تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اتفاق طهران وضرورات التعامل الإيجابي «الدولي»

شؤون سياسية
الأحد 30-5-2010م
د. محمد البطل

رغم الأجواء الاحتفالية التي رافقت التوقيع على اتفاق طهران منتصف شهر أيار 17/5 الجاري بحضور الرئيسين الإيراني محمود نجاد والبرازيلي لولاداسيلفا ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان،

والذي ينص على رفع نسبة تخصيب اليورانيوم الإيراني خارج إيران من 3،5 إلى 20 بالمئة ومبادلته في الأراضي التركية، فإن ردود الفعل الدولية تباينت تجاه هذا الاتفاق المهم وصولاً إلى محاولة «البعض» التخفيف من أهميته !!‏

ودون الخوض في تفاصيل الاتفاق وبنوده العشرة، فإنه من الضروري الإشارة إلى تضمنه بنداً رئيسياً ينص على تأكيد الدول الثلاث التزامها عدم انتشار الأسلحة النووية وحظرها، مع احترامها حقوق الدول في امتلاك أبحاث علمية في مجال التنمية ودورة الوقود. كذلك أن تسلم الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال أسبوع رسالة تفصيلية حول الاتفاق كاملاً، بما يتناسب مع تسلم إيران رداً خطياً إيجابياً من مجموعة فيينا ( روسيا، أمريكا ، فرنسا، الوكالة الدولية ) تتعهد بموجبه تسليم طهران خلال عام 120 كلغ يورانيوم بنسبة تخصيب 20 بالمئة لتأمين حاجة مفاعل طهران، مقابل تسليم طهران 1200 كلغ منخفض التخصيب .‏

كما رحب الجانبان التركي والبرازيلي ببدء حوار بين اللجنة السداسية ( الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن + ألمانيا) وإيران، وأعربا عن تقديرهما لتوجه طهران البناء بمتابعة حقوقها والالتزام بمعاهدة حظر الانتشار النووي.‏

وعلى الرغم من أهمية اتفاق طهران الذي توّج جهوداً دولية وإقليمية مكثفة، ومن تجاوب إيراني واضح واستعداد لاستمرار التعاون المستقبلي مع الوكالة الدولية، فإن ردود الفعل لم تتناسب وحجم هذا الاتفاق - الانجاز، وأن «المجتمع الدولي» بدا منقسماً تجاهه .. ففي الوقت الذي استخفت به بعض الدول الأوروبية، دعت روسيا إلى مشاورات جديدة بشأن الملف الإيراني وهاجمت إسرائيل النووية تركيا والبرازيل ووصفت الوضع ما بعد الاتفاق بأن فرض عقوبات جديدة «مؤثرة» على إيران بات أكثر صعوبة! فيما أيدت دول كثيرة هذا الاتفاق داعية «المجتمع الدولي» والوكالة إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية .‏

أما الرئيس الأمريكي أوباما الذي اتصل بأردوغان واصفاً الاتفاق بأنه خطوة إيجابية ، فقد أصر ووزيرة خارجيته كلينتون على طرح مشروع قرار أمريكي، يجري التداول بشأنه مع أعضاء مجلس الأمن لإقرار عقوبات جديدة على إيران تتضمن أسماء أفراد وشركات سيتم تجميد أرصدتها وفرض حظر على سفرهم لارتباطهم بالبرنامج النووي .‏

هذا في الوقت الذي استخفت فيه طهران بمشروع القرار الأمريكي، وحذرت أيضاً من أن عقوبات جديدة قد تضطرها، إلى سحب توقيعها على الاتفاق . وحذر الرئيس البرازيلي من «العودة إلى الوراء» في حال لم يبد مجلس الأمن «نية» في التفاوض بشأن اتفاق طهران. وتزامن مع اتصال وزير الخارجية التركي والبرازيلي مع أعضاء مجلس الأمن بوصف بلادهما عضوين في المجلس، ووجهت رسالة إلى المجلس : ( حان وقت إعطاء فرصة للمفاوضات وتجنب إجراءات سلبية جديدة تقضي على احتمال حل سلمي لهذه المسألة).‏

يشار هنا إلى أن المدير العام للوكالة الدولية يوكيا أومانو أعلن عن : ( تبلغه بالاتفاق فور توقيعه، وأن إيران سترسل خلال أسبوع رسالة خطية حوله).‏

وإلى إعلان أردوغان أن : ( الوقت قد حان لمناقشة ملف إسرائيل النووي).‏

وبدلاً من التعاطي الإيجابي ، وخاصة من اللجنة السداسية، مع هذا الاتفاق وبدء حوار إيجابي مع إيران ، كما دعا إلى ذلك الاتفاق ، تواجه إيران ومعها طرفا الاتفاق، على الأقل، ازدواجية في المعايير، تظهر حقيقة مواقف العديد من الدول من برنامجها النووي السلمي، الأمر الذي يطرح مرة أخرى أسباب توتير العلاقة مع طهران المرتبط بسياسة إيران وموقفها تجاه شبكة العلاقات الدولية القائمة وغير المتوازنة ، وتجاه العديد من القضايا الإقليمية، وأن حملة بعض الدول على برنامج إيران النووي السلمي لاعلاقة له عملياً بطبيعة البرنامج، بل بسياسة طهران وتعارضها مع سياسات هذه الدول. أما إسرائيل الكيان النووي الوحيد في المنطقة والرافض علناً ورسمياً التعاون مع الوكالة الدولية، فإن وصف القادة الإيرانيين لتصريحاتهم وخلفياتها بالوقحة هو رد دبلوماسي، وأن المطلوب الآن دولياً بات يتلخص في الوصول إلى منطقة شرق أوسط خالية من الانتشار النووي, وأسلحة الدمار الشامل، و كيفية تحقيقها ، وفي المقدمة اللجنة السداسية ومجلس الأمن الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية أيضاً.‏

* باحث في الشؤون الدولية‏

batal-m@scs-net.ory

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية