|
شؤون سياسية حتى إنها وجدت نفسها قبل فترة وجيزة في قفص الاتهام لمحاكمتها أمام الرأي العالمي ومحاكمة العديد من فريقها السياسي والعسكري لما ارتكبوه من جرائم بحق الفلسطينيين سواء في غزة أم في غيرها. ومثل هذه الصورة شكلت «لإسرائيل» خسارة لمكانتها وسمعتها لدرجة أن ما دأبت عليه من ترويج لنفسها على أنها واحة للديمقراطية قد انكشف. كما أن الخسارة التي ألحقت «بإسرائيل» نتيجة انحسار علاقاتها مع تركيا هي خسارة استراتيجية لما كانت تراهن عليه «إسرائيل» مع تركيا من خلال هذه العلاقة على صعيد الشرق الأوسط، وهي الخسارة الاستراتيجية الثانية «لإسرائيل» بعد خسارتها الأولى بعد انهيار نظام الشاه في إيران وقيام الثورة الإسلامية في أوائل السبعينيات. وها هي اليوم تركيا كما إيران تريان في «إسرائيل» عاملاً من عوامل الاضطراب وعدم الاستقرار في المنطقة بسبب احتلالها أرض فلسطين وبسبب تحول «إسرائيل» إلى مجتمع متطرف ويميني يخدم الإرهاب ويغذيه. ولعل صحيفة يديعوت أحرونوت «الإسرائيلية» كانت السباقة لتناول هذا الموضوع ولاسيما على وقع الخسارة «الإسرائيلية» مع تركيا وقالت في هذا الخصوص: إن «إسرائيل» قلقة للغاية من تفاقم الأزمة مع اسطنبول وإن «إسرائيل» تخشى كثيراً من إمكانية قيام حلف سوري إيراني تركي تكون «إسرائيل» لقمة سائغة له. لكن الخسارة «الإسرائيلية» الأكثر أهمية هي خسارة مكانتها وصورتها في أوروبا وبالذات على صعيد حكوماتها ومجتمعاتها، وما زالت بعض الدول الأوروبية إلى اليوم ترفض التعامل مع وزير خارجيتها افيغدور ليبرمان بسبب مواقفه العنصرية والمتطرفة وهذا ما أدى إلى شبه مقاطعة أكاديمية من الجامعات الأوروبية للجامعات «الإسرائيلية»، زد على ذلك مقاطعة النقابات البريطانية مؤخراً للبضائع المنتجة في المستوطنات اليهودية، ناهيك عن الأزمة القائمة في العلاقات «الإسرائيلية» مع الدانمارك والنرويج والسويد بسبب تحقيق صحفي اتهم «إسرائيل» بالمتاجرة بأعضاء الفلسطينيين إضافة إلى أن «إسرائيل» ما زالت تخضع أمام لجنة حقوق الإنسان الأممية للتحقيق بتهمة ارتكابها جرائم حرب إبان هجومها الوحشي الأخير على غزة. الصحفي «الإسرائيلي» في جريدة معاريف شالوم بروشالمي يتناول هذه القضية قائلاً: «إن علاقاتنا مع بريطانيا هذه الأيام عكست صورة كراهية «إسرائيل» في العالم وهي اليوم في مستويات جنونية، والخارجية البريطانية قالت لنا: دولتكم لم تعد تطاق وهي عنصرية وتسلب الفلسطينيين أراضيهم». ناهيك عن أن الاستيطان اليهودي غير قانوني وحرب «إسرائيل» على غزة هي حرب انعطاف الصورة عن حقيقة «إسرائيل» كما يقول بذلك الصحفي «الإسرائيلي» بروشالمي الذي يضيف قائلاً: «صورة «إسرائيل» شوهت اليوم في نظر الشعوب ورجال العالم يطلقون اليوم على «إسرائيل» ألفاظاً نابية للغاية لم يكونوا يتجرؤون عليها من قبل، والعالم كله اليوم يتحدث عن «إسرائيل» بلغة مغايرة تماماً للغته الأولى، هم يتحدثون عنها دولة جرائم حرب ودولة جرائم ضد الإنسانية ودولة التطهير العرقي والدولة التي يجب تقديم قادتها إلى المحاكمة». ولعل «إسرائيل» باتت تدرك اليوم خطورة هذا التحول عنها باتجاه الأسوأ، ولهذا جاء رد فعلها على مدار هذا العام والعام الماضي متسماً بالتوتر والعجرفة ونكران الجميل لأوروبا ولأمريكا من خلال رفضها المطلق لأي دور أوروبي في عملية السلام، وبمجمل الترتيبات الإقليمية الشرق أوسطية، ولأنها عملت على تسعير خلافاتها مع أوروبا ومع الولايات المتحدة جاء ردها على اتهامها الأوساط الأوروبية المعارضة لها باللاسامية لمجرد أن هذه الأوساط عارضت سياساتها الهمجية ضد الشعب الفلسطيني، لكن ذلك لم ينل من إدراك أوروبا للمخاطر الناجمة عن السياسات «الإسرائيلية» العدوانية والاستعمارية والعنصرية وعلى استقرار مصالحها نتيجة لتلك السياسة الرعناء، وهو ما يتطلب بالفعل تطوير هذا الموقف الأوروبي لتحجيم «إسرائيل» ولجم سياساتها. |
|