تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الحـــرف واللــــون .. أصدقـــاء أوفيـــاء للطفـــل

مجتمع
الجمعة 4-10-2019
رنا بدري سلوم

«ذاكرة الأسماك ذاكرتهم» لا يدركون ما يدور حولهم قبل عمر الستة سنوات، «أفكار تحدثت بها إحدى الأمهات عن طفلها ذي الثلاث سنوات، غير آبهة باصطحابه إلى المكتبة وملامسته قصصاً أو تقليب صفحات كتب تناسب عمره الصغير، فهي لا تدرك أن تلك الفئة لها منهاجا مخصصاً يعلّم في رياض الأطفال.

في مشهد آخر شاهدته أثناء زيارتي القصيرة لمعرض الكتاب بدورته الحادية والثلاثين، أطفال بعمر الزهور يزورون الجناح المخصص لكتبهم وقصصهم، أتوا من روضتهم مع اختصاصية التربية النفسية وتعديل السلوك ريما جحجاح التي بينت أنه: « لا يمكن للتعليم أن يكون فعلاً إجبارياً لدى الطفل، إن أردنا تعليمهم ألف باء الحياة، ومن هنا كان لابد لنا كإداريين وتربويين من تسليط الضوء على كتب الأطفال بما تنتجه وما تخمّره في أذهانهم الصغيرة، وأهمية أن يتعلموا ليزيدوا من رصيدهم اللغوي والفكري والعقلي، فأتينا إلى المعرض بصحبتهم لنملأ زوادتهم بكتب وقصص تناسب مرحلتهم العمرية «.‏

من منا لم يقرأ مجلة «أسامة» وهو طفل صغير تشده الرسومات والألوان، وهي تتصدر معظم المكتبات الخاصة والعامة ولاتزال، لكننا اليوم لا ننشد إلى هذه الدوريات، ليس لسوء المضمون أو المحتوى لها بل لانشغالنا عن أطفالنا الذين تجذبهم الشاشات الالكترونية في الجوال والحاسوب ظنا منا أنها ستغني عن ملامسة كتاب وقراءة قصة لهم، فجف هذا النبع عند البعض وغابت الاشتراكات الشهرية عند الكثير من الأسر إما بسبب مادي أو تدني المستوى التعليمي والثقافي للأسرة وهو الاحتمال الأقوى!.‏

فلا شك أن مكتباتنا ذاخرة بكل ما يهم عالم الطفولة، وهنا يوضح «أيمن الزعبي « المسؤول عن دار السباعي لطباعة كتب وقصص الأطفال أن الكمية الضخمة التي تطبع من كتب الأطفال متخصصة، وتحرص على التعليم والتثقيف والتربية وتستهدف الأطفال حتى عمر الثامنة عشرة والتي تعد المرحلة الأخيرة من الطفولة، موضحاً أن الدار تطبع الكتب التفاعلية لأطفال صعوبات التعلم الذين لهم حصة كبيرة في هذه المطبوعات.‏

نعم، ليس الكتاب للأطفال الأسوياء وحسب بل هو حق لأطفال صعوبات التعلم أيضاً، وهو الأمر الذي لا يعيرونه اهتماماً معظم من يعلم هؤلاء الأطفال، توضح الاختصاصية النفسية وفاء شيحان وهي تعلّم في معهد خاص لتأهيل أطفال صعوبات التعلم: « تؤثر القراءة على دماغ الطفل، فتنمي فيه الجانب اللغوي وتطور قدرته على التخيل والتوقع، أما طفل صعوبات التعلم بحاجة إلى نوع خاص من الوسائل التعليمية حتى يكتسب المعلومة، وهو الكتاب «التفاعلي» الذي يتضمن أنشطة تعليمية وترفيهية في آن، والذي يشبع حواسه وينمي مهاراته بطريقة ملموسة ومحببة له، حيث يتفاعل الطفل مع المعلومات بعيداً عن الأسلوب التقليدي وهو ما يسمى التعلم عن طريق اللعب، فالكتاب التفاعلي يزيد التركيز والتواصل والحصيلة اللغوية والمعرفية التي هي الأساس.‏

وإن قلنا إن «الثمرة الجيدة دليل الرعاية»، تجد التربوية ريما جحجاح «أنه لا يمكن أن تروى تلك الثمرة إلا حين تتجذر بتربة صالحة وخيّرة، كذلك أطفالنا في مرحلة التحضيري أي من عمر الثلاث سنوات، مبينة أنه لا نريدهم أن يكونوا أمّعة نملأها بما يحلو لنا من أفكار ومبادئ، لقد اجتهدنا كي نعلم أطفالنا القراءة الجيدة في المدارس، لكننا نسينا أن نعلمهم حب القراءة، فالكتاب هو الصديق الوفي للطفل من خلاله يشاهد الصور المتنوعة ويزيد من دقة الملاحظة عنده ويجعله أكثر ذكاء لأن الطفل سيحاول الاستفسار عن بعض الأمور التي يشاهدها فالكتاب ينمي حب المعرفة ويقوي الذاكرة ومع الوقت يصبح الطفل أكثر اهتماماً بالقراءة».‏

القراءة بكل أشكالها «المسموعة والمرئية» هي متعة التجول في عقول الآخرين كما قيل، فكيف إن بنينا عقول أطفالنا بنور العلم وقداسة الحرف وصلاة اللون، بعيداً عن ضوضاء الشبكة العنكبوتية والعالم الافتراضي، التي خلقت أمراضاً نفسية واجتماعية جعلت من طفلنا المتلقي الصامت الذي لا يدرك ما حوله حتى ملامسته لأوراق الكتب المتينة التي خصصت لفضول يديه، ولا يعبر عن مشاعره ليتحول هو أيضاً إلى طفل من العالم الرقمي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية