تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سورية .. وإدارة أوباما المضللة

الأحد 1-9-2013
سلوى خليل الأمين

صمت العرب ليس جديدا في الأزمات الخطيرة التي تتعرض لها الأمة، فمنذ اغتصاب فلسطين والعرب صامتون، وصمتهم جعلهم أتباع لا حيلة لهم في المواقف المصيرية، ولقد تعودنا على العرب وهم يبيعون قضاياهم بقروش من الفضة، واليوم يبيعون سورية بالعمالة السافرة

، متناسين أن السيف الاستكباري العالمي مسلط على رقاب الجميع، كل بدوره متى أتت ساعته المبرمجة في الأجندات الاستعمارية ، حيث لا مرد للقرار العالمي الطاغي عند تخاذل الأمم والشعوب عن تقديم مراسم الطاعة العمياء، وها هم العرب اليوم نيام كأهل الكهف، في حين سورية مهددة بعدوان أميركي مضلل في أسبابه ومسبباته، يمارسون الصمت والالتزام بشهادات الزور عبر الوقوف موقف المتفرج وعبر مشاركة البعض من الأعاريب ببذل ثرواتهم من أجل إخضاع سورية، حيث لاهم لهم سوى تثبيت مواقعهم المهزوزة على العروش المستعارة، ظنا منهم أن إطاحتهم لاحقا، ليست مدونة على سطور البيانات الأميركية، التي تسعى لتغيير العالم العربي وتفتيته دولا متناحرة ، وجعله ساحة مدجنة ومحبطة، الغلبة فيها لإسرائيل فقط . لهذا فمن غير المقبول لرئيس عربي أن يرفع الصوت بكلمة لا! وغير مسموح بالاعتراض على قرارات سيد الكون ! حيث لا صوت يعلو فوق صوتهم، ظنا منهم أن أحاديتهم التي حكمت العالم لفترة من الزمن بعد غياب الاتحاد السوفياتي وانهزام العالم العربي بغياب الرئيس جمال عبد الناصر في مصر الذي أرهقوه بالعدوان الثلاثي ومن ثم بحروب عدوانية إسرائيلية استنزفت الجيش العربي المصري المناضل، ثم ما افتعلوه من أحداث أيلول الأسود في الأردن التي وقعت بين منظمة التحرير الفلسطينية والملك حسين واستدعت تدخلا سريعا من عبد الناصر ما لبث أن فارق الحياة بعدها متألما على أمة لم تحفظ حضارتها ولم تصن مجدها ولم توحد كلمتها في وجه العدو الصهيوني ، ولم تثبت أنها بالفعل خير أمة أرسلت للعالمين . رحل الرئيس جمال عبد الناصر بعد أن سلطوا عليه حلفاءهم العرب المتآمرين، وارتحل معه تاريخ مصر الواقف بالمرصاد للعدو الصهيوني، إذ بعد سنين ذهب خليفته الرئيس أنور السادات إلى القدس ووقف محاضرا عن السلام في الكنيست إلى جانب القيادات الإسرائيلية ضاربا بعرض الحائط ما سببه لسورية من خسارة للجولان ، بعد أن تخلى عن اتفاقه مع الرئيس حافظ الأسد في حرب العام 1973 .‏

ثم جاء الرئيس حافظ الأسد الذي وقف أيضا بالمرصاد لكل المناوئين للقضية الفلسطينية من الحكام العرب، لهذا حالف الثورة الإسلامية الخمينية في إيران التي ناصرت القضية الفلسطينية، وطردت السفير الإسرائيلي من أراضيها ورفعت العلم الفلسطيني على أسوار السفارة الإسرائيلة التي كانت تستريح في طهران الشيعية الفارسية في عهد الشاه رضا بهلوي الواقف بالمرصاد لكل دول الخليج بأمر من الراعي الأميركي. وعمل الرئيس حافظ الأسد على حضانة جماعة المقاومة الفلسطينية «حماس» في بلده ومدنهم بكل متطلبات الجهاد من أجل فلسطين، وبعده حمل الراية الرئيس بشار الأسد الذي تابع المسيرة رافضا الإذعان للمقترحات المذلة لسورية التي حملها الوزير كولن باول وزير الخارجية الأميركة الأسبق في عهد بوش بعد احتلال العراق.‏

لهذا كله كانت الولايات المتحدة الأميركية الضامنة لأمن إسرائيل تراقب بحذر شديد صعود إيران وتحركات سورية وصمودها ودعمها المقاومة في لبنان وفلسطين ، لهذا أشعلت حربا ضروسا بين العراق وإيران دامت ثماني سنوات وأودت بخسائر فادحة لكلا البلدين، اتبعتها بتشجيع صدام حسين على غزو الكويت الدولة العربية الآمنة، إلى هنا والمسلسل لا يهدأ ، فالمعاهدات بين إسرائيل والعرب تمر بسرعة السحاب من كامب دايفيد إلى وادي عربه إلى اتفاقية أوسلو وصولا إلى الحرب الأهلية في لبنان ومن ثم اتفاق الطائف المهزلة الذي كرس المذهبية في الحياة السياسية بعد أن كانت عرفا لا دستورا ، وصولا إلى احتلال العراق وتقسيمه ومن ثم انتفاضات الربيع العربي باسم الحرية والديموقراطية والاصلاحات والعدالة الاجتماعية في كل من تونس ومصر وليبيا، حيث ما سمي بالربيع العربي أوصل جماعات الإخوان المسلمين إلى السلطة، وتاريخ الإخوان وخططهم الجهنمية لا تخفى على أحد، خصوصا لجهة تعاونهم الوثيق مع المخابرات الأميركية وقبلها مع البريطانية.‏

وها هو التاريخ يعيد نفسه ، فسورية بعد تصديها وصمودها منذ عامين وأكثر، لأكبر حرب كونية سافرة حشد لها كل مرتزقة العالم من الإرهابيين المتطرفيين، بتعاون أميركي صهيوني خليجي تركي وعربي ، مهددة بعدوان أميركي منظم ومفبرك ومضلل ، يضرب بعرض الحائط كل الأعراف والقوانين الدولية وقرارات هيئة الأمم المتحدة ، بحجة استعمال سورية الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين السوريين. الادعاء باطل حكما ، لأن الإشارات والتحليلات والوقائع كلها تشير أن الدولة السورية لا يمكن أن تستعمل السلاح الكيماوي ضد شعبها، لأن جيشها يحرز النصر تلو الاخر في الغوطة الشرقية وريف دمشق على المجموعات الإرهابية المتطرفة ، وهذا النصر هو الذي قلب ظهر المجن، بحيث أن هزيمة العصابات الإرهابية في سورية لم يكن مدرجا على الخرائط الموضوعة على المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، لأن من أمسك خيوط اللعبة الجهنمية ضد سورية من العرب، من أجل تركيعها وتدجينها ، ما زال على ضلاله وغروره ، لهذا فهو يعمل ليلا ونهارا على حشد الإرهابيين من كل أقطار العالم في سورية، مما بات يشكل رعبا، انعكس خوفا عند الشعوب الأوروبية والأميركية من ارتداد نتائجه السلبية على بلادهم. وهذا ما شجعهم على التظاهر من أجل الضغط على حكوماتهم من أجل منع الضربة الأميركية المنتظرة على سورية، كي لا تقوى المجموعات الإرهابية في سورية ويصبح خطرها على أبوابهم، ولات ساعة مندم.‏

في الوقت نفسه يظن الرئيس الأميركي أوباما أن توجيه ضربة موجعة لسورية أمر في غاية السهولة ، متناسيا أن سورية ليست العراق ، حيث في سورية القيادة والجيش والشعب كتلة واحدة موحدة ضد كل من يخرق سيادة البلد ، وهي لتاريخه ما زالت مرتبطة بنظام عرف كيف يكون القوة القادرة على الصمود والتصدي ودعم المقاومة ضد العدو الصهيوني، حيث عقيدة الجهاد والصمود لدى السوريين لا تعرف الهوان ولا الانهزام، لهذا أثبتوا طيلة عامين ونصف من الحرب الكونية على بلادهم، أنهم بالفعل قادرون على رد كيد المعتدي، أيا كان هذا المعتدي، وستثبت الأيام القادمة أن ضلال أوباما سيتحطم على سيف سورية المرفوع في ساحة الأمويين يحدث الآتين والعابرين أن لسورية سيفا ينتسب إليها ، وأن سورية وشرفاء الأمة وحلفاءها واقفون بالمرصاد وعلى أهبة الاستعداد لقمع إدارة أوباما المضللة من شياطين الغفلة من عرب وأتراك وصهاينة ومعارضة سورية حاقدة تفتش عن دور لها في أروقة الضلال العالمي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية