|
قاعدة الحدث حيث يأتي 80 % من عائدات البلاد من النفط، وتنتج نحو 2.4 مليار برميل يومياً، إلا أن الحكومة ارتأت في الأول من كانون الثاني إنهاء الدعم عن هذه السلعة، التي أنفقت أكثر من ثمانية مليارات دولار لدعمها خلال العام 2011، لتنفقها على الصحة والتعليم وقطاع الكهرباء،
ولكن يعتقد الكثير من النيجيريين أن هذه الأموال ستذهب إلى جيوب المسؤولين الفاسدين، ويقول خبراء اقتصاديون «أن إنهاء الدعم للوقود مهم للبلاد لكي تتمكن من تحسين البنى التحتية، وتخفيف الضغط على احتياطاتها الأجنبية» . احتجاجات كبيرة عمت أرجاء البلاد ونزل الآلاف إلى الشوارع اعتراضاً على هذا القرار وإعلان إضراب عن العمل، لأن إنهاء الدعم تسبب بارتفاع أسعار الوقود، فسعر البنزين ارتفع أكثر من الضعف من 0.04 إلى 0.93 دولار للتر، إضافة إلى ارتفاع أجرة المواصلات، كما يخشى ارتفاع أسعار الأغذية، حيث يرى الفقراء المحتجون الذين يعيشون على أقل من دولارين يومياً، أن الوقود المدعوم من الحكومة هو الميزة الملموسة الوحيدة التي يحصلون عليها من دولتهم الغنية بالنفط، كما أنهم لا يثقون بالحكومة بعد سنوات من الفساد. وشهدت أيام الإضراب تظاهر الآلاف في الشوارع ووقوع مصادمات مع الشرطة أدت إلى مقتل عدة أشخاص، الاحتجاجات شملت لاغوس أكبر المدن النيجيرية، وكذلك في كانو أكبر مدن الشمال، ما دفع السلطات لفرض حظر للتجول لمدة 24 ساعة في ولاية نيجر بعد وقوع الاضطرابات هناك، ولا يزال حظر التجول سارياً على ولايات أخرى مثل كانو، وزمفارا، وبورنو، وأويو، وألقى متظاهرون نيجيريون الحجارة والزجاجات على الشرطة، التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع، وإطلاق العيارات النارية في الهواء بينما كان المتظاهرون يحاولون اقتحام مكتب حاكم مدينة كونو في شمال البلاد، وقالت تقارير إن المتظاهرين أحرقوا سيارتي نقل صغيرتين وحاولوا إشعال النار في منزل لاميدو سونسي محافظ البنك المركزي النيجيري في «كانوا»، وخرج الآلاف إلى شوارع العاصمة الاقتصادية «لاغوس» وسط مخاوف من تصاعد التوتر بعد اتهام السلطات باستخدام القوة المفرطة وقتل متظاهر خلال الاحتجاجات، وقال موسى عبد الله المسؤول بالصليب الأحمر في «كانو» لوكالة فرانس بريس إن 14 شخصاً أصيبوا بالرصاص أو الضرب في الصدامات مع الشرطة، وأضاف :إن بعض هؤلاء أصيب خلال مروره مصادفة بأماكن الصدامات بين الشرطة والمتظاهرين. حذر اتحاد عمالي في صناعة النفط والغاز في نيجيريا من أنه سيوقف كل أنواع الإنتاج ما لم تتراجع الحكومة عن قرارها، ومن المتوقع أن يلتقي قادة الاتحاد العمالي بالرئيس النيجيري غودلاك جوناثان في وقت قريب، وذلك للمرة الأولى منذ بدء الإضراب عن العمل، ويقول مؤيدو إلغاء الدعم «إنه لا يفيد سوى الطبقتين الثرية والمتوسطة على حساب الفقراء، ويغذي الفساد، ويحوّل مليارات الدولارات من الأموال العامة إلى مجموعة من مستوردي الوقود». الأمر الذي دفع مجلس النواب النيجيري لعقد اجتماع طارئ، ووافق على اقتراح بدعوة الحكومة إلى إعادة الدعم للوقود للسماح بفترة أطول لإجراء مشاورات حول هذه المسألة. ونقل مراسل بي بي سي في مدينة لاغوس النيجيرية مارك لوبل عن نقابتين رئيسيتين مشاركتين في تنظيم الإضراب أن نحو ثمانية ملايين نيجيري سيضربون عن العمل، وقال المؤتمر العمالي النيجيري والنقابات العمالية: «إن الإضراب سيستمر إلى (أجل غير مسمى) على غرار الإضراب الذي أدى إلى شلل الحياة في معظم أنحاء البلاد عام 2003»، ومن المتوقع أن ينضم عمال النفط والعاملون في مجالات عدة سوف تتأثر بإلغاء الدعم إلى الإضراب، وقالت النقابات في بيان مشترك: «نأمل ونصلي أن يستمع الرئيس جودلاك جوناثان للصوت العالي للشعب النيجيري بالوقف الفوري لزيادات أسعار الوقود». الرئيس جودلاك جوناثان دافع عن قرار رفع دعم الوقود قائلاً: «يجب أن نعمل من أجل المصلحة العامة، بغض النظر عن قسوة القرار الذي نتخذه لأن آلام اليوم لا يمكن مقارنتها بمكاسب الغد». تأتي هذه الاضطرابات في نيجيريا في الوقت الذي يحاول فيه رئيس البلاد التصدي لموجة جديدة من العنف الطائفي التي اندلعت مؤخراً بين المسلمين والمسيحيين، حيث شهدت مادالا إحدى ضواحي العاصمة اعتداء دامياً يوم الميلاد، تبنته جماعة «بوكو حرام» الإسلامية المتهمة بقتل مئات الأشخاص في نيجيريا. وكان قد أعلن الرئيس النيجيري عن حالة الطوارئ في ولايتي يوب وبورنو الواقعتين شمال البلاد، وفي ولاية بليتو في الوسط، وولاية النيجر في الغرب، وذلك ردَّا على أعمال العنف العرقية والطائفية التي شهدتها تلك الولايات مؤخَّراً، وقال جوناثان في كلمة وجهها عبر التلفزيون الحكومي إنه قرر أيضاً إغلاق الحدود مع الدول الأخرى في المناطق التي تشملها حالة الطوارئ كإجراء مؤقت يهدف إلى معالجة التحديات الأمنية الحالية، وكان جوناثان قام بزيارة لموقع كنيسة «مادالا» الكاثوليكية بالقرب من أبوجا والتي قتل فيها 44 شخصاً نتيجة للتفجير وقال جوناثان خلال زيارته إن التنظيم تأسس كمجموعة غير خطيرة في ولاية بورنو (شمال) وتفشى كالسرطان، ويريد قتل نيجيريا لكن لا أحد سيسمح بذلك. قالت الشرطة النيجيرية إن مسجداً ومدرسة دينية في مدينة بينين جنوبي البلاد قد هوجما وأحرقا رداً على تفجير الكنيسة، بينما أكد مصدر في الصليب الأحمر النيجيري لبي بي سي أن الهجوم أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة عشرة بجروح، ويأتي هذا الهجوم عقب هجوم آخر تعرض له مسجد في المدينة، وقالت الشرطة إن سيارتين قد أحرقتا أيضاً في المجمع الذي يضم المسجد والمدرسة الدينية، وأضاف إن مجموعة من الشباب هاجمت بعد ذلك كنيسة في مدينة جوساو عاصمة ولاية زامفارا الشمالية، وقد ألقت الشرطة القبض على 19 منهم. وهذه هي أحدث حلقة في دوامة من العنف الديني، حيث يذكر أن 29 شخصاً قتلوا خلال الأيام الماضية في موجة جديدة من أعمال العنف استهدفت المسيحيين، وسقط 17 قتيلا في موبي حين فتح مسلحون النار على قاعة كان مسيحيون يجتمعون فيها، كما قتل عشرة آخرون في يولا عاصمة اداماوا في هجوم على كنيسة وصالون لتصفيف الشعر، وأعلنت جماعة بوكو حرام الإسلامية المتشددة مسؤوليتها عن الهجمات، يذكر أن التنظيم قد قتل أكثر من 500 شخص خلال العام المنصرم، منهم 37 شخصاً قتلوا خلال أعياد الميلاد نتيجة لتفجير عدد من الكنائس. وألقى «وولي سوينكا» - الكاتب النيجيري الحائز على جائزة نوبل - باللائمة لتصاعد العنف في الأشهر الأخيرة على الزعماء السياسيين الذين يضعون أديانهم ومعتقداتهم فوق المصلحة الوطنية، وقال إن الوضع الراهن في نيجيريا لا يختلف كثيراً عن الأوضاع التي سادت قبيل الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد أواسط الستينيات عندما أعلن إقليم بيافرا الانفصال. قال الرئيس النيجيري إنه يعتقد للمرة الأولى بوجود متعاطفين داخل حكومته مع جماعة «بوكو حرام» الإسلامية التي تُوجَّه إليها أصابع الاتهام بالوقوف وراء موجة العنف التي تعرَّضت لها البلاد مؤخَّراً، «بعضهم موجود داخل الذراع التنفيذية للحكومة، وبعضهم في الذراع التشريعية (البرلمان)، بينما البعض الآخر في سلك القضاء»، وأضاف: «البعض منهم موجود أيضاً في القوَّات المسلَّحة وفي الشرطة والأجهزة الأمنية.» ولم تكن الأحداث الدموية الأخيرة هي الأولى من نوعها، فقد شهدت البلاد على مدى السنوات الماضية صدامات أعنف وأشد، بينما لا تزال أسباب اندلاعها قائمة، كما يلعب البعد العرقي دوراً كبيراً في تنامي جماعة بوكو حرام، حيث تتشكل نيجيريا من قبيلتين كبيرتين، هما الهاوسا في شمال البلاد، وأغلبهم مسلمون، وقبيلة الإيبو، وغالبية أفرادها مسيحيون، وكثيراً ما تحدث اشتباكات دينية وعرقية بين القبيلتين. ومنذ انتهاء النظام العسكري عام 1999 قدرت منظمات حقوقية عدد ضحايا العنف الطائفي بنحو 13500 قتيل، لكن المسؤولين عن تلك الجرائم لم يلقوا أي عقاب. |
|