|
تقارير إلى أقصى درجة ممكنة، فهذا البلد الذي لاتتجاوز مساحته 0.12400 من مساحة العالم، والذي لايتجاوز عدد سكانه 0.29900 من اجمالي سكان العالم، تمكن من بلوغ مواقع متقدمة على سلم إنتاج الكثير من السلع الغذائية،
وتحقيق أمنه الغذائي بكفاءة أذهلت الكثير من الاقتصاديين والمختصين حيث بلغت سورية المرتبة الرابعة عربياً في إنتاج البيض، واحتلت المركز ذاته بإنتاج لحم الدجاج، والمركز 39 من بين 239 دولة في العالم في إنتاج البيض والمركز 48/237 بإنتاج لحم الدجاج.. وتطول القائمة لتشمل محاصيل ومنتجات زراعية كثيرة.. في حين يعاني 914.647.334 نسمة حول العالم من سوء التغذية. الدعم الذي تقدمه الحكومات لقطاعات إنتاجية محددة، يعكس الأهمية الاستراتيجية لتلك القطاعات في عملية التنمية الاقتصادية للدولة.. ويكتسب الأمر خصوصية عندما يتعلق الموضوع بدعم قطاعات إنتاجية تساهم بتوفير الأمن الغذائي للسكان، واليوم حيث تتبوأ سورية مواقع متقدمة على المستوى العالمي في إنتاج الكثير من السلع الزراعية فإن دعم القطاعات الإنتاجية أخذ صورة واضحة من الدعم المالي المباشر لكثير من الحاصلات وشمل ذلك الدعم القطاعين النباتي والحيواني. تساهم منتجات الدواجن السورية بـ 43٪ من إجمالي استهلاك المواطن من اللحوم كما يشكل بيض المائدة مصدراً رخيصاً للبروتين الحيواني.
إلا أن دعم قطاع إنتاج منتجات الدجاج والمهدد بالتوقف الفعلي نتيجة ظروف عديدة لعل أهمها التخلي من الناحية العملية عن القطاع وغياب الاستراتيجيات للتعامل معه والتي تكشف سياساتها عن غياب بعدين أساسيين هما انعدام التنظيم وفقدان النظرة المستقبلية لدور القطاع، إضافة إلى إلغاء الدعم لمستلزمات الإنتاج، وفرض رسوم على صادراته الوطنية، وإلغاء دعم أسعار الفائدة على القروض الزراعية مما سبب زيادة في التكاليف، وتعثر الدعم الموعود والذي يتراوح بين طموح وزارة الزراعة بصرف الدعم النقدي الذي وعدت به منذ نيسان 2011 وتعليمات رئاسة مجلس الوزراء لصرف الدعم عينياً على هيئة أعلاف رغم أن هذا التوجه سوف يعطل أو يؤخر عملية الدعم تلقائياً نتيجة ظروف موضوعية تتعلق بآليات وطرائق عمل المؤسسات المعنية بتنفيذ توجهات رئاسة مجلس الوزراء، وحاجتها إلى مزيد من الوقت للدخول في عملية الدعم، فضلاً عما يحمله دخولها في هذا الإطار من مغامرة تجارية تتمثل بعدم استقرار الأسعار العالمية للأعلاف، في حين يتطلب إنقاذ القطاع اتخاذ خطوات استثنائية تساهم في إعادة العاملين بالقطاع والذين توقفوا عن الإنتاج (بفعل ماتعرضوا له من خسائر متراكمة خلال السنوات السابقة نتيجة ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج وانخفاض أسعار مبيع المنتجات) إلى العمل والإنتاج، والمطلوب حالياً أكثر من الدعم النقدي المباشر كما يؤكد السيد حكمت حداد عضو اللجنة الرئيسية للدواجن في اتحاد الغرف الزراعية السورية، حيث يطالب منتجو الدواجن بمنحهم قروضاً مالية لمدة خمس سنوات دون فوائد كي يتمكنوا من شراء صيصان التربية والأعلاف ومستلزمات الإنتاج الأخرى، وتسهيل حصولهم على المحروقات لزوم التدفئة والأعلاف والأدوية البيطرية، ورفع كفاءة أجهزة الرعاية البيطرية في مجال التحري عن الأمراض والأوبئة الحيوانية، وكذلك إعفائهم من الضرائب والرسوم التي تضم 12 نوعاً من الضرائب والرسوم يتكبدها مربو الدواجن لمدة خمس سنوات، والعمل على مد يد العون إلى المربين الذين تعرضت عنابر تربية الدجاج لديهم للسقوط بريف دمشق بفعل الثلوج العام المنصرم، ولم يتمكنوا من إعادتها للاستثمار نتيجة عدم توفر المال اللازم. إن عدد أمات الدجاج البياض الواردة إلى القطر عام 2011 توازي نحو 23٪ فقط من واردات البلاد منها عام 2010 وتوازي 16،6٪ من العدد الوارد سنوياً لمتوسط ثلاث سنوات سابقة، وهذا الواقع ينذر بانحسار بيض المائدة عن السوق المحلية بشكل كبير خلال العام الجاري ويتحول بالبلاد من مصدّر إلى مستورد لبيض المائدة. إن الأداء غير الرشيد في التعامل (مع قطاع اقتصادي يعتبر مكوناً مهماً من مكونات الأمن الغذائي) كانت ومازالت سيدة الموقف، وإذا كانت هذه العناصر قد انتقلت بسورية من مصدّر للأغنام إلى مستورد نشط للحوم الحمراء، فإنه إن لم يتم تدارك الموقف حالاً ورفع درجة الأداء في تنظيم وإدارة القطاع وتلبية مطالب المربين فإنه علينا توقع الأسوأ والاستعداد لتسديد فاتورة مستوردات غذائية جديدة ترهق كاهل الاقتصاد الوطني وفقدان أسواق تصديرية إلى غير رجعة وكذلك استقبال أفواج من العاطلين عن العمل، مع الإشارة إلى أن قطاع الدواجن يعتبر من القطاعات الفريدة التي تدعم مالياً وبشكل مباشر مؤسسات الدولة للتدخل الإيجابي في ضبط الأسواق. وإن المطلوب من الجهات المعنية وبشكل عاجل تلبية طلبات المربين وقبل فوات الآوان لعلنا نتمكن من إنقاذ قطاع طالما عملنا سنوات طويلة على بنائه وتنميته، وكي لانتحمل مسؤولية مباشرة عن انهياره علماً أن نداءات واستغاثات المربين انطلقت منذ سنوات وبكافة الاتجاهات وما من مجيب.. |
|