|
ثقافة امتلاك ناصية اللغة دون حذلقة ودقة الشعور ورهافة الأحاسيس وسعة الخيال دون تهويمات ونضج التجربة الحياتية والتعمق بمبادئ علم النفس السلوكي. والحق يقال فقد استحوذ القاص رياض نصور وهو من مواليد حمص عام 1931 على هذه المقومات بامتياز، وراح يكتب قصصه وينشرها في الصحف والمجلات والدوريات السورية والعربية والمهجرية منذ الخمسينيات من القرن الفائت، كأنه يغرف من بحر إذ بلغ عدد قصصه المنشورة خلال مسيرته الأدبية أكثر من /300/ قصة فضلاً عن نشر بعضها عن طريق الأثير. يلاحظ في نتاجه القصصي أنه لا ينضوي تحت تأثير مدرسة أدبية واحدة فنجد عنده القصة الواقعية والرمزية والسريالية وكذلك القصص القائمة على تيار الوعي الداخلي، المهم برأيه أن يكون ما يكتبه يسهم في إيقاظ الضمير وفي الدفاع عن المظلومين والمقهورين والمعذبين في الأرض، فقد أدان في مجموعته القصصية الأولى وعنوانها «أشباح المدينة» الإرهاب الجماعي الذي كان يمارسه الإقطاعيون القدامى وأفراد الطبقة المتقدمة رأسمالا على البسطاء. هذه الإدانة التي أطلقها علانية قبل قدوم ثورة آذار إن دلت على شيء فإنما تدل على إيمانه بدور الأدب ورسالته الخالدة في الدفاع عن إنسانية الإنسان وكرامته. ويتطرق الراحل رياض نصور إلى أسباب تأخره في طباعة نتاجه القصصي في مجموعات مستقلة قائلاً: «كان للعوز الشديد والركض وراء اللقمة أثره الكبير لانشغالي الدائم في أعمال متعبة ودوام طويل سعياً نحو الأفضل ومن أجل تحسين مستواي المعيشي، وكنت أعتبر الأدب هواية لا احترافاً وأمارس الكتابة في أوقات فراغي على قلتها هارباً من ضجيج المقاهي والسهرات الصاخبة وجلسات ثرثرة لا أحبها, فبعد نهار متعب من العمل المرهق أدخل مكتبتي لأجلس مع كتبي ودفاتري المعتقة وأوراقي ويمضي الليل فأنام على المقعد أو في الفراش وأستيقظ لأجد الكتاب في يدي». أما كتبه المطبوعة فهي: أشباح المدينة، في الغابة، اللصوص وعروس البحر، الحب الأول، الأقنعة. أراد الراحل نصور أن يقول من خلال أعماله القصصية: إن العالم يغرق وهو على شفير الهاوية وأن المحبة والرحمانية تتلاشى بين الناس وأن القسوة تخيم على الكون، لذلك طالب بإنسانية الإنسان ودعا بأن يكون الحب هو سيد العالم ولا من مجيب لهذه الأفكار النبيلة. الأديب رياض نصور من مواليد حمص وقد أقام في اللاذقية منذ عام 1947 وحتى رحيله عن عالمنا في عام 2003 وقد كرم في المركز الثقافي في اللاذقية عام 1988، وكان التكريم بعنوان «دراسات في تجربة رياض نصور القصصية»، حيث شارك في التكريم عدد من الأدباء منهم الأساتذة: شوقي بغدادي وعلي كنعان وعدنان بن ذريل وعزيز نصار. |
|