|
آراء المستوطنات، الحرم الإبراهيمي، الواقع الفلسطيني المعيشي والأمني بالتأكيد ستكون أمام القادة العرب في مصنفات أنيقة وجميلة ومرتبة فهل تتحول إلى موقف؟ ما يشغل بال المواطن العربي المحروق بنتائج القمم السابقة هو كيف سيتعامل القادة العرب مع القضايا العربية المطروحة وخاصة ما يجري في فلسطين أثناء وبعد المؤتمر، فثمة شكوك كبيرة لدى المواطن العربي بجدوى الحوار والموقف لأن هذا القلق مزمن ولم يجد طوال المؤتمرات السابقة الإجابة التي ترضي العرب الموجوعين بالحال العربية المتصدعة. يخشى الشارع العربي أن يمر المؤتمر سريعاً على الوضع الفلسطيني وخاصة الحصار على غزة ووضع الأقصى ثم تكون هناك تأكيدات على مبادرة السلام العربية التي أقرت في بيروت عام 2002، والتي ردت عليها إسرائيل حينها باجتياح مدن الضفة الغربية وغزة فأراقت الدماء الفلسطينية واعتقلت وهدمت المنازل وجرفت الأراضي الزراعية، أو أن يعاود المؤتمر الدعوة إلى حوار غير مباشر بين الفلسطينيين وقادة الكيان الصهيوني كما حدث في مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة وردت إسرائيل عليها بالإعلان عن بناء المزيد من المستوطنات في الضفة والقدس وإقامة «كنيس يهودي» أو بدعوة الولايات المتحدة إلى تحريك عملية السلام. بعض العرب يتخيلون أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في أزمة وأن الرئيس أوباما متضايق من الموقف الإسرائيلي لهؤلاء، نقول: إن عليهم أن يفتحوا عقولهم جيداً، فالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية لم تكن يوماً في أزمة وإن ما تمارسه إسرائيل من تعنت وعنجهية ورفض للسلام وسرقة للأراضي العربية منذ عقود لم يكن إلا بدعم من أمريكا والغرب. وقد وصف الرئيس أوباما ما حدث مؤخراً بين أمريكا وإسرائيل بأنه خلاف في وجهات الرأي بين حلفاء، وكان اعتبر مرات أن إسرائيل من أهم حلفاء أمريكا وكان «بايدن» نائب الرئيس الأمريكي أكد خلال زيارته للأراضي المحتلة وبالرغم من إعلان الكيان الصهيوني بناء 1600 وحدة سكنية في تحد للموقف الأمريكي عن إعجابه بالصهيونية وقال: إن من أهم مهام أمريكا حماية إسرائيل من الخطر المحيط بها ويقصد الدول العربية. الغرب منحاز لإسرائيل بالكامل وداعم لأعمالها العدوانية على العرب بالرغم من أن العرب هم أصحاب الجغرافيا الواسعة والممرات البحرية المهمة والكثافة البشرية الكبيرة وآبار النفط العملاقة والسوق الأكثر أهمية للغرب وأمريكا لبيع الأسلحة والسيارات ووسائل الرفاهية والغذاء والدواء. لماذا لم ينجح العرب إلى الآن في جعل أمريكا وأوروبا والعالم بالرغم من أهمية أوراق الضغط التي يملكونها يستمعون إليهم ويتضامنون معهم أو على الأقل الحياد بينهم وبين إسرائيل المعتدية وبالضغط على إسرائيل لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية القاضية بانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلت عام 1967؟ فهل نحتاج إلى مزيد من مؤتمرات القمة؟ ليس ثمة شكوك من حيث المبدأ لدى الجماهير العربية في صدق مشاعر المجتمعين تجاه القضية الفلسطينية وقضايا الوجع العربي ولكن المشكلة منذ قيام الدولة الصهيونية وإلى الآن تتجلى في افتقار العرب إلى الآلية التي تدار فيها الحوارات والمناقشات داخل القمم العربية وخارجها، وفي كيفية تنفيذ مقررات هذه المؤتمرات وفي الوصول إلى خطاب واحد ملزم لكل الدول العربية، خطاب يشكل موقفاً واحداً في وجه أمريكا والغرب والعالم، خطاب يتمرد على الأوامر الأمريكية الداعية إلى مزيد من التفكك العربي وإلى التطبيع مع إسرائيل وإلى تحويل الصراع العربي الإسرائيلي إلى صراع عربي دولي. للأسف الخطاب العربي المفكك والموقف العربي المفكك والاختراقات التي تمت في جدار الممانعة العربية هو الذي جعل أمريكا تنظر إلى العرب وإلى القضايا العربية بازدراء ومن دون اهتمام والإمعان أكثر وأكثر بتأييد إسرائيل. إن أغلب دول الانحياز ودول إفريقيا كانت مع القضايا العربية في المحافل الدولية وكانت تقاطع إسرائيل سياسياً واقتصادياً، هي اليوم تقيم علاقات وطيدة مع إسرائيل ولكن بعد أن أقامت بعض الأنظمة العربية علاقات مع إسرائيل، فهل مطلوب من هؤلاء أن يكونوا عرباً أكثر من العرب؟ المشكلة الكبيرة تتجلى في افتقار العرب إلى الآلية التي يديرون بها قضاياهم وافتقارهم إلى الخطاب الموحد والموقف الموحد، كما حرص الرئيس بشار الأسد في مؤتمر القمة الذي عقد في دمشق لإيجاد آلية تدار فيها الخلافات العربية والأزمات المحيطة بهم وفهم طبيعة الصراع مع العدو الصهيوني، للأسف يومها فرضت أمريكا على بعض الأنظمة العربية عدم حضور مؤتمر القمة لأن دمشق في مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني ولا سبب آخر. الرئيس بشار الأسد منذ زمن طويل منشغل في تهيئة الأجواء العربية قبل القمة في طرابلس، راح يجهد نفسه لتنقية أجواء القمة العربية قبل انعقادها لتكون خالية من التشنجات والخلافات للوصول إلى موقف عربي واحد تجاه ما يجري في القدس والخليل ومدن الضفة الغربية والمسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي، إلى موقف واحد يضغط على الغرب وعلى أمريكا لتحديد موقف عادل ضاغط على إسرائيل لوقف أعمالها الإجرامية التي تستهدف العرب والمسلمين جميعاً، موقف عربي يفرض احترامهم على العالم ويؤكد أنهم أصحاب قضية تشكل محور علاقاتهم مع هذا العالم كله. |
|