تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أكبــــرمنتــــج نفطــــي في القــــارة الســــمراء

قاعدة الحدث
الخميس 26-1-2012
إعداد : عزة شتيوي

(إن نفط القارة السمراء بات يشكل مصلحة قومية استراتيجية بالنسبة الى الولايات المتحدة)بهذه الجملة التي قالها والتر كانشتاينر مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية

يمكننا الاستدلال على وصول قاطرة المخططات الامريكية إلى نيجيريا وتفعيلها في هذا البلد الذي يعد المنتج الأول للنفط في أفريقيا و الذي يحتل المركز الخامس في قائمة الدول المصدرة للنفط لأمريكا‏

حيث تستحوذ الشركات الأمريكية على أكثر من 7.4 مليارات دولار من الاستثمارات في القطاع النفطي النيجيري و تنتج نحو 2 مليون برميل يوميا يتوجه نصفها إلى الولايات المتحدة.‏

تخطط واشنطن لرفع صادراتها من النفط النيجيري إلى 1.4 مليون برميل يوميا ، ولذا فإنها تضغط على الحكومة النيجيرية للانسحاب من عضوية منظمة الأوبك والتي تخصص لنيجيريا حصة إنتاج تقدر بـ 1.7 مليون برميل يوميا ، وهو ما يسبب خسائر مالية لشركات النفط تتجاوز المليار دولار سنويا .‏

ورغم أن نيجيريا تتجاوز فعليا الحصة المقررة لها من الأوبك بأكثر من 300 ألف برميل يوميا ، إلا أنها رفضت الرضوخ للمطالب الأمريكية، وكشف وزير الإعلام النيجيري عن حقيقة الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على بلاده ، مؤكدا أن نيجيريا تعلم أين تقع مصالحها ، ولذلك فإنها لا تنوي الانسحاب من الأوبك. وهذا مدخل من مداخل التدخل الاميركي بالشؤون النيجيرية‏

كما الشركات الأميركية المحتكرة لاستخراج النفط النيجيري تسببت في مزيد من الاحتقان السياسي الذي تشهده هذه البلاد.‏

ويتوقع خبراء الطاقة الأميركيون وعلى رأسهم ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي السابق أن تقفز الواردات النفطية للولايات المتحدة من القارة الأفريقية من 15% في الوقت الحالي إلى 25% خلال الأعوام القليلة القادمة، وهو ما يوازي النسبة نفسها التي تستوردها واشنطن من نفط الشرق الأوسط.‏

وتنافس الدول الأوروبية أميركا على النفط النيجيري فمصالح الطرفين في مجال البترول والغاز الطبيعي بعيدة من التطابق والتآلف. فبريطانيا ترى أنها الأولى بالاستفادة من بترول نيجيريا لكونها كانت مستعمرتها لفترة طويلة يضاف إلى ذلك أن نيجيريا عضو في رابطة الكومنولث فضلا عن كون شل البريطانية العالمية شركة من أقدم الشركات وجودا في منطقة دلتا النيجر حيث آبار النفط النيجيري. وتذكر المصادر أن بريطانيا تعتمد على 10% من البترول النيجيري، وللذك سيظل اهتمامها بهذه المنطقة قائما. وقد قامت الحكومة البريطانية مؤخرا بتعزيز تواجدها الأمني مع نيجيريا‏

وبحكم كون نيجيريا واحدة من أكبر الدول الأفريقية إنتاجا للنفط وبحكم اعتزامها زيادة طاقتها الإنتاجية خلال السنوات القادمة بنسبة تصل 50%، يتضح قدر الاهتمام الذي توليه الولايات المتحدة والدول الأوروبية بهذا البلد، والذي يعبر عنه بعض الغاضبين النيجيريين من السياسات الغربية «بمزيد من التدخل في الشؤون الداخلية النيجيرية في المستقبل».‏

ويعزى عدم استقرار الأوضاع في قطاع العمال النيجيري إلى النفط، حيث يطالب هؤلاء النيجيريون الشركات الأجنبية العاملة في هذا القطاع -خاصة الأميركية- بتقسيم يحمل اقل دلائل المنطقية في توزيع النفط.‏

وتسبب الاضطرابات الناشئة عن سوء توزيع عائدات النفط النيجيري بعمليات نهب النفط نفسه وهي العمليات التي تتسبب في فقدان ما يقارب 10% من الإنتاج الكلي للنفط النيجيري.‏

وقد تسبب سوء توزيع عائدات النفط واحتكارها في أيدي فئة قليلة العدد مرتبطة المصالح بالشركات الأميركية إلى قيام العمال بإضرابات كثيرة، وقيام مسلحين نيجيريين بشن هجمات على أنابيب النفط وخطف رهائن من العاملين الأجانب في هذه الشركات، الأمر الذي جعل قضية النفط أحد مسببات الاضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد جنبا إلى جنب مع الإرث القديم من الاضطرابات العرقية والصراعات الدينية.التي لا تخلو اليد الامريكية منها فقد لعبت الشركات الأمريكية دورا في الاضطرابات الطائفية التي نشبت في الشمال النيجيري في العامين الماضيين وذلك من أجل الحفاظ على مصالحها النفطية ولا يبدو ذلك بعيدا عن سياسة اميركا تجاه معظم البلدان ، كما أنها دعمت بقوة سيطرة نيجيريا على المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ، محاولة في ذلك الاستفادة من بعد تلك الدولة المحورية في غرب أفريقيا عن فلك النفوذ الفرنسي .‏

وتضرب مجلة « تايم « الأمريكية مثالا على ذلك بنيجيريا التي صدرت ما قيمته مليار دولار من النفط الخام العالي الجودة خلال السنوات الـ 30 الماضية ولكنها لم تفعل شيئا للشعب باستثناء بعض الطرق وملاعب كرة القدم التي باتت بالية وبحاجة إلى ترميم..‏

من جهة أخرى يلعب الدعم العسكري الاميركي دوراً مهماً في حماية المقدرات النفطية النيجيرية ، حيث يؤكد التقارير والدراسات أن نيجيريا تعتمد على الولايات المتحدة وبريطانيا ، في تسليحها للحفاظ على نفطها ، وهو ما جعل الولايات المتحدة تقلق من حكم العسكر لنيجيريا ، ووجود بعض القلاقل في نيجيريا ، والتي اقتربت من الحقول النفطية‏

ويجد مراقبون ان الاطماع الغربية وفي مقدمتها اميركا حولت النفط في نيجيريا الى لعنة اكثر من انه نعمة ففضلاً عن الكارثة التي تحدثها «لعنة النفط» في نيجيريا والتي استقدمت الدول الغربية اليها إضافة إلى عدم المساواة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي فقددمرت البيئة في المناطق التي تعمل فيها الشركات النفطية الاحتكارية .‏‏

وهذا ما أكده التقرير الذي صدر عن برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة «يونيب» في 4 آب الماضي ، هو الأول من نوعه في نيجيريا ، ويستند إلى بحث علمي معمق استغرق سنتين ، حيث تحدث التقرير عن واحدة من أكبر الكوارث البيئية في العالم، في دلتا النيجر في نيجيريا جنوب شرق البلاد، وأوضح التقرير أن شركة شل الأميركية وشركات بترول أخرى قامت على مدار نصف قرن بعملية تلويث ممنهج وفشلت في تنظيف 1000 كيلو متر مربع من منطقة التي أدت إلى عواقب مدمرة على صحة البشر والحياة البرية بالكامل .‏‏

حيث بدأت شركة النفط الأميركية «شل» في استغلال النفط في دلتا النيجر عام 1956، ونظراً لتسرب النفط ، وحرق المواد النفطية ، فقد أسهمت شركة شل في إحداث أضرار جسيمة وبالغة الخطورة في نيجيريا ، ولكنها دأبت على إنكار ذلك لعقود طويلة ونجت بفعلتها ، مدعية أنها تعمل وفقاً لأفضل المعايير الدولية . ويقدم البحث الذي أجري بناء على طلب الحكومة النيجيرية ودفعت تكاليفه شركة «شل» أدلة لا تدحض على الأثر المدمر للتلوث النفطي على حياة الناس في منطقة الدلتا - وهي واحدة من المناطق الأكثر تنوعاً من الناحية البيولوجية في إفريقيا . ويفحص التقرير الأضرار التي لحقت بالزراعة وصيد السمك ، حيث دمر التلوث وســـائل العيـــش ومصـــادر الغذاء .وتتمثـــل إحدى أشد الحقائق خطورة التي ظهرت إلى العلن في حجم التلوث في مياه الشرب ، الذي عرض المجتمعات المحلية لمخاطر صحية جسيمة ، الأمر الذي أثار في النهاية غضـــب الشعب الأوغوني ، الذي يبلــــغ تعداد ســـكانه 800000 شخص .‏‏

وفي ضوء هذا التدمير المنهجي للبيئة ، تأسست (الحركة من أجل بقاء شعب الأوغوني) في عام 1990 ، وقامت بتنظيم عدة حركات احتجاجية للفت أنظار السلطات المحلية ، سرعان ما قمعت على الفور من قبل الحكومة العسكرية في ذلك الوقت ، التي دعمت شركة شل .‏‏

وقال مدير برنامج القضايا العالمية في منظمة العفو الدولية أودري غوفران ، الذي أجرى بحوثاً حول آثار التلوث في الدلتا على حقوق الإنسان ، إنه «يتعين على شركة شل أن ترفع يديها استسلاماً ، وأن تواجه الحقيقة التي تؤكد أنها يجب أن تعالج الأضرار التي تسببت بها . وأن محاولة الاختباء خلف أفعال الآخرين ، في الوقت الذي تعتبر فيه هذه الشركة أقوى فاعل على المسرح ، لن ينجح في غسل ذنبها . ولن يكون هناك حل للتلوث النفطي في دلتا النيجر ما دامت شركة شل مستمرة في التركيز على حماية صورتها على حساب الحقيقة وعلى حساب العدالة ».‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية