تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حريق

ورقة
الخميس 14/6/2007
عقبة زيدان

لم تكن حياة (أبو مصطفى), سوى مسيرة من التعب, تتخللها نتف صغيرة جداً من السعادة الموشحة بالحزن. ولكنه كان يعتز بما وصل إليه, لأنه يقيم وزناًَ كبيراً للعمل والجهد الإنساني, حتى لو كان لا يأخذ حقه لقاء عمله في البناء.

مرة قُطع إبهام يده, فحزن عليها, لأنها كانت جزءاً من يدٍ كاملة, ولأنه أيضاً كان يحتاجها كثيراً في مهنته القاسية, إذ كيف يمكنه القيام بتقطيع الحديد المبروم من دونها?‏

اتصل بي أبو مصطفى في منتصف الليل, وهو يستغيث: إن بيتنا يحترق. لقد التهمت النيران البيوت المجاورة له, وجاء دوره الآن.‏

يمتلك أبو مصطفى بيتاً للعائلة في دمشق القديمة, في ساروجة, وفي مساء إحدى الليالي, شبت النيران في بيت قريب من بيته الذي ورثه مع أخوته عن أهله. قالوا إن الحريق كان بسبب (ماس كهربائي), وبما أن البيوت كانت من الطين, فقد التهمتها النيران, كأنها تلتهم الورق المقوى, ووصلت إلى بيته بسرعة.‏

لم تتأخر سيارات الإطفاء, وخلال عدة ساعات أطفأت الحريق بخراطيم المياه, ولكنها أذابت البيوت الطينية, فاستوت بالأرض, وتحولت إلى كتل من الوحل. وهكذا, أنقذ جزء كبير من بيت (أبو مصطفى), ولم تلتهمه المياه ولا النيران.‏

في صباح اليوم التالي, وباكراً, ذهب أبو مصطفى إلى العمل سعيداً (وهي من اللحظات القليلة في حياته), لأن حظه في الحياة, قد بدأ يتحسن, حين قارنه بحظوظ الآخرين, الذين أصبحوا بلا مأوى.‏

Okba@ureach.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية