تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بعد استئناف منح القروض الإنمائية في المصارف العامة.. حالة من الترقب بانتظار نقلة كمية ونوعية

دمشق
اقتصاد
الثلاثاء 14-8-2018
وفاء فرج

يشكل حجم السيولة نسبة كبيرة في المصارف العامة ولعل من أهمها سيولة المصرف التجاري التي بلغت أكثر من 666 مليار ليرة وفي مصرف التوفير أكثر من 113 مليار ليرة

إضافة إلى المصرف الصناعي والتسليف ليصل إجمالي الإيداعات في كل المصارف العامة حسب تأكيدات وزارة المالية إلى نحو 1500 مليار ليرة.‏

هذه المبالغ الكبيرة حاولت المصارف العامة توظيفها عن طريق القروض الإنمائية والإنتاجية إلا أن حجم الإقبال حسب مصادر في بعض المصارف بلغ الصفر نتيجة الضوابط المتشددة الموضوعة من قبل المصرف المركزي وخاصة الضمانات وحجمها ورصيد المكوث المؤجل والفوائد وغيرها من الضوابط الأخرى التي حسب الكثيرين من شرائح المجتمع تشكل عقبة أمام الإقبال على الاقتراض من المصارف، وبالتالي فإن المصارف العامة هي الخاسر الأكبر نتيجة منحها فوائد على هذه الإيداعات بلغت وسطيا نحو 10% دون أن يتم توظيف هذه السيولة رغم المحاولات المتعددة بهذا الاتجاه لاسيما القروض الحرفية والإنتاجية والصناعية التي أعلنت عنها المصارف إلا أنها لم تحقق مبتغاها نتيجة عدم تحمل المصارف لجزء من المخاطر وعدم المغامرة بهذه السيولة دون وضع مثل هذه القيود.‏

مصادر في احد المصارف العامة أوضحت أن الترويج للخدمات هدف دائم ومستمر والوصول إلى السوق المصرفية غاية ورغبة حقيقية ، والمباشرة الحقيقية مرتبطة بعدة عوامل نعتقد بان الجميع يسعى لتجاوز أية صعوبات أو معوقات وكما يقال في الرياضة الجري يحتاج إلى تحمية قبل أي تسارع ، وكل الأطراف الآن تستعد لهذا التسارع الذي تتطلبه الدورة الاقتصادية المنتظمة ، وتحقيق الأسس الموضوعية لإعادة البناء بتنظيم عال وفي كافة المجالات ، وبالتأكيد سنشهد نقلة كمية ونوعية بآن واحد .‏

وفي مصرف عام آخر أكدت مصادره أن المصارف تتعرض للخسارة نتيجة منح فوائد على الإيداعات دون توظيف هذه الأموال في قروض ميسرة لا تحتمل شروطا تعجيزية تمنع الإقبال على القروض من قبل شرائح المجتمع خاصة أن شرط المكوث الذي وضعه المصرف المركزي على الإقراض والذي سيطبق مع بداية العام الجديد سيعقد الأمور أكثر ويحجب الناس عن الإقراض وبالتالي لابد من وضع قيود أكثر مرونة وتحفظ حقوق المصارف دون ضياع أموالها وتحقق الغاية المنشودة من الإقراض وهي التنمية الاقتصادية والاجتماعية.‏

الدكتور عابد فضلية أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق قال إن ضعف الإقبال على القروض الإنمائية والإنتاجية في هذه المرحلة له عدة أسباب، منها أن المحتاجين الحقيقيين للقروض هم من المنتجين المتضررين والمهدمة منشآتهم، وبالتالي فإن بعضهم مقترض سابق ومتعثر وبعض آخر منهم غير قادر حالياً على تقديم الضمانات الكافية التي تفرضها ضوابط التسليف المصرفي، التي تُفضّل الضمانات العقارية، وقلما تقبل الضمانات الشخصية، لا سيما المصارف الحكومية.‏

ومن الأسباب الأخرى أيضاً حاجة أغلب المناطق المحررة التي تتواجد فيها منشآت إنتاجية إلى إعادة تأهيل وإصلاح البنى التحتية ليتمكن أصحاب هذه المنشآت من الإقلاع، كما إن هناك مناطق صناعية وحرفية وتجارية متضررة، تفكر الجهات الحكومية بتنظيمها أو إعادة النظر بمخططاتها التنظيمية، مثل منطقة (القابون) على سبيل المثال.‏

كل هذه الحالات، تجعل المقرض أكثر حذراً والمقترض أكثر تردداً، عدا عن الأسباب الأخرى التي تُضيّق على عملية الإقراض والاقتراض بحد ذاتها، ومنها ضوابط منح القروض التي تُطبقها المصارف بدعوى زيادة الحيطة وتقليل مخاطر الائتمان، عدا عن قرار ترشيد الاستيراد، وميل شريحة من أصحاب الأنشطة إلى تفضيل التريث والترقب قبل إعادة تدوير عجلات منشآتهم الإنتاجية المتوقفة أو الإقلاع بأنشطة جديدة.‏

بالنسبة لأموال المصارف الجاهزة للإقراض قال فضلية أنها وافرة (نسبياً) لدى المصارف العامة، نتيجة قلة الإقراض وزيادة الودائع لديها، وبسبب ازدياد تيرة تسديد القروض التي كانت متعثرة قبل عام 2016، وهذه طبعاً ليست حالة مصرفية صحية في حال تراكمت الأموال المودعة في أي مصرف دون أن يكون لديه أقنية إقراض كافية، لأنها تعني خسائر لهذا المصرف تُعادل تقريباً الفرق بين كتلة الفوائد التي يدفعها للمودعين وكتلة الفوائد التي يحصل عليها من المقترضين.‏

أما بالنسبة للمصارف الخاصة، التقليدية منها والإسلامية، أوضح أن جميعها لديها سيولة جاهزة للإقراض، لاسيما أن الإيداعات زادت لديها وكونها قامت بمضاعفة رساميلها خلال السنوات القليلة الماضية بموجب قانون صادر سابقاً.‏

وحول ماهية السبل المجدية لتوظيف أموال المصارف، يرى أن يتم تأسيس (صندوق استثمار مشترك)، تُساهم فيه جميع المصارف العامة والخاصة، وأن يكون شكله القانوني شركة مساهمة عامة تطرح جزءا لا يقل عن (30%) من أسهمها على الاكتتاب العام، وتُخصص أموال هذا الصندوق للاستثمار طويل الأجل في المشاريع الإنتاجية والسياحية والعقارية والخدمية الكبيرة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية