|
ملحق ثقافي يوظف فيلم (Looper) من بطولة بروس ويليس وجوزيف غوردون بدور (جو).. يوظف الخيال العلمي المتمثل بالسفر عبر الزمن ليطرح أفكاراً هامة، ونجد لشخصياته (معادلاً موضوعياً) يعيننا على الارتقاء بمنظورنا إلى الواقع..
تبدأ قصة الفيلم بالإشارة إلى أن تقدم العلوم الجنائية في المستقبل، جعل ارتكاب جريمة وإخفاء آثارها مسألة مستحيلة، لذلك عمدت العصابات الكبرى إلى إرسال من تريد التخلص منه إلى الماضي؛ حيث يتم قتله من قبل قتلة مأجورين من فئة الشباب وإحراق جثته.. هذا القاتل المأجور لا يعرف شيئاً عن المستقبل ولاعن ضحاياه، يظهر أمامهم الهدف فجأة في مكانٍ قصي، فيقوم بقتله على الفور. وأغرب ما في عمله أن أحد أهدافه سيكون ذاته المستقبلية، وبمجرد أن يقتلها، يتلقى مكافأته الكبرى ويتقاعد. العصابات الكبرى ترمز إلى النظام العالمي الذي تهيمن عليه الرأسمالية، والشبان في الفيلم علاقتهم مع المستقبل تقتصر على (القتل). إنهم يقتلون مستقبل البشرية، ويقتلون حتى احتمالات ذواتهم المستقبلية، كي تبقى الأمور كما تريدها الإمبريالية العالمية، وذلك من خلال سلسلة جرائم نظيفة، بمعنى جرائم من دون تبعات قانونية. فإلى من يرمز هؤلاء الشبان؟ إنهم يرمزون لمن ارتضوا أن يكونوا أداة النظام العالمي الإمبريالي. إنهم كافة أشكال القتلة المأجورين والمرتزقة سواء في شركة (بلاك ووتر) متعددة الجنسيات، والتي لعبت دوراً كبيراً في حرب الغزو الأمريكي للعراق، وغيرهم من المرتزقة الدواعش وأشباههم. بطل الفيلم (جو) هو أحد هؤلاء، ولكنه ضحية نشأة صعبة وحياة تشرد، قادته ليصبح فرداً من فريق القتلة. ويسمع (جو) بأن المستقبل هيمنت عليه قوى العصابات الوحشية، لكنه لا يهتم، ويبقى في حياة مثقلة بالملذات والشهوات، إلى أن تأتيه من المستقبل ذاته المستقبلية، وتكون ذكية، فلا يستطيع قتلها، وتهرب منه. وفشله في قتلها يجعله هدفاً للعصابة التي يعمل معها، ولكن ذاته المستقبلية تنقذه وتحاوره وتبين له أن الحياة ليست ممارسة شهوات ولهو، وأن فتاة نبيلة هي التي أخرجته من حياة المجون وعلمته المعنى الحقيقي العميق للحياة، لكن العصابة قتلتها في المستقبل. وتطلب الذات المستقبلية من (جو) أن يساعدها في العثور على من سيقود العالم إلى الجنون ويدمر المستقبل، وهو مازال طفلاً في هذا الزمان كي تقتله وتصون الفتاة التي عشقتها. لكن (جو) يرفض أن يغير مسار حياته من أجل فتاة، ويصر على قتل ذاته المستقبلية، كي يتمكن من العودة كفرد من أفراد العصابة. وتبدأ المطاردة من جديد. وفي ختام الفيلم يجد (جو) الطفل الذي سيقود العصابات ويفسد إلى أبعد الحدود مستقبل البشرية، وينتظر (جو) ذاته المستقبلية في منزل الطفل كي يقتلها، لكن (جو) سرعان ما يتعاطف مع الطفل اليتيم ووالدته، وتسعى الأم أن تهرّب طفلها وتواجه الموت عوضاً عنه ليكسب وقتاً للهرب. وعندما يعجز (جو) عن اللحاق بذاته المستقبلية ومنعها من قتل الأم، يعمل على قتل نفسه، فتتلاشى ذاته المستقبلية، وتنجو الأم، ويحظى الطفل بفرصة ليعيش مع والدته النبيلة الحنونة، ما يمنعه من التحول إلى مجرم خطير يقود مجرمي العالم في المستقبل. إن الطفل في الفيلم يرمز إلى كل أطفال العالم، ويُدين الفيلم (الضربات الاستباقية) التي يتم شنها بذريعة أنها تجعل العالم مكاناً أفضل.. ويشجع كاتب الفيلم ومخرجهُ ريان جونسون نقيض هذه الفكرة تماماً، فإن كان من خطر محتمل في دولة ما، فالحل يتمثل بمنح الأجيال الصاعدة حاضنة صحية، والتي رُمز لها بشخصية (الأم) أي بتعزيز ودعم المنظومة التربوية والتعليمية، ولن ينجو العالم أبداً بالتضحية بحياة الآخرين كي نحظى بحياة أفضل حيث لا فرق بين القاتل المأجور الذي يريد المال والرفاه على حساب حياة الآخرين، وبين الناخب الأمريكي الذي يصوت لأمثال دونالد ترامب، لأن ترامب يعدهم بالمزيد من الدخل والرفاه. والنهاية ستكون كارثية على العالم أجمع. إن الفيلم كالكثير من الأفلام الأمريكية التي ظهرت مؤخراً من هذا النوع، وكانت بمثابة صرخة في وجه أنماط الحياة الاستهلاكية المسعورة التي تروج لها الرأسمالية العالمية والسياسات العالمية الوحشية التي يمارسها النظام الأمريكي. وقد صور المخرج ريان جونسون عالم المستقبل، على أنه متطور تكنولوجياً، ولكنه بائس وكئيب وغير مُبهرج، والمدن فيه ليست نظيفة ومبهرة، بل صور عالم المستقبل بعيداً عن أي قيم أو تجليات جمالية، وكأن الإنسان فقد إحساسه بالجمال والفن، وانهمك في تعقيدات وصراعات الحياة. بطاقة الفيلم صانع الحلقة (Looper) هو فيلم خيال علمي وحركة وإثارة أمريكي صدر في 2012 من تأليف وإخراج ريان جونسون، وبطولة بروس ويليس وجوزيف غوردون-ليفيت وإيميلي بلنت. ترشح الفيلم لعدة جوائز فاز منها بست، خمس منها نالها ريان جونسون. طاقم الفيلم: جوزيف غوردون-ليفيت وبروس ويليس في دور جو إيميلي بلنت في دور سارة بول دانو وفرنك برينان في دور ستيث نواه سيغان في دور كيد بلو بايبر بيرابو في دور سوزي جيف دانييلز في دور آب بيارس غاغنون في دور سيد شو تشينغ في دور دور زوجة جو (كبيرة) تراسي توماس في دور بياتريكس غاريت ديلاهونت في دور جيس نيك جوميز في دور دال الجوائز: جائزة المجلس الوطني للمراجعة لأفضل سيناريو أصلي/ ريان جونسون جائزة جمعية واشنطن العاصمة لنقاد السينما لأفضل سيناريو أصلي/ ريان جونسون جائزة جمعية نقاد البث السينمائي لأفضل فيلم خيال علمي جائزة جمعية لاس فيغاس لنقاد السينما لأفضل سيناريو/ ريان جونسون جائزة جمعية أوستن لنقاد السينما أفضل سيناريو أصلي/ ريان جونسون جائزة جمعية فلوريدا لنقاد السينما أفضل سيناريو أصلي/ ريان جونسون |
|