تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


راغدة خوري : نعيش فوضى الترجمة..

ثقافة
الأحد 30-5-2010م
حوار: عمار النعمة

راغدة خوري، أديبة عربية سورية حققت خلال السنوات الأخيرة حضوراً متميزاً على الساحة الأدبية بإصدارها مجموعة روايات أثارت نقاشاً واسعاً ولاسيما روايتها (هيا بنا نتعرى) وعلى الجهة الثانية تعمل راغدة خوري في الترجمة الأدبية وقدمت في هذا المجال أكثر من ترجمة لروايات عالمية مهمة.

حول تجربتها في الترجمة كانت لنا معها هذه الوقفة:‏‏

 كيف يتم اختيار الأعمال التي تقومين بترجمتها ؟‏‏

  في البداية أقول: إني أمارس الترجمة كهواية، ولملء وقت- أسميه بالوقت المستقطع- بين الترجمة وكتابة رواية. لكن في أحيان كثيرة تصبح الترجمة حافزاً لكتابة رواية.‏‏

لهذا فأنا لا أبحث بشكل مهني عن عناوين أترجمها، لكن عند قراءتي لبعض الكتب في اللغة الفرنسية، أشعر بجمال النص، وإمكانية اقترابه من ثقافتنا وذوق قارئنا، فأقوم بترجمة هذه الأعمال أختارها مسلية وذات فائدة في الوقت ذاته، فجميل أن نقدم الفائدة مع المتعة لقارئ بدأ يحتار أمام هذا الفائض من العناوين .‏‏

هنا أيضاً، ومن باب السؤال عن اختيار العناوين أعترف أننا نعيش فوضى في الترجمة، نابعة من الاختيار العشوائي للمترجم الذي يضع أوليات معينة للكتاب الذي سوف يعمل عليه. وفي كثير من الأحيان يقوم بالاتصال بعدة دور للنشر للسؤال عن إمكانية قبول كتابه، كي لا تذهب جهوده في الترجمة أدراج الرياح .‏‏

وبما أن العمل يكون فردياً في كثير من الأحيان بالاختيار والاتصال بدور النشر، نرى الكثير من العناوين قد تتم ترجمتها في أكثر من دار للنشر لأكثر من مترجم .‏‏

 ما الأعمال المترجمة؟‏‏

  ثلاث روايات: روايتان منهما للكاتبة: كريستين أوربان. وهما: صمت الرجال، إصدار دار الحوار، ولعبة حب مجنونة من إصدار دار علاء الدين للنشر .‏‏

الرواية الثالثة هي الإفريقي للكاتب جان ماري لوكليزيو الحائز على جائزة نوبل للآداب .‏‏

 أيهما أمتع بالنسبة إليك قراءة الرواية بنصها العربي أم الأجنبي ؟‏‏

  الرواية بلغتها الأصلية تحمل بصمة الكاتب، وهي نفس من أنفاسه، جزء من روحه، لهذا فالمتعة أكبر في قراءتها بلغتها. وهذا ما تعمل الترجمة جاهدة عليه لإيصاله للقارئ الذي ليس بإمكانه التواصل مع لغة الكاتب الأصلية .‏‏

لكن هذا لايمنع أني بترجمة العمل يتشكل لدي نوع من الحميمية بيني وبين الكتاب كموضوع من جهة، وبيني وبين الكاتب من جهة أخرى، بشكل حدث معه نوع من التواطؤ يتجلى بإعادة الصياغة وبالتالي بخلق للكاتب من جديد .‏‏

من هنا نستطيع أن نتحدث عن ترجمة سيئة وأخرى جيدة، فالفرق يكون واضحاً عندما ينقل المترجم كتاباً يكون مستمتعاً في قراءته، وبين أن يترجمه كوظيفة وواجب. وكم من مترجم تسبب في ضياع شاعر أو روائي بالتزامه حرفياً بالنص، وابتعاده عنه روحياً، فالروح هي من تبث الحياة في الكلمات وتعطي العمل مصداقيته وتقدم المتعة والفائدة في قراءته.‏‏

 الترجمة خيانة في الشعر كما يقال فهل هذا ينطبق على الرواية؟‏‏

  ربما تكون ترجمة الشعر أعقد وأصعب من النثر، ومن الأفضل أن يقوم بهذه الترجمة شعراء أو مطلعون على الشعر .‏‏

بينما تتمتع الرواية بأفق أوسع يستطيع المترجم أن يتحرك ضمنه، ويعيد صياغة الجمل والتعابير بحرية أكبر من صياغة أبيات الشعر، كما أنه من الأسهل الامساك بروح النص وإعادة توظيفها بالنص المترجم بأسلوب المترجم الخاص به، فالترجمة مهارة إلى جانب كونها فناً، لهذا فالمعرفة اللغوية لا تكفي، ومعرفة لغة الآخر بمفرداتها وألفاظها لا تكفي أيضاً، كما أنه أمام كل مهارة هناك تحديات جديدة وتطورات في الأسلوب ومفردات اللغة يجب على المترجم مواجهتها .‏‏

 إذا قيض لك أن تترجمي رواية من العربية إلى الفرنسية فلمن تختارينها من الروائيات السوريات؟‏‏

  بداية لم أفكر مطلقاً في الترجمة المعكوسة- من العربية إلى الفرنسية- كما أن هناك الكثير من الصعوبات التي تعترض هذه الترجمة، منها الوقوع في إشكالية شراء الحقوق، إلى البحث عن دور نشر تقبل بشراء الكتاب باللغة الفرنسية. فنحن لا نترجم كي نحتفظ بالكتاب في المنزل أو في مكتبتنا الخاصة، بل لنشره ولو أن مردود الترجمة يبقى دون الحد المقبول، كما من غير الممكن إعطاء اسم لرواية وإغفال العديد من الأسماء، ولا أقصد هنا أسماء لروائيات بل عناوين أعمال مهمة يجب أن تقدم للقارئ الغربي .‏‏

 ما المشكلات التي تعاني منها الترجمة بشكل عام؟‏‏

  هموم الترجمة ترتمي في سلة واحدة مع هموم الأدب بشكل عام، وهموم القراءة بشكل خاص . فهي تشكل حلقة ضمن سلسلة نسميها الفن والإبداع .‏‏

وأنا هنا أتحدث من وجهة نظري كقارئة أكثر مني مترجمة. فنحن نسمع بوجود معاهد وكليات للترجمة، كما ببعض الجمعيات ، لكن أغلبيتها تعاني من عدم التفعيل وعدم التوجيه لاختيار العناوين. فحتى لا يكون انتقاء الكتاب مزاجياً يجب أن تكون هناك هيئات تتعاون بينها وبين جمهور القراء والمثقفين لإمكانية الحصول على معلومات جديدة عن الكتب المهمة.‏‏

أتحدث هنا عن هموم الترجمة ومشكلاتها وإمكانية السير في طريق تطويرها، لكني لا أستطيع إغفال الحديث عن الصعوبات التي يعاني منها الكاتب المترجم في النشر والتسويق والترويج، والحصول على حقوق الترجمة من الناشر الأجنبي. ونتيجة هذه الصعوبات والمشكلات التي تعاني منها دور النشر، ورفضها لكثير من الأعمال حتى قبل قراءتها لعدم القدرة على شرائها، فمن المستحسن أن تكون هناك مؤسسات ونقابات تمد مشاريع الترجمة بالدعم بدءاً من حقوق الناشر الأجنبي إلى حقوق المترجم، من مبدأ أهمية الترجمة في التبادل الثقافي والاطلاع على أفكار وعلوم وإبداع الآخر .‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية