تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من يقف وراء تراجع التحصيل الدراسي .. الأسرة.. أم العوامل الاجتماعية والفيزيولوجية

مجتمع
الخميس 25-3-2010م
صبا أحمد يوسف

سألت صديقتي السؤال التقليدي ونحن في أيام الدراسة الجامعية كيف كان تحضيرك لمادة اليوم؟

فأجابتني أعتقد أنني درست المادة بشكل ممتاز ولكن برأيك عندما يذهب الطالب لامتحانه صباحا وقد كان فطوره كأسا من الحليب مع تفاحة أو موزة مثل الذي يذهب ومعدته فارغة مثلي ( طبعا بسبب عدم توفر ما ذكرت) ومعدة صديقتي فارغة ليس لأنها تحافظ على رشاقتها بريجيم ما خصوصا أنها لا تؤمن بكل أنظمة الريجيم.‏

ومع ذلك قد تفوقت ونجحت بسنوات الدراسة الجامعية بمعدل جيد جدا, وكانت تهتم بثقافتها وتستمر بالمطالعة بما تستعيره من كتب وهي غير مبالية بكل الكماليات من لباس ومكياج وغير ذلك مما تهتم به الفتيات في سنها وتمتلك قناعة لم أجدها عند كثير ممن يمتلكون المال.‏

عوامل متعددة‏

علم النفس والتربية وكثير من الكتب والدراسات التي تبحث في الاضطرابات النفسية والمشكلات السلوكية تربط عوامل كثيرة لها دور في تراجع التحصيل الدراسي بالجو الاجتماعي في المدرسة وعوامل الأسرة والعوامل الاجتماعية المحيطة والعوامل الفيزيولوجية وغيرها من العوامل الأخرى.‏

ما يرتبط بالأسرة‏

أما بالنسبة للعوامل التي ترتبط بالأسرة ودورها في التراجع الدراسي فالطفل يقضي عادة ما لا يقل عن خمس سنوات قبل أن يذهب للمدرسة ويقضي جزءا كبيرا من وقته حين يكون أيضا في المدرسة وهو يستمد منها أساسه الأول في اللغة والعادات والتقاليد والآراء ويتأثر تأثرا كبيرا بالجو الثقافي والاجتماعي والعاطفي والاقتصادي وكثير من الدراسات بينت أن نسبة الذين ينتمون إلى أسر دخلها ضعيفا هي أعلى من النسبة التي تشاهد غير منتقاة من الأطفال المتوسطين أو المتفوقين دراسيا.‏

الفقر أحد الأسباب‏

إن عدداً كبيراً من المتراجعين دراسيا ينتمون إلى أسر فقيرة جدا أو لنقل محدودة الدخل والواقع أن مسألة الفقر تنعكس على عدد من أجواء الأسرة فالوسائل العامة المفيدة في البيت تصبح لا تكفي مثل التلفاز والمجلات والكتب ووسائل اللعب والرحلات والذهاب إلى الاجتماعات العامة وبالتالي تصبح عوامل التغذية أكثر ضعفاً مما لو كان الدخل متوسطاً أو موفوراً وكذلك توافر الراحة من فرص النوم والشروط الصحية الأخرى.‏

وهذا لا يعني أن الشروط الاقتصادية عندما تتوافر بشكل جيد تكفي بل تبقى الأسرة عاملاً هاماً في تخلف الطفل ويرجع ذلك إلى تفكك البيت أو وجود جو مستمر في الاضطراب فانفصال الوالدين أو فقدان أحدهما يمكن أن يحرم الطفل من الحنان الذي يحتاجه لنموه الطبيعي وأيضا المعاملة غير العادلة بين الأخوة والمعاملة التي تمتاز بالمبالغة في الحنان أوالقساوة الشديدة.‏

وعندما يعيش الطفل في جو يضمر به الجو الفكري لعدم توفر الجو الثقافي والفكري ما يؤدي لفقدان جانب هام يكمل جو المدرسة ويؤثر على نمو المعرفة عند الطفل.‏

كواليس المشكلة‏

الحي الذي يسكن به الطفل يؤثر بتكوينه لأن الطفل يعيش جزءاً من يومه مع أبناء الجيران وهؤلاء يؤثرون عليه في عدد من الجهات بعضها اللغة التي يستعملها ويتصل بعضها بالعادات التي يمارسها ويتصل بالثقافة العامة التي يكتسبها، فإن كانت هذه الجيرة من مستوى فكري جيد ومستوى اجتماعي جيد ساعد ذلك بأن يضيف خبرات ثقافية واجتماعية إلى ما عنده في بيته وقد يكون هذا الجزء من الوقت ضائع أو قد يستعمله في أشياء تضره حين يكون أصدقاء الطفل من الجيران من مستوى ضعيف فكرياً واجتماعياً.‏

دور الأتراب‏

ولا ننسى تأثير الأقارب على الدراسة والمدرسة في أن ينفروا الطفل منها أو يحببوه بها وقد يكون التأثير باتجاه عدواني فقد ينفر من الدرس وقد ينقطع عن المدرسة من غير علم الأهل أو رغم علمهم، وقد يقود هذا النفور والانقطاع إلى تقصير في الدروس ثم إلى التراجع الدراسي.‏

المحيط الاجتماعي‏

لابد أن تؤثر المنطقية التي يعيش بها الطفل ووجوها الاجتماعي فما يلاحظه الطفل في الشارع والحي ينقله لبيته ولمدرسته فإما أن يؤدي لحسن سيره في نموه الاجتماعي والثقافي والانفعالي وبالعكس.‏

نجد لدى المتراجعين دراسياً نسبة عالية من الاضطراب الفيزيولوجي أو الضعف في النمو كما نجد أن نسبة من يكون وزنهم أقل من المتوسط بالنسبة لعمرهم تفوق عند المتخلفين على ما هي عليه عند المتوسطين في تحصيلهم وإن الضعف في التغذية الذي يظهر على شكل ضعف في النمو الجسدي يصادف عند المتراجعين بنسبة أعلى من النسبة عند المتوسطين ولابد أن نعرف أن الغذاء مصدر من مصادر النشاط الجسدي ثم الفكري، وبالتالي نقدر كيف يكون هذا المصدر من العوامل القائمة وراء التراجع الدراسي ونؤكد أن الفقر وجد عاملاً قوياً في التخلف ويظهر في إحدى جهاته في ضعف التغذية.‏

ختاماً: بنظرة سريعة وبحسابات شاملة للمجتمع الأكثر فقراً من غيره نجد أن نسبة المتفوقين أوالناجحين في تحصيلهم العلمي ينحدرون من أسر فقيرة أو متوسطة الحال خصوصاً هذه الأيام التي أصبح الترف بالكماليات والتكنولوجيا التي تقتنيها الأسرة سبباً في هدر وقت الكثير من الأطفال والطلاب الكبار لوقتهم الذي يخصصه أقرانهم من الأقل رفاهية في الدراسة فمن نتبع ونصدق؟! ما نراه على أرض الواقع أم الأبحاث التي استفدت منها بمادتي هذه فعذراً ممن كتبوها ربما يكون لمجتمعنا خصوصية تحتاج لدراسة خاصة تحديداً ما يخص موضوع الفقر والتحصيل الدراسي لأن أبناء الأغنياء بالواقع أقل اهتماماً وتحصيلاً دراسياً من غيرهم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية