|
على الملأ فإن الأزمة الاقتصادية والمالية في اليونان تنذر بتجاوز تأثيرها من جاراتها وشريكاتها الاوروبيات إلى حدود القارة الأميركية، فقد حذر أكثر من مسؤول اقتصادي في الولايات المتحدة من انعكاس سلبيات منطقة اليورو على وضع الدولار وبالتالي الاقتصاد الاميركي بمجمله. الخشية - كل الخشية ، تكمن في اقبال المستثمرين على الدولار نتيجة تزعزع الثقة باليورو ، الأمر الذي سيعزز الاتجاه نحو الدولار وبالتالي رفع قيمته وهو ما سيفقده القدرة على المنافسة وخاصة أمام الصين واليابان اللتين تسعيان للإبقاء على عملة وطنية ضعيفة نسبياً لمواجهة الدولار. وبالمقابل فإن منطقة اليورو كلها ستبقى مرشحة لاهتزاز الثقة في حال عدم قدرتها على تجاوز أزمة اليونان المالية - فهذه ألمانيا - وعبر مستشارتها أنجيلا ميركل ترفض فكرة تقديم أي مساعدة لحكومة أثينا باعتبارها ليس لديها ما يستدعي تقديمها، وذلك استباقاً للقمة الأوروبية القادمة التي قد تقر آلية لمساعدة اليونان في الخروج من أزمته ، والحيلولة دون دخول صندوق النقد الدولي ، بعد أن لوحت أثينا باحتمال اللجوء إلى وصفاته. وفي السياق نفسه واستباقاً للقمة التي ستبحث أول أزمة حقيقية تواجه العملة الأوروبية الموحدة فقد أعلن جورج باباندريو رئيس الوزراء اليوناني رفض بلاده لأي مساعدة أو قروض أوروبية ، مطالبا بوضع آلية سليمة وقوية من قبل الدول الأعضاء في المساعدة وذلك من خلال تأمين الاستقرار والأمان المطلوبين ومنع المضاربات بسندات الخزينة إذ إن بإمكان اليونان تنفيذ خطتها الإنقاذية دون الحاجة لأموال خارجية، فوجود آلية دعم اوروبي حقيقي لبلاده يمكن ان يردع المضاربين من جهة ، ويساعد في خفض تكاليف القروض السابقة التي استدانتها من الولايات المتحدة بفوائد عالية. وتعكس الأزمة اليونانية مواطن الضعف والخلل في الاقتصادات الليبرالية والذي يتم التغطية عليه في بداياته بمحاولات التفاف تفتقر إلى الاخلاقيات الاقتصادية الأمر الذي يتسبب بالمزيد من الخسائر والدخول في مراحل الخطر. وتتهدد الأزمة اقتصادية اليورو والدولار على السواء وهو ما يجعل دعوة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للبحث في آليات ومعايير اقتصادية ومالية دولية جديدة أمراً لا مفر من الإقرار به وإلا فإن المزيد من الأزمات المخبوءة تحت تدابير لا أخلاقية مرشحة للانفجار... ولا أعتقد أن الأمر بعيد...؟ |
|