|
آراء وشعرنا يومذاك بالمسؤولية تجاه محاولات الجيل الشاب وتجاه مايؤمل منا بعد أن عانينا بدورنا من الصحف والمجلات التي كانت تصدر قبل تلك الأيام بسنوات عديدة.. عانينا من «ضيق وقت ونزق» بعض من يشرفون على الصفحات الأدبية وخاصة صفحات أدب الشباب!!. وكتبنا يومذاك افتتاحية الصفحة في «الثورة» متضمنة مامعناه: نحن نحتضن محاولاتكم بالمودة وليس بالسرعة المجيدة!!. ولقد تعاملنا في ذلك القسم بالمودة المذكورة وباعتراف بلمعات بعض الشعراء الشباب الذين أولينا الاهتمام بإنتاجهم وكثيراً ماسهرنا جميعاً في الجريدة «وهي كانت آنذاك خلف قصر العدل» على دراسة ودقة الردود على الرسائل التي لاأزال أعتبرها جزءاً محبباً من تاريخنا في هذه الصحيفة. وحتى اليوم أوالي المتابعة والاطلاع على صفحات أدب الشباب في أكثر من جريدة أو مجلة محلية.. ويؤلمني أحياناً أن أجد بعض الردود شبه القاسية على الشباب الذين يرسلون إنتاجهم الأدبي إليها.. وهذا شأن المشرفين عليها.. إلا أننا نود القول: من يرسل لنا قطعة أدبية ويأمل أن يشق طريقه: لابد أن نعامله برفق وبأبوة حقة.. لأن وقع الكلمة الطيبة والمشجعة، في نفس من يدرج في عالم الأدب، وخصوصاً الخطوات الأولى: يترك أثراً طيباً ودافعاً محفزاً كي يتقدم إلى الأمام وينمي ملكته الأدبية وحبّه للقراءة والمتابعة فتصقل موهبته من حيث يدري ولايدري.. ثم إنها أمانة في كل الأحوال والاهتمام الرفيق بها واجب ضروري. إن أسماء عديدة ممن كانوا يراسلون الصفحات الثقافية باتت معروفة وازدادت قصائد أو قصص أصحابها، عمقاً وحرفة.. ولا أزعم أننا وحدنا كنا وراء نجاح عدد منها بل إن موهبتهم واستمرارهم في الكتابة إلى جانب ثقافتهم، قد أوصلتهم الآن إلى المكان الذي هم فيه، قامات أدبية معروفة ومرموقة. ولانزال نذكر أن شاعراً متميزاً مثل «موريس قبق» وإن اعتزل الآن قد شق طريقه من مجلة الثقافة التي يصدرها الأستاذ مدحت عكاش والذي له أيادٍ بيضاء على الأجيال وعلى القامات الأدبية المهمة في سورية وجوارها لما يتميز به من روية واهتمام وتأنٍ أتاحت لمجلته تلك أن تدخل كل بيت وتأسر الجميع. وإننا في هذا المجال لنأمل من المشرفين على صفحات أدب الشباب أن يتولوا الخامات المبشرة بالرعاية والعناية والكلمة الطيبة المشجعة حتى لاتكون ردود فعل أصحابها مؤثرة سلباً على استمرارهم في الكتابة وفي مدارج الإبداع مستقبلاً.. فالكلمة الطيبة لمن يرسل قصيدة أوقصة هي ذات أثر سحري في نفس صاحبها، بل هي بالأصح حافز سحري أيضاً لتعميق التجربة والثقافة ومتابعة الإنتاج الأدبي فنحن نقرأ الآن لكثير من الخامات التي كانت يومها تراسل الصحف والمجلات, نقرأ لهم إنتاجاً وإبداعاً جميلين بعد أن دفعتهم مواهبهم والمحفزات إلى الاستمرار وتعميق منتجهم الأدبي، ولاشك أن مواهبهم بالدرجة الأولى ومخزونهم الثقافي قد ساهم أساساً في تكوين شخصيتهم الأدبية اللاحقة. وإن الكلمة الطيبة ذات أثر كبير في تكوين هذه الشخصية وعلى الأخص حين تكون من مشرف متخصص قد يكون هوبالذات عانى مثل غيره! فالبراعم الناشئة أمانة «أدبية» ومن الجميل أن نساعد كي نخلق منها اسماً أدبياً مرموقاً. |
|