تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نَهْرُ الزَّعفران

ملحق ثقافي
30 / 3 / 2010
مالك الرفاعي:وإذا أطلَّتْ في سماواتي الحزينةِ نَجمْتانِ..

وأَراهُما تتناجيانِ وتبكيانِ وتَهْمُسانِ‏

تَنْسابُ من روحي ومنْ قلبي وعيني دَمْعتانِ‏

بهما قرأتُ ولادتي وكتبتُ سِفْرَ الإرْجوانِ..‏

وانا المسافرُ في متاهاتِ الزمانِ بلا زمانِ‏

وأَرجُّ هذي الأَرْضَ أبْحثُ في المكانِ عن المكانِ‏

لمْ يَدْرِ غيرُ اللهِ ما يُخفي وما يُضْفي جَناني‏

متغرِّبٌ عنّي لأنّي في إغتراباتي أراني‏

ولكمْ جرحتُ الصَّمتَ أجْهَشَ في البيانِ على بياتيِ؟!‏

يا نجمتا أَلَقٍ, زبرجَدَ منْتَقٍ, ولقى جُمانِ‏

هَلْ عمرُنا الروحيُّ يرأفُ بالدقائِقِ والثواني؟!‏

والشعرُ أوْجَدَني لجنَّتهِ النبيّةِ واصطفاني‏

يا أيُّها الطَّيفُ المضفَّفُ أنتَ أنتَ الرَّافدانِ‏

وسماءُ مائِكَ من دمائِكَ: صبوتانِ عشيقتانِ‏

ويُطلُّ من صفحاتهِ بينَ السُّطورِ الفرقدانِ‏

ومنَ الصلاةِ إلى الصلاةِ قصدتُ نَهْرَ الزَّعفرانِ‏

نهرٌ من الأَسْرارِ والعَبَقِ المذابِ وخَمْرتانِ‏

وإذا أعودُ من الطوافِ.. أغوصُ في نَهْرِ المعاني‏

لي صَحْوتانِ بكلِّ وقْتٍ في مداهُ وسكْرتانِ‏

وليَ الغواني الغانياتُ وليسَ هاتيكَ الغواني‏

أنا ملْكُ رؤيايَ الْهمتْ لا ملْكُ فاتنةِ الجَنانِ‏

والأبجديّةُ للهدايةِ: صورتانِ ورُؤيتانِ‏

إنَّ البدايةَ كالنهايةِ للقلوبِ وللعيانِ‏

أنا ها هُنا وحْدي أُعاني في التغرُّبِ ما أعاني‏

وأنا أرى ما لا يُرى.. أتراكَ يا طيفي تراني؟!‏

وأنا الأرقُّ من الرؤى.. لكننّي كالسنديانِ‏

سَكَري نبيذُ المفْرَداتِ وخمرةُ الرُّؤيا دناني‏

وأنا الذي أعليتُ عَرْشَ الشِّعرِ منْ قبلِ الثَّماني‏

دميَ الطريقةُ تَرْتدي للحقِّ ثوبَ الإرْجواني‏

وأرى قصورَ الكونِ عرْزالاً بِمَرْجِ معيربانِ‏

وعلى جبالِ اللاذقيةِ راحَ يرسو عنفواني‏

وإلى ينابيعِ السفوحِ الشارِداتِ صدى حَناني‏

وسنابلي للطيرِ قابلةٌ وروضي للحسانِ‏

وهنا لنا كلُّ الزَّمانِ وكلُّ أَمْداءِ الأَوَانِ‏

نحنُ الرِّجالُ الشامخون على ذراهُ بلا افتتانِ‏

ولنا انتسابُ دمِ الترابِ الحرِّ لا روح الجبانِ‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية