأمر أو المهتمين بالشأن العام- عبر أكثر من منبر- أستميحها بالإشارة إلى بعض البنود الواردة ضمن هذه القرارات والتي أرى أنها تحتاج إلى إعادة النظر بها وهي:‏

أولاً: بالنسبة للتعرفة الجديدة لبيع الطاقة الكهربائية, ولقيمة المتر المكعب من مياه الشرب :‏

أ- إن نسبة الرسوم المفروضة على فاتورة الكهرباء للمستهلك- إضافة على قيمة الاستهلاك- تصل إلى 22,32 % من قيمة الفاتورة, وهذه نسبة عالية قياساً بالكثير من الرسوم المفروضة على فواتير في حالات مشابهة,خاصة وأن الانفاق على الطاقة الكهربائية لا يدخل ضمن الحاجات الكمالية للمواطن, ما يقتضي أن تكون الرسوم المفروضة على هذه النفقة أقل من ذلك, علماً أنه قد تتضمن الفاتورة بعض الرسوم الأخرى, كرسم الصيانة وغيره, وبالتالي حبذا لو يتم تخفيض نسبة هذه الرسوم.‏

ب- إن حرمان مستهلك الطاقة الكهربائية الذي يزيد استهلاكه عن 2000 كيلو وات ساعي من حق الاستفادة من أسعار الشرائح الأدنى واحتساب كامل استهلاكه بالسعر الأعلى 4 ل.س يشكل حالة غبن بحقه بالمطلق, ونفس الحالة عند احتساب قيمة المتر المكعب من المياه عليه ب 22 ل.س عن كامل الفاتورة في حال زاد استهلاكه عن 40 متراً مكعباً شهرياً, واحتسابها عليه ب 30 ل.س في حال زاد استهلاكه الشهري عن 60 متر مكعب شهرياً, وخاصة وأنه من المؤكد أن قراءة عدادات الكهرباء والمياه غير منتظمة, ما يجعل المستهلك في كثير من الحالات تحت رحمة قارىء العدادات.‏

إذ تبين في كثير من الأمكنة والأزمنة عدم دقة أو صدقية قراءته, نرتب على ذلك الكثير من الإشكالات وبالتالي حبذا أن يتم اعتماد قيمة معينة معتمدة لسعر الكيلو وات الساعي, وللمتر المكعب من المياه ضمن كل شريحة من شرائح الاستهلاك, وليكن ذلك بأسعار أعلى للشرائح الأعلى واجتناب اعتماد نفس السعر على كامل الاستهلاك. وذلك بغية استبعاد أية حالة غبن قد تلحق بالمستهلك عمداً أو خطأ, والعمل على تخفيض الرسوم المتعددة المضافة على الفاتورة, وتجنيب تحميل المواطن بعض الرسوم مرتين كرسم نفقات الصيانة الذي يدفعه المواطن- غالباً- مرتين, مرة ضمن الفاتورة ومرة تحت عنوان الإكرامية أو التسميات الأخرى, واعتماد طريقة معينة تضمن قراءة دورية صحيحة للعدادات وبالتوقيت المطلوب عقب انتهاء كل دورة مباشرة, واتخاذ الإجراءات الصارمة التي تمنع استجرار الطاقة الكهربائية أو المياه بشكل غير شرعي, والعمل على تخفيض نسبة الفاقد.‏

ثانياً: بالنسبة لسحب السيارات الحكومية:‏

1- إن سحب السيارات من البعض وتقنين الاستهلاك والإنفاق على المتبقي في الاستخدام مع البعض الآخر تم بكل مفاجىء, دون تهيئة أجواء الاستعداد لدى من طالتهم هذه الإجراءات, ودون قيام السلطات الرسمية بالتحضير المسبق لمتطلبات إجرائها, ما تسبب ببعض حالات الغبن التي لحقت ببعض العاملين وأيضاً ببعض الأعمال,وفي أكثر من إدارة, إذ كان من الأفضل أن يتم مسبقاً- أو بالتوازي مع تطبيق السحب أو التقنين- تحضير السيارات الحديثة المفترض شراؤها لاستبدال السيارات الحكومية المصنوعة قبل عام ,1985عملاً بالمادة 5 من قرار رئاسة مجلس الوزراء المتضمن هذه الإجراءات- رقم 63/م و تاريخ 23/8/2007 وتأمين النقل الجماعي للعاملين عملاً بالمادة 6 من نفس القرار, وتحديد سبل التصرف بالسيارات التي سيتم تنسيقها.‏

ولكن ذلك لم يتم حتى تاريخه, إذ إن إجراءات سحب السيارات أو توقيفها سبقت إجراءات تأمين البديل, ولا يوجد توقيت محدد لذلك, وكان من الأفضل أن يتم الإعلام عن هذه الإجراءات مسبقاً, وتعطى مهلة زمنية مرنة قليلاً للبدء بها, وفترة زمنية أكثر مرونة لتطبيقها على ألا تتعدى كل فترة أشهر قليلة على الأكثر لتطبيق هذه الإجراءات, إذ إن عدم تأمين النقل الجماعي لمن كان يتم انتقالهم بالسيارات التي كانت تحت تصرفهم شكل عندهم حالة إحباط مفاجئة, وأيضاً التحجيم المفاجىء لكمية المحروقات الشهرية ونفقات الإصلاح المخصصة لذوي المهام الذين بقيت السيارات معهم, شكل عند الكثيرين منهم حالة إحباط أكبر لأن المخصص لهم من كمية المحروقات ومبلغ الصيانة موحد.‏

ولكن حاجة السيارات من ذلك مختلفة تبعاً لتنوع كمية استهلاكه من الوقود وحاجة صيانتها لاختلاف نوعها وقدمها وجودتها, كما أن المبلغ المخصص للصيانة خاضع للحسميات الضريبية بحيث يصبح الصافي المستحق- من هذا التعويض- للعاملين القدامى الأعلى راتباً أقل من الصافي المستحق للعاملين الأحدث والأقل راتباً.‏

ما يتطلب أن يتم العمل على استبدال السيارات القديمة ومنح كمية المحروقات ومبلغ التعويض المخصص للإصلاح بما يتناسب واستهلاك السيارة من الوقود, وحاجتها للإصلاح, وحبذا أن يصدر وزير المالية قراراً بألا يخضع تعويض الصيانة لأية حسميات لأنه ليس من أصل الراتب ويزول بزوال المهمة, وهو مخصص في الأصل لقاء نفقة مفترضة وقائمة فعلاً,وأقل بكثير مما كان يصرف على السيارة من قبل وأن يخضع لحسميات موحدة لجميع مستخدمي السيارات المخصصة.‏

ب-وأيضاً إن تحديد عدد الكيلو مترات المسموح أن تسيرها سيارات الخدمة وتحديد كمية المحروقات ومبالغ الصيانة المخصصة لها شهرياً بموجب قرار وزير المالية 2683/ و الذي عممته مديريات المالية على جميع محاسبي الإدارات, قد يتسبب بأن يلحق غبناً ببعض مستخدمي هذه السيارات من الإدارات والعاملين عليها.‏

نظراً لأن المصاريف المحددة لها موحدة, ولكن حاجتها للمحروقات وحاجتها من الصيانة متباينة نتيجة لاختلاف نوعيتها وقدمها وجودتها, إضافة للحالة الجغرافية القائمة حسب انتشار الإدارات ضمن كل محافظة, ما يتطلب إعادة النظر في ذلك تبعاً لنوعية كل سيارة والمهام الموكلة لها وطبيعة منطقة عملها.‏

*عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية