تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


صواريخ الأعداء .. أم سلاح الحاقدين ؟

مجتمع
الأحد 1-9-2013
غصون سليمان

أيهما أشد أذى وفتكاً وتدميراً وتخريباً السلاح التقليدي الناري المعروف بأشكاله المختلفة، أم سلاح الحقد وبواعث الحاقدين؟؟

أيهما أشد سواداً وإيلاماً الدخان الأسود المنبعث من نواتج صواريخ وقواذف وقنابل الضربات الجوية أو البحرية أو البرية الصادرة من أراضي حكومات وبلدان يشهد لها التاريخ بعنصريتها وعمالتها واستبدادها واستعبادها للشعوب، وأنها كانت عبر حقب متعددة مصدراً للشر والويلات والمصائب وفي المقدمة الولايات المتحدة الأميركية التي بنت عرش حجرها ومستقبلها على دماء مئات الآلاف من الهنود ومازالت الأرض تفوح برائحة دماء هؤلاء لغاية اليوم.‏

فيما بريطانيا وفرنسا وغيرهما من الدول الأوروبية الأخرى فحدث ولا حرج.. فإن كتب التاريخ مثقلة بأهدافهما المباشرة وغير المباشرة التي كانت دوافع للاستعمار القديم الحديث لتحقيق مآرب ومصالح اقتصادية وسياسية واجتماعية، هم يريدون أن يبقوا أسياداً على شعوب مستعبدة لا حول ولا قوة لها سوى الخنوع والخضوع. وتاريخنا العربي شاهد على كل أدوات الإجرام والاستعباد التي حاربها أجدادنا وآباؤنا بأبسط. وسائل الردع والمقاومة، ومع ذلك فقد انتصروا خير انتصار، وحققوا العزة للشعب وصانوا أرض الوطن.‏

طبخة جديدة وامتحان أخير‏

اليوم تعود هذه الصورة الاستعمارية بطبخة منكهة بعناصر مسببات الموت والإجرام والإعدام للبيئة.. بيئة الإنسان والحيوان والنبات..‏

اليوم تستنفر كل قرارات مؤسسات الكرة الأرضية، وقرعت الطبول بكل أحجامها.‏

دقت الساعة الدولية معلنة إنذارها.. وفتحت الأبواب على مصاريعها لتلعب فيها الرياح كما يشاؤون ويشتهون؟ هي الحرب إذا تكتمل فصولها الأخيرة على خشبة المسرح السوري بعد ثلاثين شهراً من عمر العدوان على هذا البلد حيث جربت فيها كل الأدوار، وتقمص الممثلون الأصلاء والمزيفون كل الوجوه بكامل أقنعتها ، بعريهم وستارهم بكل خلفياتهم وما يدعون..‏

هل هو إرهاب نفسي اجتماعي؟‏

هل هو إرهاب سياسي وعسكري؟‏

هل هو إرهاب اقتصادي وضغط حياتي؟‏

هو بالتأكيد كل هذا ، إرهاب وخوف وترويع على مدى كل هذه الشهور والأيام علها تهتز بعض الشيء إرادة السوريين من جيش وشعب وقيادة، وتفتر عزيمتهم وهي التي ما لانت ولا فترت أو تراخت على مدى 30 شهراً من مسلسل العدوان على سورية، وهم الذين لم يعدموا وسيلة ولم يستثنوا تجربة؟ صغيرة أو كبيرة.. جميعها سقطت في قاعات امتحان الشعب السوري الذي يجيد فن إعطاء الدروس في صفحات العزة والكرامة في كتاب البطولات والشهامة.‏

فكان التحدي والصمود والعنفوان في أبهى صوره، وسيبقى كذلك مادام هناك سوري يولد ويموت في هذه الأرض كل يوم .‏

مستعدون‏

إننا مستعدون لكل الامتحانات، لكل السيناريوهات ، لكل التداعيات..‏

مستعدون وهنا نقولها بلسان المجتمع السوري بكل أطيافه من صغيره إلى كبيره .‏

سألت طفلة كانت ترسم على ورقة بيضاء شجرة مورقة، ووجه طفل يبتسم، وعلماً يرفرف فوق تلة، وكتاباً مفتوحاً وإلى جانبه ما يشبه الرشاش.‏

تأملت الصورة وسألتها عما ترمز وتوحي هذه الأشياء التي رسمتها بقلم حبر وليس بقلم رصاص وهي الفتاة السورية اليافعة ابنة الصف السادس الابتدائي / الحلقة الأولى فكان جوابها:‏

الشجرة الخضراء هي سورية التي لا تموت ولا تنكسر أبداً ، والطفل المبتسم هو الجيل المتجدد على الدوام ، أما العلم فهوالرمز العالي لكبرياء سورية لرأسها المرفوع ، لعنوان هويتها واستقلالها والذي من أجله كان الشهداء بالآلاف من أبناء وطني .‏

أما الكتاب المفتوح فقصدت به بأن التاريخ لا تكتمل فصوله بدون سورية، والجغرافية أخت التاريخ شاهدة على عظمة هذه المساحة .‏

فيما الرشاش الذي يرمز للسلاح فهوالقوة التي تضمن للشعب السوري حق الدفاع عن نفسه لأن الحق يحتاج إلى قوة لصونه وإعلائه، وهو عنوان ورمز لقوة جيشنا وقواتنا المسلحة التي تدافع عن كل شبر في أرض هذا الوطن .‏

هكذا هم‏

أذهلني جوابها ، كما رموز ما رسمته .. وفي لحظات الدهشة تلك استدركت ذهولي هذه اليافعة وقالت :‏

أنا ما زلت في المرحلة الابتدائية أي إنني طفلة بعرف المجتمع .. لكنني فتاة من سورية هي اسمي وبلدي هي أمي وأبي وأخي وأختي ..‏

اليوم أبي شهيد وابن جارنا شهيد ، وزميلي في المقعد غيبه عن الحياة تفجير إرهابي حقير .. ومن أجل سورية يجب أن يصنع المستحيل .‏

سوف أكبر أنا وغيري من أبناء جيلي ، وتكبر معنا سورية بروحنا وفكرنا ، هي الدافع والملهم لأن نكون عظماء كما اسمها وكما كان يقول أبي رحمه الله ..‏

فلماذا تخاف ومم نخاف ..؟! فو الله نحن أقوياء وبعزة الله ودماء الشهداء الأطهار سننتصر وتنتصر سورية على كل هؤلاء الأشرار ..‏

قبلتها على جبينها النير وأكبرت فيها هذا الوعي والإدراك والنضج لما تشعر فيه وما تمر فيه سورية ...‏

وقلت نعم سننتصر ... وليقرعوا طبول الحرب ..‏

إلى ما يشاء الله ...‏

إن مقبرتهم هنا ولا مكان آخر .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية