تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سمعية أم مرئية النكتة  هي .. هي .. ؟

فضائيات
الأحد 7-3-2010م
لا لزوم .. إطلاقاً .. لغطاء كوميدي من النوع الدرامي المسلسلاتي .. ولا حاجة للقطات تمثيلية (آخدة موقف ) .. من جهة .. من طرف .. أياً كان .. شبيهة دراميات ( إربت تنحل أو بس مات وطن ) ، كما لا داعي لفبركة أفكار أو حبكات تعتمدها كوميديا ( الموقف ) ..

فالحل لدى محطات (mtv-otv-lbc   ) يأتي من (قريبو ) وبأبسط التكاليف ، من حيث تقديم الضحك وعدم الإجهاد والاجتهاد في إعمال الخيال لاختلاق الفكاهي والمسلّي .‏

أبسط شيء يأتي على طريقة برنامج( أهضم شي) الذي بدأت منذ فترة قريبة محطة (  mtv )عرضه ، بتقديم الإعلامية ميراي مزرعاني .‏

لايشذ ّ هذا البرنامج عن قافلة نوعية برامجية أطلقت مؤخراً في سماء الفضاء العربي ، إذ سبقه  كل من ( لول – otv ) و ( كلمنجي – LBC )، جميعها تهدف سرد النكات وصولاً لإضحاك المتفرّج .‏

تختصر هذه الفضائيات على حالها .. وعلى متابعيها ..  غايتها واضحة .. بسيطة .. سهلة .. ولا حاجة لشرح أو تفنيد أو تخطيط ، سوى التخطيط  لكيفية عرض وقول ( النكتة ) . هكذا تمسخ دراما ( الكوميديا ) إلى مجرد ( نكتة ) على الرغم من عدم استغناء برنامج ( أهضم شي ) عن وجوه فنية لها أدواتها المجدية في الضحك والإضحاك .‏

ولهذا يستعين ( أهضم شي ) استحضاراً لهضامة خفيفة الظل ، بشخصيات مزوحة .. ذات كاركتر ينسحب خفّة ً حدود الكاريكاتورية ..‏

فحتى إلقاء النكتة تجعل منه هذه البرامج فنّاً له أهله وذووه .. وهم في ( أهضم شي ) الممثل نبيل عساف ، وليليان نمري التي ظهرت في أكثر من برنامج له ذات الغاية .‏

يحضر الاثنان بوظيفة محددة وهي القيام بدور( الطيّب أو الحمّيّس ) ، يلقيان النكات أولاً وكما لو أن الغاية من وجودهما تشجيع بقية الضيوف على  إلقاء المزيد ثم المزيد .. حتى ( تدعس رجلهم  وياخدو على الجو ) ..‏

وبصراحة ..‏

لا يحتاج هؤلاء لكثير من الوقت حتى يصبحوا ضمن ( الجو ) الذي يعتني البرنامج ويجتهد خلقاً له .. وليصل فريق العمل بغاية ( الضحك ) ليس إلى الإضحاك إنما ( التضحيك ) على وزن تفعيل .. صيغة تخبّئ معنى الإجبار والإكراه ..‏

هنا رواية النكتة تنقلب من هيئة سمعية إلى أخرى مرئية .. تُقولب بصرياً .. عبر تعبئة المشهد - كادر الكاميرا- بلقطات لجميع من في الاستوديو  تُظهر ردود أفعالهم ( الفارطة )..تنتفخ أوداج بعضهم وتحمرّ وجوههم لا غضباً إنما حماساً واستجابةً لعرض فكاهة أو تفكّه البعض .‏

  غالبية ضيوف ( أهضم شي ) هم من أهل الفن والإعلام ، أناس اعتادوا الكاميرا .. ألفوا مجالستها .. ولهذا يأتي إخبارهم النكتة أشبه إلى تمثيلها .. إضافة حركات وغمزات .. إلباسها لبوساً ( إيمائياً ) .. كما حاول كل من طوني أبي كرم و ماي سحاب ، الممثلان اللذان اكتسى إلقاؤهم  نكات أبعاداً تمثيلية ..‏

محاولات قلب المسموع إلى مرئي ترافقت في البرنامج بإضافة جانب مسابقاتي  .. فالضيوف ينقسمون إلى فريقين يتباريان على من منهما صاحب النكت ( الأظرف والأهضم ) .. وتقود ميراي مزرعاني هذه المباراة ( النكتجية ) ولها أن تستخدم جرساً إيقافاً لتلميحات قد تخدش سمع المشاهد أو بصره ..‏

ولكن ألا تجدون أن مجرد فكرة وجود الجرس .. تدخل البرنامج وصولاً لنوع من الإثارة والتشويق .. هو يمنح الإيحاء بمرور الفاضح والمبتذل ، سمعناه أم لا .. وبالتالي نشر وإطلاق حالة لاتصحّ فيها (التلفزة ) بحجة العفوية ونقل الواقع كما هو، ومنح الناس التصرّف على سجيتهم .. ذلك أن ملامسة رغبات حمراء تخرج عن هدف الإضحاك إلى غايات أخرى ، ليست من مهام برامج تسلوية ترفيهية كما يُفترض .     ‏

بكل الأحوال ..‏

في (أهضم شي ) جرعات .. ونوبات ضاحكة ينجح البرنامج بتقديمها حتى لو كانت معروفة وقديمة .. لكن السؤال الأهم الذي تطرحه هذه النوعية التلفزيونية التي تتحرر نهائياً من طابع ( التسييس ) .. فتبدو كردود أفعال هاربة من برامج ( التوك شو ) السياسية ، وما نجم عنها من كوميديا الموقف الناقدة .. تحت مسمّى ابتكار الجديد ومواجهة حيرة أصحاب الشركات الإعلامية الكبرى ..‏

 يبقى التساؤل ..‏

إلى أي درجة يُسمح بتلفزة أي شيء تقع عينا الكاميرا عليه أو يخطر في بال القائمين على إدارة هذه الكاميرا .. محوّلين التلفزيون إلى آلة ضخمة تلتهم أي أمر حياتي ، وكل تفصيل يومي عادي .. واقعةً في فخ الاستهلاكي والذي مهما غُطي بقشور جديدة سرعان ما تحترق جميع أوراقه.. ‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية