|
دراسات وأثبتت الوقائع خطأه وسوء مقصد من يرددونه. ولطالما سعت أميركا والغرب منذ الستينيات من القرن الماضي لمنع التقاء الدول ذات الثقل الاقليمي من سورية إلى مصر إلى العراق لأن التقاء هذه الدول يعني الضرر الكبير بالمصالح الاميركية والغربية. الآن خرجت الدول العربية بأغلبيتها من المعادلة بعد سلسلة عمليات «الكورتاج» السياسي قامت بإجرائها أميركا وزرعها في الشرق الأوسط وحلفائها في الغرب، أما دول النفط المنزوعة السيادة فبدأت منذ زمن بتنفيذ استقالتها من الصراع العربي-الصهيوني، ولم يبق إلاّ سورية التي تمثل بجغرافيتها الجوهرة التي لايمكن الاستغناء عنها ليوم واحد في العالم لأهميتها كتقاطع مروري عالمي يشكل مصاطب متعددة لقلب العالم، ولأنه عندما تستطيع أميركا والغرب تقسيم سورية، فهذا يعني الزيادة الهائلة في قدرة أميركا والغرب على ضبط ايقاع العالم الأوسط والشمالي والأدنى. وستكون لأميركا والغرب التابع لها أذرع عدة عبر قواعد استراتيجية على جغرافية سورية تسمح لها بمراقبة وردع كل من تركيا نفسها وروسيا وإيران والعراق والأردن والخليج وباب المندب والطرق البحرية والبحر المتوسط... سورية تعيش مخاضاً عسيراً، وقد تحدث كل محبي سورية، والعارفين بأهمية موقعها العربي عن ضرورة وقف العنف واراقة الدماء على أرضها الطيبة، ودعوا إلى حوار وطني جدي من أجل التغيير السلمي والإصلاح المتدرج الهادىء من غير مواجهات ولا عنف، وكان حرياً ببعض الدول العربية التي تدعي حرصها على الشعب السوري أن تقف على الحياد فيما يخص الحراك الداخلي السوري أو التدخل الأخوي لصالح الحوار والمصالحة، وليس ببيانات تسيء لسورية وتفتح الباب للتدخل الخارجي كما فعلت مع ليبيا ومن قبل مع العراق الشقيق. إن هناك فارقاً كبيراً بين أن تنتقد أداء الحكومة في معالجة الأزمة الراهنة، وهو نقد ينطلق من حرص على أمن وسلامة الوطن السوري ووحدة أراضيه، وبين بيانات تشوه سمعة البلد وتعطي المستعمرين الجدد الفرصة للتدخل في شؤوننا الداخلية. وثمة تساؤل منطقي يرتبط بديمقراطية هؤلاء: هل بلادكم ونظمكم تتمتع بديمقراطية أو حتى بها أحزاب تعمل في السياسة وتنتخبون ممثليكم وغير ذلك من شؤون الحكم العصري، أم تحكمكم عائلات ونظم قروسطية متخلفة؟! |
|