|
البلد لوجيا كانت السعادة تغمرني من كل الجوانب فاسم الصندوق لوحده يجعلك تعيش لحظات من الرفاهية في الخيال, وباعتباري أمتلك الرغبة في أن أعيش حياتي في البهجة التي يعيشها المواطن يومياً, قررت أن أسافر والسفر يقاس اليوم بالمدة الزمنية التي تحتاجها الرحلة وليس بالمسافة واسألوا من كان بالأمر خبيراً (سائقي التاكسي) إلى مقر الهيئة وأنا أستقل أحد باصات النقل الداخلي التي عادت لتزين شوارع دمشق كما تزين النجوم السماء والتي أعادت البسمة إلى وجوهنا, ظناً منا أنها ستوفر علينا تقديم فروض الطاعة والولاء لعلب السرفيس التي فرضت علينا طقوساً من التقديس أهمها أن ننحني إجلالاً عند الصعود والنزول. ولم يطل الانتظار حتى برز في الأفق باص الحكومة كما يسميه المنتظرون متهادياً, متبختراً منادياً لطفاً بشيخوختي, ولكن هيهات من السميع و من المجيب? فالناس على الموقف في هرج ومرج, منهم من أمضى ردحاً من الزمن في الانتظار, ومنهم من لم يجد وسيلة تقله, ومنهم من لا يعبأ بالآداب الاجتماعية. ويتدافع الجميع في سباق محموم, فمن أفلح في التطنيش والتدفيش, كان له الحظوة في الجلوس على مقعد,ومن لم يفلح عليه أن يمضي شوطاً وكأنه في حجرة غسالة أوتوماتيك يتدحرج أماماً وخلفاً. كل هذا وباص الحكومة يئن من ثقل ما يحمل من ركاب وهمومهم ومن إعلانات عن بضائع حتى بطاقة التذكرة الصغيرة أصبحت تحمل اسم (مؤسسة المصري العالمية) مشروع النقل الداخلي, وكما في أفلام السينما الأميركية (حبكة اللحظة الأخيرة) يطل بطل الفيلم ليصلح ما تم تخريبه فترى صفارات أفراد شرطة المرور تعلو صاخبة لتلغي إشارات المرور التي تعطل معظمها وخصوصاً في أماكن الازدحام التي أصبحت مزدحمة بسبب مسلسل الحفريات المكسيكي ألف حلقة وحلقة والذي سيرفع من شأننا عندما تصبح دمشق عاصمة للثقافة أي مزيداً من الرفاه الثقافي, ويطول الانتظار, وهكذا دواليك إلى أن تصل مبتغاك بعد مضي الوقت المحدد وبعد أن تمضي سحابة يومك وأنت تستمتع بالمسلسل المكسيكي وبطل اللحظة الأخيرة, ورحت أسأل نفسي ماذا سأكتب عن الرفاه الاجتماعي? والرفاه اليومي? وما هو مشروع النقل العالمي? وأين العالمية في التنقل من ساحة كفر سوسة إلى برزة? وأين سيصب مشروع الرفاه الاجتماعي? وعلى الأقل ما هو تعريف الرفاه الاجتماعي? |
|