|
شؤون سياسية وتنادى الطرفان لتمحيص الموقف في مؤتمر إيباك 21-23 آذار 2010 ،حيث يقدم نتنياهو بالتفصيل رؤياه لماجرى وسيجري وتقدم الوزيرة كلينتون فلسفة واشنطن للزعل من نتنياهو، وحوافزها لتلاشيه. وفي همروجة الزعل الأميركي وعلائم تلاشيه، مايوفر مادة للقراءة في قمة العرب الدورية المقبلة، يمحص فيها القادة العرب تلافيف المشهد الراهن، ومايجب عمله. والعنوان في المؤتمرين: مؤتمر«إيباك» ومؤتمر العرب هو الأمن. كلينتون في 15 آذار اختتمت تدفق التصريحات الأميركية القائلة: إن العلاقة الاستراتيجية مع «إسرائيل» ليست عرضة للاهتزاز. العبارات نفسها ترددت على لسان نائب الرئيس جو بايدن، ومساعد الوزيرة فيليب كراولي: الالتزام الأميركي المطلق بأمن إسرائيل. ثم في 17/3/2010 جدد الرئيس أوباما توصيفه المبتكر لأي تباينات قد تطرأ على علاقة الولايات المتحدة بـ «إسرائيلها» وهو أن هذه التباينات تنحصر تحت سقف الشجار العائلي ولاتتعداه. وبذلك يكون الرئيس أوباما قد وضع السلاسل المقيدة لتنامي وهمين لامسوغ لهما. أولهما: وهم الصهاينة بإمكان تنامي التباينات في وجهات النظر بين أميركا ونتنياهو إلى أزمة. ثانيهما: وهم العرب المزمن في شأن أن تكون واشنطن تقف على بعد متساو بينهم وبين إسرائيل مع مايلي هذا الوهم من إمكان أن تضغط الولايات المتحدة على إسرائيلها للانضباط أمام الشرعية الدولية. والذي يحدث هو أن الوهم الصهيوني المراد في واشنطن تبديده، يجري الآن دحضه في مؤتمر إيباك بأبحاث مستفيضة وبمسؤولية ملزمة، تتوخى الأمن القومي الأميركي وأمن الكيان الصهيوني معاً. ويبقى أن يتنادى العرب، في قمة سرت الليبية بعد أيام إلى البحث المسؤول في مترتبات الوهم الذي علقوا بشباكه طويلاً، لاستخلاص مايجب في شأن ورطة تجريب المجرب في الرهان على حياد واشنطن. ولأن عنوان المؤتمرين: إيباك وسرت، هو الأمن ، ففي وسع القادة العرب مقاربة الأمن القومي العربي المشروط بكل شبر محتل من الأرض وبمكانة القدس المحتلة، بأخذ العبرة والدرس من أبحاث إيباك الرامية إلى ضمان الأمن القومي الأميركي - الإسرائيلي. ثمة مادة للبحث في إيباك ويمكن ويجب أن تستوحى في سرت. هي مداخلة الجنرال ديفيد بترايوس، قائد القيادة الأميركية الوسطى، المعنية بأفغانستان والعراق، وضمناً بإيران، والوطن العربي وإسرائيل. مداخلة بترايوس فرضت نفسها في ذروة الشجار العائلي بين أميركا وإسرائيلها. وأهميتها الموجبة لاستحيائها تكمن في عزفه على وتر «حال المغادرة» التي تعيشها الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق. مكمن شعار أوباما الخاص بالتغيير الذي حمله إلى سدة البيت الأبيض منزرع في تربة الأسباب الموجبة لـ التغيير، إذ إن الزحام على جسر النعوش الطائرة من كابوا وبغداد إلى واشنطن بلغ نحو من عشرة آلاف جثة. والدوائر المعنية بالتغيير، هي التي تؤطرها المصلحة الاستراتيجية العليا الأميركية وفيها تلقائياً المصلحة الصهيونية. ورغم أن بترايوس لايدخر وسعاً متاحاً من تقنية عسكرية متطورة للقتل والترويع والإرهاب في أفغانستان والعراق، إلا إنه نزل عند أحكام حال المغادرة، فعاين أنه من العبث ملء برميل عديم القاع، بل إن الأصوب لديه، وهو جوهر مداخلته، إنما هو إغلاق قنوات تأثير مايجري في فلسطين بمفاقمة مأزق أميركا، السياسي والعسكري في ساحة الشرق الأوسط بمجمله. لقد وضع الجنرال بترايوس إصبعه على الجرح، إذ لا ينسجم التوحش الإسرائيلي في فلسطين مع بحث واشنطن عن ماء وجه للإفلات من أفغانستان والعراق، التوحش الإسرائيلي يضرم نيران المقاومة وبه يشتد الزحام على جسر النعوش الطائرة. من زاوية بترايوس كانت قراءة نتنياهو لتكثيف استثماره للحال الرخوة التي حملت عنوان تفويض سلطة رام الله بالتفاوض مع إسرائيل قراءة مغلوطة وتجذيفاً ضد تيار حال المغادرة. وحسب بترايوس، فإنه يجب ضبط الحركة على المسارين أي لتؤجل إسرائيل الاستفزاز في فلسطين، لأنه يرفع عدد قتلانا في أفغانستان والعراق. وهنا تقع اللحظة العربية الواجبة الالتقاط في قمة سرت المقبلة. فالأمن القومي العربي منقوص مع ديمومة حصار غزة، ومع دوران ماكينة تهويد المقدسات في فلسطين، ومع استمرار احتلال العراق. وقد جرب العرب منذ 8 سنوات الرهان على وهم أن أميركا يمكن أن تضغط على اسرائيلها وحصدوا السراب. وهاهي الوزيرة كلينتون في مؤتمر إيباك تخيب ظن هؤلاء المراهنين. فهل يتلقون الدرس من مقاربة بترايوس، ويضعون خارطة طريق لخيار المقاومة ومستلزماته؟ |
|