|
ملحق ثقافي
كلا الطريقين هما الطريق الوحيد الذي أريده، الكتاب الرابع للكاتبة الأمريكية الشابة Maile Meloy الحائز على جائزة الأدب الأمريكي والمصنف كواحد من أفضل عشرة كتب للعام 2009". هذا ما كتبته صحيفة النيويورك تايمز، وعلقت عليه. الرواية مجموعة قصصية قصيرة تحتوي إحدى عشرة قصة مختزلة وموجزة وسريعة. تتسم القصص بقدر كبير من الواقعية، الجرأة والأسلوب المحترف في طرح قضايا اجتماعية تعرض من خلال شرائح اجتماعية متنوعة، ترينا أشكالاً من الحياة اليومية. حازت الرواية على إعجاب النقاد كما القراء، وأشاد الجميع بالأسلوب الراقي للكاتبة من خلال تناولها لمسائل اجتماعية تطال الجميع إن في الغرب أو حتى في مجتمعاتنا الشرقية. ومن خلال قدرتها على استخلاص عبرة أخلاقية من الواقع الذي تعيشه شخصياتها المتعددة.
الرواية عبارة عن ساحات قتال وانتصار، والجميل في الأمر أن هذه الساحات هي أماكن مألوفة للناس؛ فهي إما المطبخ أو غرفة المعيشة أو حتى السيارة. و كل قصة من القصص الإحدى عشرة هي استقلالية بحد ذاتها وفكرة بحكاية تسردها الكاتبة بإتقان تعرض من خلالها قضية الحب المعاصر الذي يقع في ورطات كثيرة ومآزق صعبة. تناقش الرواية العلاقات الإنسانية، ووجود الحب في هذه العلاقات «الزواج، الصداقة...» وتحاول عدم الفصل بل والربط بين الحب والمكان وأهمية هذا المكان لهذا الحب، والمكان هنا بلدة صغيرة في مونتانا. أما أبطال العمل فهم: مزارعون، أطباء، محامية، آباء، أمهات وأطفال صغار. إنهم أبطال يفتشون عن مكان لهم في هذا العالم، ويتساءلون على الدوام: أين هو الطريق الصحيح؟ يتعرف القارئ على الشخصيات ويلحظ وبوضوح وسهولة الصراع الداخلي الذي تعاني منه الشخصيات: التوتر، الشد، الضعف، افتقار الثبات والضياع وكل ما ينتاب النفس البشرية التي تواجه تحديات الواقع ومشاكله؟ وكلما اقترب القارئ أكثر من الشخصية كلما شعر أنها النهاية وأن الكاتبة سوف لن تستطيع شيئاً حيال الشخصية فتكون المفاجأة في جديد ما واستمرارية أخرى. "فيلدينغ"، إحدى الشخصيات، رجل يعيش الصراع بين التناقض والرغبة. لقد أمضى ثلاثين عاماً من الزواج يريد بعد كل هذه السنين ترك زوجته الذكية والجميلة من أجل فتاة تصغرها سناً حتى أنها بعمر أولاده. إنه يحاول إخبارها بما يجول في خلده فهل يستطيع ذلك بعد كل تلك السنين؟ وهل عنده القدرة على اتخاذ قرار مصيري كهذا؟ هل هو حقاً لا يريد زوجته؟ أم هو بالفعل يريد الفتاة الشابة؟ هل هو الرجل القوي الذي اتخذ القرار أم هو الضعيف الخائن لزوجته الهارب مما هو عليه؟ كلا الطريقين هي الطريقة التي أرادها!! بيث ترافيس، محامية شابة تحصل على أول وظيفة لها كمدرسة لفترة مسائية في مدرسة القانون في غلينديف. المشكلة تكمن في أن مكان العمل يبعد عن مكان سكنها قيادة ثمان ساعات في السيارة مقابل حصة درسية لمدة ساعتين فقط. « طموح، هروب، واقع...» "تشيت موران"، مزارع شاب أصيب بشلل الأطفال في الثانية من عمره. لم تقنعه الحياة في الشمال، بسبب الثلوج والصقيع. يقصد الشاب المدرسة المسائية التي تعمل فيها المحامية ويتخذ له مقعداً في المدرسة ويقع في حب المحامية الشابة. يمكن لك أن تتخيل التحدي الذي يشكله وجود علاقة، وخاصة لاثنين من الأشخاص الذين لا خبرة كبيرة لهما في العلاقات. لقد وظفت الكاتبة الجانب العاطفي توظيفاً رائعاً في الرواية واستعملت الحكمة والحس السليم وعمدت الوقوف خارج طريق شخصياتها لتترك لهم حرية خيار طريقهم مع أن كلا الطريقين هما الطريق الوحيد الذي أرادوه. وسؤال يتكرر لماذا يعمل الإنسان ضد مصالحه الشخصية؟ سؤال ينبغي أن يكون معروفاً للجميع. ولماذا تظهر القوانين المتضاربة في نفس المكان ونفس الوقت؟ ولماذا الخيار أصعب من كل ما مر.. إن كنا قادرين على الخيار والخيار الصحيح تحديداً؟ |
|